تحليل: توقعات بتمسك روسيا بموقفها المعارض لاتخاذ اجراءات ضد سوريا

يريد الكرملين أن يظهر بصورة صارمة أمام العالم والغرب وأمام شعبه في موسم انتخابات مما يعني أن موسكو على الارجح لن تنقلب على الرئيس السوري بشار الاسد وتطالب بفرض عقوبات او بتنحيه.
وفي ظل ضغوط عالمية متزايدة على الاسد يرجع موقف روسيا الداعم له الى استيائها من التدخل الغربي في ليبيا واحجامها عن خسارة واحد من مواطيء القدم القليلة لموسكو في منطقة الشرق الاوسط.
وربما فكر قادة روسيا أنهم لن يحققوا مكاسب تذكر اذا تبنوا نفس موقف الغرب بينما تعاني أوروبا من أزمة ديون وتستعد الولايات المتحدة لانتخابات رئاسية لا يمكن التنبؤ بنتائجها في تشرين الثاني القادم.
وقال يفجيني فولك المحلل السياسي المقيم في موسكو "روسيا تعتقد أن من المهم جدا أن تتمسك بموقف مستقل عن الولايات المتحدة والغرب."
وأضاف "يرى الكرملين ان العالم بأسره سيعتبر سحب الدعم من الاسد تخليا عن حليف وفي وسيرا على خطى السياسة الغربية."
وحددت روسيا موقفها بشأن سوريا بعد أن عبرت عن غضبها من الغارات الجوية التي شنها حلف شمال الاطلسي وساعدت المعارضة الليبية على الاطاحة بالزعيم معمر القذافي.
ووافقت موسكو ضمنيا على المضي قدما في تنفيذ عملية الحلف في ليبيا حين امتنعت عن التصويت في الاقتراع الذي جرى بمجلس الامن التابع للامم المتحدة وسمح بالقيام بعملية لحماية المدنيين لكنها فيما بعد اتهمت الحلف بتجاوز حدود تفويضه. وشبه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين القرار "بالدعوات للحملات الصليبية في العصور الوسطى."
ومع تزايد الضغوط الغربية لاتخاذ مجلس الامن اجراء ضد سوريا أكدت روسيا أنها لن تؤيد قرارا يدين فقط حكومة الاسد. واستخدمت هي والصين حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار أوروبي ساندته الولايات المتحدة الشهر الماضي قائلة انه سيفتح الطريق للتدخل العسكري.
وقال فيودور لوكيانوف رئيس تحرير دورية (راشا اين فورين افيرز) "بعد هذا سيكون من الصعب جدا تصور تأييد روسيا لاي اجراءات قد تفسر على أنها تصريح بأي استخدام للقوة الخارجية في سوريا."
وبالنسبة لبوتين الذي جعل من معارضة التدخل الغربي في شؤون الدول ذات السيادة شعارا خلال اكثر من عقد في حكم روسيا فان الاذعان للغرب في مسألة سوريا سيمثل انحرافا كبيرا عن هذا الخط.
وتشير استطلاعات للرأي الى ان بوتين الذي تولى الرئاسة من عام 2000 الى 2008 ولايزال أقوى زعيم في روسيا حتى الان لن يواجه صعوبة تذكر في العودة الى منصب الرئيس في الانتخابات التي تجري في اذار القادم.
لكن معدلات التأييد له انخفضت في العام المنصرم كما يواجه حزبه روسيا المتحدة والذي تقل شعبيته دائما عن شعبية بوتين تحديا يتمثل في الاحتفاظ بأغلبية الثلثين الدستورية في الانتخابات البرلمانية التي تجري في الرابع من كانون الاول.
وكلف سقوط القذافي روسيا مليارات الدولارات من مبيعات الاسلحة وعرض عدة صفقات للنفط والبنية الاساسية للخطر.
وقال فولك ان سوريا "هي فعليا الحليف الوحيد لروسيا في الشرق الاوسط."
وكانت سوريا من مشتري الاسلحة الروسية الذين يوفرون لها العملة الصعبة وهي تستضيف منشأة صيانة بحرية على البحر المتوسط هي أقرب ما تملكه روسيا لقاعدة عسكرية خارج الاتحاد السوفيتي السابق.
