تراث رابين وبيريس وشارون

انه زعيم خيب الآمال، وسلوكه في حياته لا يلائم رئيس حزب يسار. ولم يأت بالسلام ايضا. فاذا كان كذلك فلماذا الضجيج؟ استوعب النقد، ووضع تاج القيادة وترك الحزب الذي لا يرغب فيه. كان يجب اذا على معارضيه ان يردوا بصيحات ابتهاج لا بندب يتامى متروكين.
نشك في ان يكون ايهود باراك قد أحدث الحيلة «الأكثر قذارة». لكن من الواضح ان الهجوم المشترك عليه هو الأكثر نفاقا وتعطشا للدم مما عرف في السياسة الاسرائيلية قط. لم يكد يبقى شخص من الحياة العامة أو اكاديمي معارض لباراك، لم يستدع لانتقاده والتنديد به وسفك دمه. وقد برز هذا الامر على الخصوص في محطة المذياع المسؤول عنها باراك في ظاهر الامر ألا وهي صوت الجيش الاسرائيلي.
«هذه هي الحيلة الأشد قذارة في السياسة الاسرائيلية»، تقول تسيبي ليفني من غير أن يحمر وجهها خجلا. انتسبت ليفني الى حكومة الليكود التي جزمت ان «حكم نتساريم كحكم تل ابيب». ومع الايام استقر رأي اريئيل شارون على اقتلاع نتساريم وغوش قطيف كله.
وقد بادر لاحراز شرعية الى استفتاء منتسبي الليكود والتزم قبول حسمهم. خسر شارون لكنه قرر تنفيذ الاقتلاع. شق الليكود وانشأ – على صوت هتاف اولئك الذين يهاجمون شق باراك اليوم – كديما. ومضت لفني وراءه وسرقت السلطة مثل اوريت نوكيد حقا. وقد تم تعيين لفني مكافأة لها على اخلاصها للقيم الأساسية من العدل والاخلاق والسياسة والانسانية، تم تعيينها وزيرة للخارجية.
قامت مجموعة «الاستقلال» بحيلة نتنة. لكن ثم حقا فقط لمن عارض في الماضي الحيل النتنة – حتى لو خدمت أهدافه – الحق في أن يُسمي الاجراء الحالي بهذا الاسم.
لم يكن عند باراك وازع لان هذا الاجراء معياري في السياسة الاسرائيلية. وقد أعطى إحلال المعيار المرفوض اولئك الذين أيدوا حيلة شمعون بيريس النتنة، مع اسحق رابين عندما اشترى شاس وتاركي رفائيل ايتان لاحراز أكثرية من اجل كارثة اوسلو. والأكبر ذنبا هي الاجهزة العامة وفيها جهاز القضاء، الذي أيد شارون عندما حطم مثل ثور منزلق كل معيار. إن اولئك الذين تعاونوا معه مع صدّيقين آخرين ينقضون اليوم مثل طيور جارحة على باراك الى درجة سلبه حقه في ان يكون وزير جيش.
برهن باراك بالهرب من لبنان الذي أشعل حرب ارهاب بدء سني الألفين على انه ليس استراتيجيا. وبإجراءاته المستخذية للقضاء على الحرب الدامية التي هي ثمرة خطيئته الاولى، برهن على هذا مرة اخرى. وبتردده عن الخروج الى عملية «الرصاص المصبوب» – وبوقفه إياها من غير اسقاط حماس ومن غير جلعاد شليط – ثبت لنا مرة اخرى ان الأسطورة ليس لها غطاء.
من اجل هذا ومن اجل اخفاقات استراتيجية اخرى أشار اليها ايهود اولمرت في المدة الاخيرة، لا يستحق ان يكون وزير جيش، لا لأنه شق حزب العمل. فقد حدث مثل هذا الشق عشرات المرات وحظي بالثناء عندما كان يرمي الى تقديم برنامج عمل يساري. وعندما قد يساعد الشق «اليمين» فقط، (برغم انه لم يعد يوجد يمين سياسي ذو شأن في اسرائيل)، أي بنيامين نتنياهو، فان هذا الشق الأخير خائن وقذر ونتن.
يسرائيل هرنيل - HAARETZ