تأجيل منع «مبارك» من التصرف فى أمواله إلى الثلاثاء

 

شهدت قاعات مجمع المحاكم في القاهرة يوماً تاريخياً، ففي إحدى قاعاتها كان القاضي ينظر قرار منع الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته من التصرف في أموالهم، وفي قاعة أخرى كان قاض اخر ينظر أولى جلسات محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق.

وعقدت الجلستان تحت حراسة أمنية مشددة، بمشاركة نحو ٥٠ سيارة شرطة و٣ آلاف جندي، وعدد كبير من عربات وجنود القوات المسلحة.

وقررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل نظر قرار النائب العام، بمنع الرئيس السابق وعائلته من التصرف في أموالهم إلى بعد غد الثلاثاء، والسماح لدفاع مبارك بالاطلاع على أوراق القضية. وقال فريق دفاع من مكتب الدكتور محمد حمودة إن لديه توكيلاً بالدفاع عن الرئيس السابق، لكنه سيحسم قراره بعد الاطلاع على الملفات، وإذا تأكد من وجود تهمة الفساد والتربح وإهدار المال العام سيتخلى عن القضية.

فى سياق متصل، تابعت نيابة الأموال العامة تحقيقاتها في قضايا الفساد، وجمع التحريات في القضية المتهم فيها كل من أحمد نظيف، ويوسف بطرس غالي، وحبيب العادلي، بتقاضي رشاوى من شركة ألمانية مقابل إسناد توريد اللوحات المعدنية للسيارات إليها.

وذكرت التحقيقات أن أحمد المغربي وزهير جرانة، وزيري الإسكان والسياحة السابقين، خصصا لرجل الأعمال حامد الشيتي ٦ ملايين متر بالساحل الشمالي مقابل دولار واحد للمتر، رغم أن السعر المحدد ٥٠ دولاراً، كما حصلت النيابة العامة على مستندات تثبت تخصيص محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، أراضي لشركات بعينها.

  

وقد وقف عدد من الضباط والقيادات الأمنية في وزارة الداخلية بمشاركة قوات الأمن المركزي لتأمين أولى جلسات محاكمة وزيرهم السابق حبيب العادلي، وقفوا منذ الساعات الأولى من صباح أمس، يوزعون التشكيلات الأمنية ويشرفون على تأمين المنطقة كإجراء يتم تنفيذه أثناء نظر أي قضية رأي عام متهم فيها شخصية عامة.

ووقف الضباط والحيرة والتعجب يملآن عيونهم وهم ينتظرون المشهد الأشهر في حياتهم، وزيرهم السابق، الذي كان يتولى زمام الأمور في الوزارة سيظهر أمامهم، متهماً في قضية تربح وغسل أموال، وزيرهم الذي كان صاحب الأوامر منذ شهر تقريباً يقف أمامهم ليتلقى أوامرهم بالصعود أو النزول في الوقت الذي يحددونه من سيارة الترحيلات.

وعلى مسافة أمتار من مدخل المحكمة، وقف أحد الضباط برتبة ملازم أول في قوات الأمن المركزي ينشر الجنود بطول الطريق لتأمين المحكمة، ومنع أي شخص من الدخول قبل تفتيشه، يطلب من الجنود الوقوف بقوة وعدم التهاون وهو يقول لهم: «ده الوزير اللي جاى يا ابني انت وهوه» ليرد أحد المجندين بصوت خافت: «يا باشا خلاص ده مبقاش الوزير بتاعنا ده بقى متهم».

المشهد كان هادئاً حتى جاءت الأخبار لدى الضباط من خلال أجهزة اللاسلكي أن العادلي في الطريق، ليبدأ الجميع في التأهب لمشاهدة المنظر الذي لم يفكروا للحظة واحدة أنهم سيشاهدونه يوماً ما، وزيرهم يخلع بدلته الأنيقة ويرتدي الملابس البيضاء لاتهامه في قضية ما.

