تخوفات من التحويل المصرفي إلى سوريا بسبب الأحداث الأخيرة

كشف نائب رئيس مجلس إدارة شركة الملا للاستثمار عبدالله نجيب الملا في الكويت أن تحويلات الجالية السورية خصوصاً عبر مكاتب الملا للصيرفة تراجعت بنسبة كبيرة وغير مسبوقة.
وفسّر الملا ذلك بانتشار أنباء غير مؤكدة عن مصادرة الحكومة السورية للتحويلات التي تزيد قيمتها على 10 آلاف ليرة، مشيراً الى ان مكاتب الصرافة في سوريا والتي يتسلم من خلالها المستفيدون المبالغ المحولة تمارس عليها ضغوطاً شديدة ومراقبة لكل المبالغ المحولة من المغتربين السوريين.
ونقلت جريدة "الراي" الكويتية اليوم في تقرير لها عن الملا قوله إن هناك العديد من المغتربين السوريين في الكويت لم يتمكنوا من إرسال مبالغ كمصاريف لعوائلهم بخوف تبخر تحويلاتهم التي تفوق 10 آلاف ليرة (55 ديناراً كويتياً فقط).
وأضاف الملا أن هناك عدداً كبيراً من العملاء يضطر الى الاكتفاء بتحويل 55 ديناراً و ارسال مبالغ نقدية أخرى مع مسافرين الى سورية لتسليمها يداً بيد.
وتصاعدت المخاوف من التحويل بعد انباء افادت بقيام الحكومة السورية بتنفيذ عدة إجراءات لحماية الليرة السورية من الانهيار، كاقتطاع "تبرعات إجبارية" من مرتبات الموظفين تحت مسمى "تبرع عفوي".
يُذكر أن الاقتصاد السوري سجل نقصاً مريعاً في مدخلات العملات الصعبة التي كان يحصل عليها من السياحة والتجارة. وكان موظف حكومي كشف سابقاً أن الحكومة السورية تقوم باقتطاع 500 ليرة سورية (ما يعادل 10 دولارات تقريباً)، من رواتب العاملين، من دون إبداء الأسباب الرسمية. إلا أنه أضاف أن هناك من أبلغ الموظفين بأن هذا الإجراء يتخذ لدعم الليرة السورية.
ومع تزايد الحملات الشعبية لدعم استقرار الليرة السورية، تجاوزت الإيداعات في المصارف مئات الملايين من الليرات السورية، الأمر الذي دعا وزير المالية إلى التصريح بأن الودائع في المصارف السورية زادت في الفترة الأخيرة بنحو 30% عن السحوبات.
ومن جهة أخرى، توقع الملا أن يتواصل تراجع سعر صرف الليرة امام الدولار او الدينار الكويتي اذا استمرت الضغوط الكبيرة على النظام ما سيؤدي الى التضييق على النشاط الاقتصادي والعزوف عن ضخ السيولة في السوق في ظل المخاوف من عدم الاستقرار بالبلاد. وأوضح أن سعر الصرف الليرة تراجع بشكل لافت منذ بداية الاحداث بسوريا وبلغ اليوم سعرف صرف الليرة امام الدينار (1 دينار= 168.57 ليرة) اما سعر الدولار امام الليرة فقد بلغ ( 46.097 ليرة).
ونبه بعض المراقبين من تواصل نزيف الليرة الذي يمكن ان يؤدي الى تضخم وغلاء في الاسعار. لكن هذا السيناريو تحاول الحكومة السورية تفاديه من خلال الحرص على لفت انتباه السوريين الى أهمية استقرار العملة الوطنية، وخطورة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية ذات الأثر السلبي على الاقتصاد عموماً والمواطنين خصوصاً من ذوي الدخل الثابت وذلك بانخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية.
وقد قدمت مقترحات من شأنها حسب الحكومة أن تسهم في تعزيز قيمة الليرة السورية كإيداع المواطنين أموالهم في المصارف ولكن بدون فائدة لتخفيف العبء على هذه المصارف من جهة والدولة لاحقاً من جهة أخرى. كما تقترح الحكومة مشاركة جميع المغتربين السوريين في الخارج في دعم الليرة السورية من خلال تحويل أي مبلغ بالعملة الأجنبية إلى سورية وإيداعه في المصارف السورية بدلاً من تركه في مصارف الدول التي تقف ضد سورية، الأمر الذي سيدعم حسب النظام السوري رصيد الدولة من القطع الأجنبي والذي سينعكس بمزيد من عدم الاستقرار على سعر الليرة السورية.
وترتبط عادة تقلبات سعرف صرف العملات بالاستقرار السياسي والاقتصادي بالبلد من جهة، و تعتمد على حجم المدخرات النقدية من العملات الاجنبية بالاضافة للذهب في احتياطات البنوك المركزية من جهة أخرى. ومن الملاحظ ان عدم الاستقرار السياسي يدفع بالبعض الى تحويل مبالغ الى الخارج وتقييمها بعملات اجنبية في نية لضمانها في بنوك خارج منطقة الاحداث التي يبقى مصيرها مجهولا. هذا الأمر يدفع حسب بعض المراقبين الى شح السيولة في السوق و الاقبال على شراء عملات اجنبية لضمان القدر الادنى من قيمة ثروات المواطنين التي يمكن ان تتهدد قيمتها اذا انهارت العملة المحلية. هذا الامر الذي يزعج ليس فقط سوريا بل جل الدول التي سادتها الثورات الشعبية واهمها مصر.
وفي الوقت ذاته كشف الملا ان التحويلات المصرية تراجعت مقابل الفترة نفسها في العام الماضي وأرجع ذلك الى وجود بعض المخاوف من استقرار الاوضاع في مصر لكنه أبقى التوقعات بزيادة تحويلات المصريين من الكويت رهن قدوم الحكومة الشرعية مع انتهاء الانتخابات. وفي موضوع سعر صرف الجنيه امام الدينار الكويتي، قال الملا ان الجنيه تراجع صرفه امام الدينار. (1 دينار =22 جنيه تقريباً)
وأعاد هذا الهبوط للجنيه المصري لظرفية الثورة الشعبية وتداعياتها واهتزاز الثقة بالاقتصاد التي بدأت تتعافى شيئاً فشيئاً.
وأوضح ان الجنيه المصري سيتجه صرفه أمام الدينار والدولار الى الثبات بعد اجراءات البنك المركزي المصري لدعم قوة الجنيه أمام سلة عملات اجنبية. وأضاف الملا ان سعر صرف الجنيه خصوصاً أمام الدينار الكويتي لن يتراجع اكثر الا اذا تدهورت الاوضاع السياسية فجأة وخرجت عن سياق المتوقع.