بيوض وبيض!!

عادل محمود - الوطن
من حق راشقي البيض على وجوه معارضة سورية... صنع «العجة» بالطريقة التي يريدون، ولكن ثمة ثغرة مهنيّة في هذه الطبخة... إفساد المائدة! أول احترام واجب... هو للسن إذا كان الراشقون من أسرة تربيتها إسلامية!

 

ثاني احترام هو لموقف المرشوقين النبيل الذين عضوا على جراحهم، وتنازلوا عن فكرة الثأر من نظام بالغ في إيذائهم، سجناً وتنكيلاً ومنفى. ففضّلوا العمل على إنقاذ البلد بدلاً من تكسير الكراسي، وتهديم الدولة... إذا كان الراشقون من جماعة إسقاط النظام بأي ثمن!
 

ثالث احترام هو لسورية الحديثة المدنية التي يسعى الجميع إلى تأثيث مستقبلها بمفروشات العيش المشترك في ظل العدالة والسلام والديمقراطية... أي احترام خيارات الآخرين وموقفهم... إذا كان الراشقون من جماعة سورية المتعددة والمتنوعة والمتنورة!
 

وثمة احترام أخير لآلام هؤلاء في غياهب السجون... عندما كان سجنهم والتنكيل بهم لا يحرّك أحداً، ولا يجرؤ فينزل خمسة أشخاص حتى من عائلاتهم إلى الشارع احتجاجاً على ظلمهم، حين كانت عزلتهم بالغة الوحشية، والاستفراد بهم من منسيّات السوريين جميعاً... وعندما خرجوا إلى الحياة لم يلوموا أحداً... بل ضّيفوا زائريهم بيضاً مسلوقاً، ولوبيا بالزيت، وبندورة بلدية!
 

قد يكون بين راشقي البيض أحد أبناء الذين كانوا في السجن... والطبيب الذي داوى جراحهم هو د. عبد العزيز الخيّر... أو الدكتور فايز الفواز اللذان لطخهما بيض الاحتجاج أمام الجامعة العربية، قد يكون ميشيل كيلو، بروحه المعنوية العالية، قد ساعد أحد هؤلاء على التخلص من دودة فقدان الأمل.

ولا ننسى الآخرين ممّن رأيناهم يُضربون... تماماً بنفس الأسلوب الذي تحتج الدنيا على ممارسته من النظام الذي يريدون إسقاطه!
 

ثلاثة أجيال موجودة تحت القصف بالبيض. من جيل مقاومة الانفصال في الستينيات إلى جيل مقاومة النظام السوري في العشريات اللاحقة، حتى يومنا هذا!
 

ليس ما حدث حماقة، ودم شباب، وهيجاناً ثورياً... إنه تعبير عن الخلاف والاختلاف في التاريخ الشخصي لكل واحد. وفي الموقف من الحاضر والمستقبل.
 

إنه مسوّدة الوعد بالطريقة القادمة لإدارة الخلاف.
 

المعارضة نموذج بديل... للنظام. فما الذي سنراه لاحقاً. إذا استمر الخلاف على التمثيل؟ التمثيل للشعب، أو التمثيل به!
 

أحدهم قال: «رأيت ذبابة... حامت كثيراً فعلمتُ أنني جثة!» اليوم لم نعد بحاجة إلى الذباب للدلالة على الجثث... إنها متوافرة بغزارة... ولا نريد المزيد. فليبحث الجميع عن أفضل طريقة اختراع لاقتصاد الجثث!