تحنيط الحيوانات في دمشق

 

يقول ياسين دقاق صاحب معرض لبيع الطيور والحيوانات المحنطة بمنطقة باب الجابية بدمشق.. ان هذه التجارة تلقى رواجاً ملحوظاً لدى السياح لاسيما الخليجيين إذ تتراوح أسعارها عادة ما بين /300/ ليرة و/15/ ألف ليرة سورية وذلك حسب حجمها ونوعها وشكلها.‏

وأضاف.. ان السوريين نادراً ما يشترون بضاعتنا باستثناء من يملك مزرعة مثلاً ولديه حيوانات نادرة كالغزلان والضباع والطيور الجميلة , وعندما تنفق إحداها يرسلها إلينا لنحنطها لكي تبقى لديه للذكرى إضافة إلى ان هناك بعض الصيادين الذين يصطادون طيوراً نادرة وجميلة فيأتون بها للغرض نفسه.‏

وحول التخصص في هذه المهنة يقول دقاق.. ان هذه المهنة متعارف عليها في دمشق منذ أكثر من خمسين عاماً وأنا أعمل فيها منذ /25/ عاماً وتعلمتها من تلقاء نفسي ولم اتخذها بالوراثة ولدي ما يزيد على /40/ نوعاً من الطيور بأنواعها والحيوانات المفترسة والأليفة داخل المحل مشيراً إلى ان القلائل ممن يعملون بهذه المهنة توارثوها عن آبائهم.‏

وفيما يخص مراحل التحنيط والمواد المستخدمة فيها قال دقاق.. ان البدايات لم تكن بالطبع على هذا النوع من التقنية والنوعية في المواد المستخدمة فقد كانت التركيبة المحضرة لتحنيط الطيور مختلفة ويمكنني وصفها بانها شعبية وتتكون من قشر الرمان والملح والشبة /نوع من الحجارة/ والقرفة حيث لهذه الخلطة مفعول المواد التي تستخدم حالياً وفي حال فقدت المواد الحالية الأكثر حداثة يتم الرجوع إلى المواد السابقة.‏

وأوضح ان عملية التحنيط تمر بعدة مراحل تستغرق ساعات قليلة حيث تبدأ بالسلخ ثم التنظيف أي تفريغ الحيوان تماماً من اللحم حتى لا يبقى سوى الجلد وبعد ذلك يجري غسله وتنشيفه بشكل جيد بهواء ساخن وتعقيمه بمواد كيماوية /بوركس/ لحمايته من الجراثيم والبكتيريا ثم يتم تشكيل الوضع المطلوب للحيوان بوساطة أسياخ حديدية وبتصاميم تجسد مشاهد من حياته مثل ثعلب وهو يفترس دجاجة أو حسب الشكل المراد وفق رغبة الزبون.‏

كما تشمل مراحل التحنيط حشو الحيوان أو الطير بالقطن ثم لتأتي بعدها عملية الخياطة بينما تستبدل العيون بعيون بلاستيكية ليصبح بشكله النهائي حيث يحقن بمادة الفورمالين التي تفيد في تنشيف بقايا الدم واللحم ومن ثم يثبت على خشبة ويعرض أمام الزبائن.‏

أما الأدوات المستخدمة في التحنيط فيقول دقاق.. انها تتألف من المشارط والأدوات الحادة ومقصين مختلفين في الطول بحيث يكون أحدهما مدبب الطرف والآخر أقصر قليلاً وكذلك لابد من وجود القصاصة لقطع السلك المستخدم في تركيب الحيوان والزردية لشد هذا السلك ومماسك لدفع القش أو الكتان داخل جسم الحيوان أو الطير.‏

كما تشمل الأدوات منفاخاً وأسلاكاً مختلفة السماكة ومسامير وشعر كتان وخيطاً وأبراً صناعية ومعجوناً يجهز حين الطلب من الدقيق والفراء والغراء وقواعد خشبية وورقاً مقوى ومنشاراً لتشريح قطع العظام ودبابيس للحشرات وصلابات ونفتالين وهي مادة قوية للقضاء على رائحة الجلد أو بعض اللحم العالق فيه إضافة للكلورفورم وغاز الاستصباح والثلاجات.‏

