تراجع شعبية «سي ان ان» في أميركا.. وتصاعدها في أوروبا

تواجه القناة الأميركية «سي ان ان» التي كانت تتصدر المشهد التلفزيوني الإعلامي العالمي أزمات كبيرة، أكبرها في الولايات المتحدة الأميركية. إذ كشفت أرقام بحث «نيلسن»، الذي نشرت نتائجه في الأول من مايو الجاري، الى أن معدل مشاهدة القناة انخفض كثيرا حتى وصل الى أدنى مستوياته في السنوات العشر الأخيرة. وبالرغم من أن البحث نفسه أشار الى تراجع كل القنوات الإخبارية الأميركية (باستثناء تقدم بسيط جدا لقناة «فوكس» اليمينية التوجه)، الا أن «سي ان ان» فقدت 108 آلاف من مشاهديها اليوميين، واقترب معدل المشاهدة لها في أي وقت من اليوم الى 367 الف مشاهدة، مع تراجع في معدل مشاهدة القناة ضمن فئة 25- 54 العمرية، والتي تعتبر الأكثر أهمية في اعتبارات القنوات التلفزيونية واستراتيجياتها.
لكن وقبل انقضاء الشهر الجاري، حمل استطلاع أوروبي أنباء سارة للقناة الأميركية، فقد أظهر بحث أجرته مؤسسة «اي اس ام» ونشرت نتائجه يوم الثلاثاء الماضي، أن «سي ان ان» قد تقدمت على القنوات الإخبارية الأخرى في أوروبا لجهة متابعة المشاهدين الأوروبيين لها، حيث حققت نموا بنسبة 18% قياسا الى العام الماضي. والمفاجأة بموجب البحث الجديد هي أن القناة لا تزال تتغلب على قنوات إخبارية كبيرة مثل «بي بي سي»، و«سكاي» البريطانيتين، و«الجزيرة» الإنجليزية، علما أن الأخيرة، وبسبب تغطياتها للثورات العربية، تحجز الآن موقعا متقدما ضمن قائمة القنوات الإخبارية، والتي تشمل أيضا، «يورو نيوز» التي يدعهما الاتحاد الأوروبي، و«روسيا اليوم» الروسية، و«فرانس 24» الفرنسية، و«دويتشيه فيله» الألمانية.
وحسب «السفير» اللبنانية لا تعتبر نتائج البحث الأوروبي مهمة فقط نظرا لأهمية السوق الأوروبية بالنسبة الى قناة «سي ان ان» الأميركية، بل إنها أيضا تطمئن كثيرا إدارة القناة على مستقبلها المالي، خاصة أن جزءا من موارد القناة تأتي من الأموال التي تدفعها شركات تزويد خدمة التلفزيون للقناة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وأيضا من اشتراكات الفنادق مقابل استلام بث القناة، والتي كان وجودها ضمن القنوات التلفزيونية التي تقدمها الفنادق عدت شيئا أساسيا قبل أعوام، قبل أن تتخلى بعض الفنادق الشهيرة عن «سي ان ان»، كجزء من رغبتها بدعم القنوات الأوروبية، وتفضليها قناة «بي بي سي» أو «يورو نيوز» على القناة الأميركية.
وبالرغم من التفاؤل الذي توحي به أرقام البحث الأوروبي، الا أن أزمات قناة «سي ان ان» عديدة ومتشعبة منها: المنافسة القوية التي تواجهها من قبل القنوات الإخبارية الأخرى. فقد خسرت سريعا شعبيتها الكبيرة التي حققتها منذ أولى تغطياتها التلفزيونية لأول حرب في منطقة الشرق الأوسط تم نقلها فضائيا (حرب الكويت في العام 1991). وبدأت حصتها في سوق القنوات الإخبارية بالتقلص، وخاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط، كما فقدت «سي ان ان» كثيرا من نجومها لصالح قنوات أخرى.
لكن معضلة القناة الكبيرة تتمثل بغياب الهوية الواضحة لها. فبرامجها بقيت تبحث عن نموذج غير واضح للعالمية، فيما بذلت القنوات الإخبارية الأخرى جهودا كبيرة في إيجاد هويات خاصة تتوجه من خلالها الى جماهير محددة.