تجميد دمج قناتي «المستقبل» نتيجة مشكلة سيولة الحريري

تعود قضية إعلام «المستقبل» الى الواجهة، مع حدوث تطورين لافتين، الأول تجميد قرار دمج قناتي «المستقبل» (الزرقاء) والإخبارية (الحمراء)، بما يعني تأجيله الى أجل غير محدد. وثانياً تفاقم القضية الإنسانية المتعلقة بالفريق العامل، لجهة تأخر مستحقاتهم، أو تجميد القسم الأكبر منها منذ سنة ونيف، واتخاذ هذه القضية شكل التحرك الاحتجاجي الميداني.
فالأزمة المالية التي يرزح تحتها إعلام رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، لم تعد تنحصر في تهديد مجموعة من الموظفين في القناتين بالصرف من العمل، على أثر الدمج المرتقب، بل إنها تطال بشكل موجع، موظفي صحيفة «المستقبل».
فقد شهد مبنى الصحيفة، اعتصاماً منذ حوالى الأسبوع، نفذه عدد من الموظفين وفريق الحرس والأمن، احتجاجاً على عدم قبض رواتبهم منذ حوالى خمسة أشهر. وبعضهم يرزح تحت عبء الديون وتسديد القروض المصرفية. ويقال ان عددهم يتجاوز المئتين ليقارب الثلاثمئة شخص.
ويشهد مبنى الصحيفة اليوم تململاً بين الموظفين، في ظل قلق يرتسم حول مصير أتعابهم المؤجل، فيما تزداد الهواجس لدى البعض من احتمال إقفال هذه المؤسسة، في ظل البحث عن الصيغة الإعلامية الجديدة لمؤسسات «المستقبل» المرئية والمكتوبة والمسموعة، والمرتقب إرساؤها في نطاق ترشيد الموازنة العامة. وهو ما يبدو مطروحاً، ربما، على ضوء تقييم الدور الذي تلعبه الصحيفة، على مستوى خدمة المشروع السياسي للفريق الأزرق.
بل ربما ينقلب هنا السؤال من مدى خدمة الصحيفة لهذا المشروع السياسي، الى استفهام معاكس حول مدى تكبيدها خسائر معنوية ومادية، من قبيل الدعاوى العديدة التي رفعت بحق الصحيفة، من قبل سياسيين وغيرهم، طبقا لقانون المطبوعات.
فقد أفاد محامي الصحيفة فؤاد شبقلو «السفير» أن عدد الدعاوى التي رفعت بحق الصحيفة منذ حوالى أربع سنوات، بلغ حوالى 25 دعوى قضائية، دفعت الصحيفة بموجبها غرامات وتعويضات شخصية لأصحاب الحقوق، بعشرات ملايين الليرات، في قضايا القدح والذم...
ويقول: «اليوم (الإثنين) سندفع الى الوزير السابق جان لوي قرداحي ستة ملايين ليرة، ومنذ أيام دفعنا 12 مليوناً، وقبله دفعنا 15 مليوناً...».
وردا على سؤال حول أوضاع الموظفين، يشير شبقلو الى أنه «تم دفع سلف على بعض الرواتب المتأخرة، وهناك متأخرات أخرى.. مع وعد بتسديد المبالغ في الشهر المقبل».
وعلى خط الإعلام المرئي، اتخذ قرار بتجميد مشروع دمج القناتين الزرقاء والحمراء، في ظل وجود أزمة سيولة كبيرة، يتعثر معها تأمين مبالغ التعويضات للموظفين الذين ستطالهم عملية الصرف، بعدما كان تم التدوال بإمكانية حصر دور «الإخبارية» في رمضان المقبل بإنتاج الأخبار، وتحويلها الى القناة الأم، وتوقفها نهائياً عن إنتاج البرامج. كخطوة عملية ومباشرة نحو دمج القناتين.
وهكذا، فإن كثيراً من الأفكار يتم التداول بها، في إطار المشروع الإعلامي «الجديد» للفريق السياسي، الذي يتصدر المعارضة اليوم، ليؤجل لاحقاً تنفيذها، أو ليتبين عدم صلاحيتها أساساً للتنفيذ. لذا ثمة غموض يلف هذا الموضوع، في ظل تضارب المعلومات حتى بين بعض القيمين على المؤسسات الإعلامية المعنية.
وكان حوالى 30 موظفاً قد قاموا بتحرك احتجاجي أمام بيت الوسط، أواخر آذار الماضي، للمطالبة برواتبهم المستحقة، علماً بأن الموظفين يعانون من تأخر في نيل رواتبهم، فيما تخضع فئة العاملين بموجب التعاقد الحر لأزمة مالية كبيرة، تتمثل بعدم قبض الجزء الأكبر من مستحقاتهم ( غير المصرح عنه) منذ حوالى سنة ونصف! ما يطرح تساءلاً كبيراً حول مصير 150 عائلة ( تبعاً لعدد هذه الفئة).
وتتخذ الأزمة المالية اليوم أشكالاً جديدة. فعقود التأمين الصحي الخاصة بجزء من فريق العمل تم تجميدها بسبب مشكلة السيولة، ما يجعل هؤلاء بلا تغطية صحية، في حال حدوث أي طارىء في هذا المجال.
كما أن القناتين تعانيان من ارتفاع قيمة المستحقات المتوجبة عليها، لصالح شركات الإتصالات وشركات الخدمات المختلفة، والتي راح بعضها يطالبها بتسديد مستحقاته المتراكمة.
كما تنعكس الأزمة على أبسط التفاصيل التشغيلية، كعدم إمكانية تأمين قطع غيار أو القيام بصيانة المعدات، وصولاً الى نفاد بعض السيارات الخاصة بالمؤسسة من البنزين...
شام نبوز. السفير