ترقيع البكارة

 

وحيداً، تئن روحي من عار يتجاوز مهانة تزوير إرادة شعب إلى مهانة اغتصاب اللغة؛ الفسق العلني الذي مورس على مدى أيام وليالي مهزلة الانتخابات، ثم عار الحفل الباخوسي لتنصيب الحزب المنتصر؛ حفل تألق فيه مسنون لم يعودوا قادرين إلا على أكبر الفسق وأكثره دناءة: الفسق باللغة.
 

اللغة آخر وأعز شرف نملكه. ولا يعنيني في هذا الصباح أن تبقى أوطاننا المحتلة محتلة أو أن يزداد عددها، يهمني فقط إعادة السلام إلى روحي بنسيان ما حدث، والحدب على لغتنا الضحية التي لا ذنب لها، والبحث عن طريقة لإعادة بكارتها من أجل أن تحظى باحترام أجيال جديدة لن ترضى بلغة مفسوق بها.

 


وللأسف، لم أجد أمامي سوى الاستعارة من الأجنبي مرة أخرى؛ فكما نلجأ إلى الصين من أجل أغشية البكارة الأنثوية، لا مفر من اللجوء إلى الأجنبي لاستعادة البكارة اللغوية، بعد أن عرفت الأنظمة الفاسقة كيف تدرب المثقف ليكون مثل كلب العاهرة الذي يعتبر كل زوارها أسياده.

 


هناك القليل جداً ممن يوثق بهم الآن لكي نستعين بهم على رد اللغة إلى مدارها، ليعود تزوير إرادة شعب جريمة وليس مجرد تجاوزات ولكي يعود الدكتاتور دكتاتوراً وليس قائداً لمسيرة الديمقراطية ولكي يعود القواد قواداً وليس برلمانياً محصناً.

 


وقد وفر إلياس فركوح لي هذا الصباح الفرصة للاختيار من خلال كتاب جديد جمع فيه ثماني حوارات مع مثقفين أجانب بقسمة عادلة بين النساء والرجال: مارلين فرنتش، مارغريت درابل، ألفريدة يلينيك، ونانسي هيوستن، في مقابل بول أوستر، خوان غويتسولو، دبليو جي سيبالد، وميلان كونديرا.

 


عزت القمحاوي - القدس العربي