«عمري ما كنت أتخيل أن أشاهد العادلي متهماً»، هكذا قال عميد في مديرية أمن حلوان، ويواصل: «قابلته مرة واحدة من قبل، كان وقتها في أحد الاحتفالات بعيد الشرطة ووقتها كنت سأحصل على شهادة تقدير منه، لم أنظر إليه إلا لحظة وقت تسلمي الشهادة خوفاً منه، كنت أخشى أن يحدث شىء ما مني يغضبه، ولكن اليوم كان المشهد مختلفاً، حيث كنت المسؤول عن تأمينه لحظة وصوله ودخوله المحكمة بالأسفل.. لم أتخيل ذلك المشهد، ولكن دون خوف تلك المرة نظرت إليه بعمق ولم أخش منه لأنني أعلم أنه متهم وأنا ضابط وأنا المسؤول عن إعطاء الأوامر له وليس هو».

داخل القاعة كان المجندون الذين يقفون أمام القفص، يعطون ظهورهم له، لكنهم كانوا ينظرون إليه خلسة، يخشون أن تقع أعينهم في عينيه، ضباط كثيرون وقفوا في الجلسة، ربما لم يهتم أحدهم بوقائعها، حيث كانت أذهانهم تتعلق بصورة العادلي.. أين كان قبل شهر واليوم أين هو!

وكان المئات من أهالي الشهداء بجوارهم عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين وكاميرات القنوات الفضائية المصرية والأجنبية، يقفون خارج المحكمة, مطالبين بدخولهم إلى قاعة المحكمة لحضور محاكمة العادلي، وعندما منعهم رجال الأمن من الدخول رددوا هتافات منها «الشعب يريد إعدام السفاح.. حبيب العادلى ظالم.. الصحافة فين أهالي الشهداء أهم».

وحضر حبيب العادلي، وزير الداخلية السابق، وسط حراسة أمنية وعمت الفوضى المكان فور نزوله من سيارة الترحيلات، وحاول الأهالي الهجوم والتعدي عليه بالسب والقذف وفي الوقت نفسه حاول الإعلاميون الاقتراب منه للإدلاء لهم ببعض الأحاديث والتصريحات الصحفية والتقاط بعض الصور له، لكنه رفض وأخفى وجهه من الكاميرات، وفرق رجال الأمن الأهالي، وأثناء دخوله قاعة المحكمة منحه رجال الأمن التحية مما أثار غضب أهالي الشهداء والحاضرين.

وحاول الأهالي دخول قاعة المحكمة من جديد إلا أن الأمن تصدى لهم فرددوا هتافات «يا شهيد ارتاح ارتاح الإعدام للسفاح»، والتف عدد من المواطنين حول رجال الشرطة مرددين «الجيش والشعب إيد واحدة» بهدف إثارة غضب جهاز الشرطة، في الوقت نفسه وصل إلى المحكمة عدد كبير من سيارات الجيش محملة بالجنود ورحب جميع الحضور بوصولهم بالتصفيق الحاد.

وفي سياق متصل أكدت قيادة أمنية برتبة عميد لجميع الحضور أن الشرطة والشعب كيان واحد ويجب عليهم أن يساعدوا بعضهم البعض لتحقيق العدل والأمان للجميع، وطالب المواطنين بمساعدتهم في القضاء على البلطجة التي ظهرت عقب الثورة، وطالب الأهالي بصوت عال بعدم تأجيل جلسة محاكمة العادلي ولو ليوم واحد وأن توقيع أقصى عقوبة عليه في القضية باعتباره الشىء الوحيد الذي سيشفي غليلهم، وأكدوا أنهم سينتظرون أمام المحكمة حتى الاطمئنان على صدور حكم رادع ضد العادلي ولو تطلب ذلك انتظارهم أياماً أمام ساحة المحكمة.

قبل انتهاء الجلسة بنصف ساعة حضر عدد كبير من المحامين يحملون لافتات مكتوباً عليها «محامو القاهرة يطالبون بإعدام السفاح»، ثم طالبوا بمحاكمة القائمين على جهاز أمن الدولة نظرا للجرائم التي ارتكبوها في حق الشعب.

لحظات وخرج العادلي من قاعة المحكمة وانتقلت أنظار الجميع إليه ثم تخطوا الاطواق الأمنية التي فرضها رجال الأمن المركزي والجيش وتوجهوا إلى «العادلي» وحاولوا الفتك به إلا أن القوات تمكنت من توفير الحماية له حتى استقل سيارة الترحيلات التي تحركت ببطء شديد بسبب التفاف الأهالي حولها محاولين فتح أبوابها بالقوة.

 

 شام نيوز - صحف مصرية