تحقيق لرويترز: فرحة وحزن وأمل في ليبيا في أول عيد بعد القذافي..

 

 

غلفت الفرحة أحزان الماضي وامتزج الامل بالقلق من المستقبل مع احتفال الليبيين بأول أيام عيد الاضحى يوم الاحد.

كانت المشاعر والرموز الدينية في مصراتة اكثر وضوحا من غيرها. فقد منيت المدينة بخسائر فادحة خلال مقاومتها للحصار الذي فرضه جيش الزعيم الراحل معمر القذافي. وتضغط القوات المحلية التي حظيت بتقدير خاص بعد اعتقالها للزعيم المخلوع الشهر الماضي ومقتله ليكون لها دور أكبر في ليبيا الجديدة.

وخرج الرجال من المسجد بعد صلاة العيد في مسجد بحي زروق واستعدوا لنحر الاضاحي.

وتبادل الجميع الحديث عن طعم أول عيد بدون حكم القذافي وعن بناء نظام ديمقراطي جديد لكن ذلك لم يمنعهم من الحزن على أحبائهم الذين قتلوا في الحرب.

قال التاجر محمد بشير (40 عاما) وهو يصافح الاصدقاء والجيران الذين ارتدوا الملابس الجديدة احتفالا بالعيد "نحن سعداء... لكننا نبكي على ابنائنا الذين فقدناهم في الحرب."

وضحك علي الشيخ (86 عاما) وهو يتحدث الانجليزية بلكنة أهالي تكساس التي اكتسبها على مدى عقود من العمل في شركات نفط أمريكية تعمل في ليبيا "هذا العيد مختلف. قتلنا القذافي."

وأضاف "الان سنذهب الى المنزل لنحر الاضاحي. سيكون كل شيء على ما يرام. نستطيع أن نصلح هذا البلد بسرعة."

وقال ابراهيم العيساوي (41 عاما) أستاذ الكيمياء بالجامعة "هذا العيد له خصوصية لان القذافي رحل. نسأل الله أن تتحسن أوضاع بلادنا. نريد أن تكون الحكومة القادمة أفضل. لا يمكن أن تكون أسوأ من القذافي."

ويقول عبد السلام المدني وهو في الاربعين من عمره اي ولد بعد عامين من استيلاء القذافي على الحكم "هذا العيد مميز لان في الاعياد السابقة لم تكن هناك حرية."  

لكن اخرين ممن يعتصرهم الحزن على من قتلوا خلال اشهر من الحرب والقصف العنيف للمدينة مازالوا قلقين لعدم تشكيل حكومة جديدة حتى الان ووضع دستور جديد في الوقت الذي تتنافس فيه الفصائل للحصول على نصيب من السلطة.

ووقف التاجر محمد صالح الطاهر (33 عاما) عند جبانة قريبة بعد المسجد وهو يبكي على قبري شقيقه الاصغر وصديق قتلا خلال اشتباكات كانا يقاتلان فيها الى جواره في المعركة ضد قوات القذافي للسيطرة على ثالث اكبر مدينة ليبية.

وقال انه يشعر بالارتياح لسقوط القذافي وقتله الشهر الماضي على ساحل سرت على أيدي مقاتلين من مصراتة فيما يبدو وأضاف "هذا هو عزائي الوحيد. هذا هو الشيء الوحيد وهو أن دماءهما لم تذهب سدى."

وتابع وهو يقف وسط المقابر انه يتطلع الى أن يكرم الليبيون من استشهدوا من خلال بناء نظام ديمقراطي.

وأضاف "كانا شابين في العشرين والثالثة والعشرين من العمر ولم يضحيا بحياتيهما من أجل سياسيين لا يفعلون سوى الكلام والاهتمام بمصالحهم الخاصة او حتى تستمر معاناة الناس."

في مسجد الحي يقول مفتاح عبد الحميد (51 عاما) ان العيد يوم فرحة لان نيل الشهادة في حد ذاته نعمة.

وأضاف "الشهداء في قلوبنا والشهداء في دمنا والشهداء في لحمنا والشهداء في أرواحنا. لن ننساهم... لا نبكي على الشهداء."