ويبين دقاق ان الحيوانات والطيور المختلفة ليست للزينة فقط بل تستخدم كنماذج حية في الدروس التعليمية لتعليم طلاب المدارس والجامعات وكوسائل حية للدارسين لعلوم الحيوان والطيور.‏

وما يثير الغرابة والدهشة أيضاً للمتجول في أسواق دمشق القديمة كسوق البزورية ومدحت باشا منظر الحيوانات المجففة أو المحنطة المعلقة على أبواب ومداخل العديد من المحال التي يعرضها أصحابها للبيع على انها تستخدم كبديل من الدواء لعلاج بعض الأمراض إذ توجد أشكال متعددة من الحيوانات المعروفة وغير المعروفة للبعض مثل السلحفاة والضب ونجم البحر والتمساح وقرون الغزال وغيرها من الأنواع الأخرى.‏

ويبين خالد الدسوقي العامل في أحد المحال التي تبيع هذه الحيوانات ان البعض من هذه الأنواع الحيوانية يستعمل للعلاج والبعض الآخر لمجرد الزينة لكل نوع من الحيوانات فائدة علاجية لمرض معين فنصف قوقعة السلحفاة القاسية والصلبة مثلاً يستخدم لمنع انتشار الصدفية التي تصيب جلد الإنسان إذ يقوم المريض بوضع القوقعة في نار قوية حتى تتفتت وتصبح رماداً وبعد ذلك يدهن بهذا الرماد الوجه ليمنع انتشار الصدفية وكذلك قرون الغزال تشوى تم تسحق لتستخدم في معالجة بعض الأمراض الجلدية.‏

أما حيوان الضب المجفف المسمى عند العامة الحردون فيدق جيداً ويخلط مع الخل ويدهن على المنطقة المصابة بالبهاق في حين يستخدم نجم البحر في تنعيم الجلد الخشن كما يزيل الكلف والنمش بعد وضع قطرات الليمون عليه وتدليك المنطقة المراد معالجتها فيه.‏

ويتابع الدسوقي قائلاً.. انه يوجد غريب عن منطقتنا اسمه السقنقور يشبه الضب ولكنه أصغر منه حجماً نقوم بقطع رأسه ونصف ذيله ويتم تفريغه ثم يملأ جوفه بالملح الخشن ويخاط جيداً وبعد تنشيفه يقطع إلى قطع صغيرة ويتم تناولها مع الماء حيث يوصف هذا النوع كمقو جنسي ومنشط عام للجسم وبعض العطارين يفرزه إلى نوعين الذكر لمعالجة الرجال والأنثى لمعالجة النساء.‏

أما استخدام الأفعى في العلاج فبين انه يتم بعد وضعها في وعاء بلاستيكي إذ يغلق عليها جيداً للحصول على زيتها الذي يوصف لتقوية الشعر بينما تستخدم السمكة ذات الأشواك لغير الأغراض العلاجية حيث يعلقها البعض في المحلات والبيوت لاعتقادهم انها تدفع البلاء والحسد عنهم.‏

وخلال استشارة الطبيب حسان سليمان الاخصاصي في أمراض الغدد والتغذية بهذه المواضيع وخصوصاً بعد تأكيد العديد من العطارين وجود أشخاص كثر يطلبون هذه الحيوانات للعلاج بها قال .. ان الحيوانات المستعملة في علاج بعض الأمراض مجرد اعتقادات لا صحة لها من الأصل لأنها لا تستند على أساس علمي أو تجريبي كما ان الطب الحديث الآن وصل إلى مرحلة متطورة تبين من خلالها ان هذه العادات ليست صحية ومن الممكن في كثير من الأحيان ان تضر من يتناولها فعلى كل شخص أصيب بمرض ما مراجعة الطبيب المختص وعدم تناول أي مادة أو دواء علاجي طبيعي كان أم كيميائي دون مراجعة طبيب مختص.‏

 

شام نيوز - سانا