تدنيس المقابر بعد حرق المساجد ... فمن المسؤول ومن يوقف المجرمين ؟

مرة اخرى يقوم غلاة المتطرفين العنصريين بالاعتداء على حرمة مقبرتين اسلامية ومسيحية في يافا ويدنسون ويكتبون الشعارات العنصرية التي تدل على حقيقة دوافعهم ونواياهم ويتناسى هؤلاء، او هم لا يدركون اصلا، ان للمقابر حرمة وان للاموات احتراما.
والاعتداء في يافا يأتي بعد ايام قلائل من احراق المسجد ونسخ من القرآن الكريم في بلدة طوبا الزنغرية في الجليل، والكتابات العنصرية على الجدران هناك هي نفسها الكتابات على المقبرتين والملفت للانتباه والمثير حقا ان هذه الاعتداءات تتم على مواقع داخل الخط الاخضر وليس في الضفة فقط، مما يعني انها عنصرية مطلقة ضد كل ما هو فلسطيني اينما كان ومهما كان انتماؤه الديني.
ولقد عانينا وما نزال كثيرا من امثال هذه الممارسات، فهناك اكثر من مسجد قد حرق في انحاء مختلفة من الضفة، وكتبت الشعارات نفسها ايضا، كما ان اغلاق الحرم الابراهيمي امام المصلين المسلمين او تحديد دخول المصلين الى الحرم القدسي باتت امورا تتكرر باستمرار في المناسبات او بدواعي ما يقولون انه اجراءات امنية .
لم تعد هذه الاعتداءات كما يبدو تصرفات فردية او حوادث متفرقة وانما هي مخطط يتم تنفيذه بأيدي اشخاص يشكلون تنظيما، كما يتضح من التحقيق مع المتهم بحرق المسجد في طوبا الزنغرية وهو من اصحاب السوابق والممنوعين من دخول مناطق معينة في الضفة وغيرها .
ولم يعد يكفي ان تصدر بيانات تنديد او استنكار او زيارات للمواقع المستهدفة من قبل بعض المسؤولين الاسرائيليين وانما المطلوب فعلا هو تفكيك هذا التنظيم المجرم وانزال اقصى العقوبات بافراده، حتى لا يظل هؤلاء يعتقدون ان بامكانهم القيام بجرائمهم والافلات من اي عقاب او محاسبة.
لقد اثارت هذه الاعتداءات استياء واسعا وادت الى قيام احتجاجات فورية من الفلسطينيين داخل الخط الاخضر وخارجه، كما ادت الى حدوث تداعيات واسعة في طوبا الزنغرية سابقا وفي يافا بالامس وكل هؤلاء يطالبون بحق، بوقف هذه الاعتداءات وهذا التطرف الاعمى والمجنون في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الصراع الذي يبدو ان هؤلاء المجرمين يحاولون تحطيم ما تبقى من فرص ضئيلة اساسا لتحقيق السلام والاستقرار، ولا بد من اقتلاع جذور هذه العنصرية الحاقدة.
اللجنة الرباعية والدور المفقود
من المقرر ان يجتمع ممثلو اللجنة الرباعية في بروكسل اليوم لبحث الاوضاع في المنطقة واحتمالات استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، وهذه اللجنة تمثل كما هو معروف الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وروسيا ، اي انها تمثل العالم باسره والقوى الفعالة بصورة خاصة، ومع هذا فان دور اللجنة يبدو مفقودا وغير مؤِثر على الاطلاق، ونرى انه في النهاية يمثل وجهة نظر واحدة لا تعبر عن آراء الاطراف الاربعة التي هي متعارضة تماما فيما يتعلق بالمفاوضات وعضوية الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة ، حيث تقف روسيا مثلا موقفا يختلف عن الموقف الاميركي ومن المفروض في الامم المتحدة ان يكون لها رأي خاص وموقف يعبر عن مبادئها في رفض الاحتلال وتحقيق السلام العادل .
وكانت اللجنة قد اصدرت بيانا في اوج الحملة الفلسطينية في الامم المتحدة دعت فيه الى استئناف المفاوضات في غضون شهر وحددت نهاية العام القادم ٢٠١٢ موعدا نهائيا لانجاز مهمتها، وفي بيانها الذي صدر في ٢٣ ايلول الماضي .
قالت ان استئناف المفاوضات يجب ان يتم دون تأخير او شروط، في اشارة الى الطرف الفلسطيني كما يبدو في حين ان اسرائيل هي التي تضع الشروط قولا وفعلا وواقعا ولا سيما في عمليات التهويد والاستيطان، وبعد ١١٠٠ وحدة في غيلو قرروا اقامة مئات الوحدات الجديدة ويخططون لمئات آلاف الوحدات، وهم ايضا يشترطون عدم ادراج القدس على جدول المفاوضات وهو من اخطر الشروط والتحديات.
لو ان الرباعية جادة فعلا او ان لها الدور المتوقع منها لطالبت اسرائيل بعدم فرض شروطها وبضرورة وقف الاستيطان وكل الممارسات الاخرى المنافية لابسط قوانين ومفاهيم السلام والعدالة.
وعلى هذا الاساس فنحن نعتقد ان اللجنة الرباعية فقدت دورها واهمية وجودها وضاعت في متاهات المناورات والاهداف والمصالح الخاصة.
حديث القدس