ومثلت سوريا سبعة في المئة من مجمل مبيعات روسيا من الاسلحة في الخارج التي بلغت عشرة مليارات دولار عام 2010 وفقا لما ذكرته مؤسسة (سي.ايه.اس.تي) البحثية الروسية.
واذا ظهرت روسيا كمن يتخلى عن سوريا فسيعمق هذا الاستياء في قطاع صناعة الاسلحة ويعطي منافسي حزب روسيا المتحدة من الشيوعيين والحزب الديمقراطي الحر بزعامة القومي فلاديمير جيرينوفسكي ذخيرة لاستخدامها في خطب الحملة الانتخابية.
وقال لوكيانوف "عدد غير الراضين في روسيا خاصة من هم جزء من تركيبة الصناعات العسكرية الذين ستدمر أعمالهم سيكون كبيرا جدا."
وحثت روسيا الاسد على تطبيق الاصلاحات التي وعد بها بسرعة اكبر ونددت بأعمال العنف في سوريا مكررة تأكيدات حكومة دمشق بأن جزءا من اللوم يقع على عاتق المعارضين.
واستضافت روسيا وفدا من المعارضة السورية يوم الثلاثاء لكنها قاومت الضغوط لحث الاسد على الاستقالة وكررت دعوة المعارضة لاجراء محادثات مع السلطات.
وقد تدفع عزلة سوريا المتزايدة بعد تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية روسيا الى التخفيف من تصريحاتها. لكن لوكيانوف توقع الا تدعو موسكو الاسد الى الاستقالة وأن تقاوم الضغوط لفرض عقوبات "لاطول فترة ممكنة".
وأضاف انه فيما مضى كانت روسيا تستخدم ما لديها من نفوذ في الشرق الاوسط كأداة للضغط في المناورات الدبلوماسية مع اوروبا وخاصة الولايات المتحدة خصم موسكو في الحرب الباردة.
ووسط "اعادة ضبط" للعلاقات المتوترة وقع الرئيس الامريكي باراك أوباما اتفاقا للحد من الاسلحة النووية مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وقلص خطط الولايات المتحدة لاقامة درع صاروخية في اوروبا. وأيدت روسيا فرض الامم المتحدة عقوبات جديدة على ايران بشأن برنامجها النووي العام الماضي وأوقفت صفقة لبيع صواريخ لطهران.
لكن محللين يرون أنه مع تطلع بوتين الى انتخابات الرئاسة التي ترشح لها والتشكك بشأن نتيجة انتخابات الرئاسة الامريكية فان الدافع لتقديمه تنازلات قد تضاءل.
من جهة اخرى قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الخميس إن الهجوم الذي شنه منشقون من الجيش السوري على مجمع للمخابرات هو بمثابة حرب أهلية ودعا مجددا الى اجراء محادثات بين حكومة دمشق والمعارضة.
وصرح بأن هذه المحادثات يجب ان تجرى بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة.
وقال لافروف للصحفيين بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الهندي اس.ام. كريشنا في موسكو "نشهد تقارير تلفزيونية تقول ان قوة جديدة اسمها على ما اعتقد الجيش السوري الحر نظم هجوما على مبنى حكومي تابع للقوات المسلحة السورية. هذا يماثل تماما حربا أهلية".
واعتبرت روسيا انه على المجموعة الدولية ان تدعو كل الاطراف في سوريا بما يشمل المعارضة الى وقف العنف مشيرة الى ان خطة الجامعة العربية حول سوريا يجب ان تكون "واضحة" حول هذه النقطة.
وقال لافروف ان "موقف الجامعة العربية حول ضرورة وقف العنف -بغض النظر عن مصدره- يجب ان تكون واضحة ومفصلة اكثر".
واضاف لافروف "من اجل تطبيق مبادرة الجامعة العربية نقترح ان تدعو كل الدول المعنية بالتوصل الى حل سلمي للاحداث في سوريا، ليس فقط السلطات السورية الى وقف العنف وانما مجموعات المعارضة ايضا بدون استثناء".
وقال لافروف "هذا يجب ان يتم من جانبي الجامعة العربية والدول التي تعمل المعارضة انطلاقا من اراضيها".
شام نيوز - وكالات