وقال مفتاح عبد الحميد عضو جماعة الاخوان المسلمين التي قمعتها ليبيا طويلا انه يثق في أن المواطنين الليبيين البالغ عددهم ستة ملايين نسمة ويمتلكون احتياطيات ضخمة من النفط والغاز يستطيعون التطلع الى مستقبل أفضل بدون القذافي.

وأحبط صعود الاسلاميين بعد انتفاضتي الربيع العربي في تونس ومصر خصومهم الذين يعبرون عن مخاوف بشأن استعدادهم لاقتسام السلطة او تقبل منح المراة حقوقا مساوية للرجل.

لكن عبد الحميد أكد أن جماعة الاخوان في ليبيا والتي يصعب تقييم قوتها في الانتخابات التي ستجري مستقبلا ستحترم التوازنات الديمقراطية فيما يتعلق بالسلطة والمساواة.

وأضاف في اشارة الى النموذج التركي كمثال "نريد الديمقراطية... الشريعة الاسلامية لا تعني أننا ضد الحضارة. حين نقول الشريعة الاسلامية نقصد بها الحضارة."

ونفى المخاوف التي كان يروج لها القذافي نفسه من قبيل أن ليبيا ستكون ضحية الخلافات القبلية والاقليمية. وقال عبد الحميد ان تجربة الوقوف في وجه الدكتاتورية وحدت الليبيين على شعور جديد بالفخر الوطني وأضاف "الان نحب علمنا."

ويشتبه البعض خاصة من قبيلة القذافي في مسقط رأسه سرت والبعض من أنصاره في طرابلس في أن ابناء مصراتة وبنغازي والبلدات الاخرى التي كانت معقل الانتفاضة يسعون الى الهيمنة على حسابهم.

ومازالت المفاوضات بشأن الحكومة الانتقالية التي ستدير الانتخابات مستمرة.

لكن عثمان الاحول (48 عاما) وهو مهندس في مصنع للصلب يقول ان معاناة الحرب في مصراتة ولدت روحا جديدة من التعاون بين الناس يعتبرها بشير أمرا طيبا لمستقبل ليبيا.

وبينما كان جيران بالشارع ينحرون شاة خارج المسجد قال الاحول ان الشعور العام بالرغبة في عمل الخير والمشاركة في العيد زاد بسبب المعاناة في عام 2011 وان الشعب الذي قمعه القذافي لديه شعور جديد بالثقة بالنفس.

وأضاف "هذا يختلف كل الاختلاف عن العام السابق... الحرب وحدت الناس. حين سالت الدماء وحين قتل الناس تغير الوضع 180 درجة. لقد توحد الشعب وشعر بالتضامن. هناك الان مجتمع مدني جديد

من جهة اخرى قالت صحيفة جزائرية أن انتحاري ليبي فجر نفسه وسط حشد من قوات المجلس الانتقالي الليبي مساء أمس في أحد ضواحي مدينة سرت الليبية، مخلفا عدد غير معروف من القتلي والجرحى.

وذكرت الصحيفة أن حركة تحرير ليبيا أعلنت مسؤوليتها عن مقتل وزير العمل في عهد نظام القذافي الأمين المنفور، والذي قتل برصاص قناصين استهدفا سيارته قرب مدينة البيضاء.

وأكدت الحركة أن اغتيال المنفور جاء انتقانا من خيانته قبل أشهر حيث أعلن الانشقاق عن نظام العقيد المقتول، إضافة إلى تكلفه بمهمة خطيرة في أحد الدول العربية تضر باسم ليبيا، وأشارت الحركة أن هذا الاغتيال ليس إلا بداية لـ500 عملية اغتيال ستطال من اعتبرتهم الحركة قد خانوا ليبيا وعملوا لصالح قوات حلف الناتو.

وفي سياق آخر قامت ما يسمى بكتيبة الطيور الجارحة الموالية لنظام العقيد المقتول بقتل عقيد في سلاح الصواريخ ينتمي للمجلس الانتقالي حيث اغتالته أيضا برصاص قناصة.

 

شام نيوز - رويترز - وكالات