تركيا تسير سياسياً في حقل ألغام تجاه ما يجري في سورية

عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002 وجد في سورية بوابة لتركيا إلى العالم العربي، وقد تطورت العلاقات بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية إلى أن وصلت إلى مستوى القمة، وهو أمر لم يكن ممكناً لولا الإرادة المشتركة والمصالح والتطلعات المتبادلة إزاء العديد من القضايا في المنطقة.تركيا وفي تطلعاتها هذه انطلقت تحت عناوين ونظريات مثل:

 

تصفير المشكلات والعمق الإستراتيجي... في إشارة إلى أنها بصدد تحول في سياساتها بعد عقود من التبعية للغرب في إطار عضويتها في الحلف الأطلسي واتفاقية الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة، وعليه قوبل توجهها المشرقي هذا بترحيب سوري وإيراني وروسي وصيني، حيث أجرت للمرة الأولى مناورات عسكرية مشتركة مع كل من سورية والصين واتجهت نحو موسكو لشراء السلاح منها، على حين شهدت علاقاتها توتراً مع إسرائيل على خلفية الحرب التي شنتها الأخيرة على غزة والاعتداء على سفن أسطول الحرية ومقتل تسعة ناشطين أتراك كانوا على متنها في عرض البحر المتوسط. وفي المحصلة فإن هذه السياسة عززت من صورة تركيا الإيجابية في العالمين العربي والإسلامي وأبرزت إمكانية قيام عمق إسلامي يضم سورية والعراق وإيران وتركيا وهو ما أثار المخاوف في الداوئر الإسرائيلية والأميركية.

 

أمام هذا الواقع، ثمة إحساس بالصدمة من الموقف التركي منذ أن بدأت الأزمة السورية، فالموقف التركي يطرح علامات استفهام وأسئلة كثيرة عند التدقيق في خلفيته وأبعاده انطلاقاً من المعطيات التالية:

 

1- احتضان تركيا سلسلة مؤتمرات للمعارضة السورية في الخارج وقد غلب عليها المشاركة الإخوانية (الإخوان المسلمين) وسط تحريض واضح على تصعيد الاحتجاجات.
2- تأمين المنبر الإعلامي لزعيم حركة الإخوان المسلمين السوريين رياض الشقفة وظهوره من اسطنبول أكثر من مرة في رسالة لا تخلو من الدلالات السياسية.
3- اللهجة التركية التي تزاوج بين النصح المدرسي ولغة الشروط والتهديد والتلويح بالإجراءات إذا ما ذهب المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف ما.


هذه المعطيات وغيرها تثير السؤال التالي: ما الذي يدفع بتركيا إلى أن تسير سياسياً في حقل ألغام تجاه ما يجري في سورية؟ ولعل ما يزيد السؤال إلحاحاً هو أن العلاقات بين أنقرة ودمشق كانت ممتازة قبل تفجر أحداث سورية، وأن بين البلدين حدوداً مشتركة تمتد على مسافة أكثر من ثمانمئة ألف كليو متر تتداخلها المصالح والأمن والعوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية المشتركة.


في الواقع، ثمة قناعة تتعزز، قناعة مفادها: أن السبب وراء تغير الموقف التركي هو أن حزب العدالة والتنمية بات يرى تقاطعات كبيرة بين سياسته وسياسة قوى محلية (إسلامية) في العديد من الدول العربية تدعو إلى إسقاط الأنظمة وهو تقاطع يفجر النزعة الكامنة للحزب التي تعرف بالعثمانية الجديدة، ولعل مثل هذا التوجه بات مغرياً في ظل الرضى الأميركي عنه وعلى الدور التركي الجديد ما دام يساهم في تفكيك قوى الممانعة ويؤمن دور أقوى لتركيا في المنطقة. إنه دور جديد يمزج بين البراغماتية والإيديولوجية معاً.

 

شام نيوز. الوطن