تساؤلات حول وجود أجندة سياسة خارجية لـ «فيسبوك»

مع نهاية العام 2008، كان يأمل مارك زوكربيرغ، الرئيــس التنــفيذي لشبكة التواصل الاجتماعي «فيسـبوك»، مسيرة سياسية كبرى جرت في كولومبيا في مطلع ذلك العام.

حيث أنشأ أحد الشبان صفحة على فيسبوك، يظهر فيها اشمئزازه من القوات المسلحة الثورية الكولومبية «فارك»، وبعد مرور شهر، وتحديدا في الرابع من فبراير عام 2008، انضم إلى الصفحة الملايين من كولومبيا والعالم للاعتراض على «فارك».

قالت في هذا الشأن مجلة فورين بوليسي الأميركية إن تلك التظاهرات المناهضة لحركة «فارك» كانت التموج الأول لما أضحت هذا العام موجة عالمية بشأن استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية في الحركات السياسية الكبرى، بعدما تحول فيسبوك وتويتر بين عشية وضحاها إلى منابر جماعية وأوراق التماسات وقاعات اجتماعات.

وربما بدأت تلك الموجة في الشرق الأوسط من خلال الشباب الثائر على موقع فيسبوك، لكن سلسلة ردود الفعل أدت في النهاية إلى حركات وتظاهرات قام بها المواطنون لتغيير المشهد من حولهم، ليس فقط في تونس ومصر وليبيا، حيث أسقط الطغاة هناك، وإنما كذلك في سورية واليمن والبحرين، وفي وقت لاحق في إسبانيا وإسرائيل والهند وبريطانيا والولايات المتحدة وأماكن أخرى. ويعتبر فيسبوك خطا مشتركا في كل هذه الحركات، وبات البنية التحتية للاحتجاجات والتظاهرات.

وقد لجأ زوكربيرغ إلى دراسة لغة الماندرين الصينية استعدادا لنشر فيسبوك في الصين ـ ليس كجزء من طليعة فيسبوك السياسية، وإنما انطلاقا من حرصه الشديد على نجاح خدمته في الصين. وسبق لزوكبيرج أن تنبأ قبل سنوات عدة بأن السيناريو الذي حدث في كولومبيا قد يتكرر كل يوم تقريبا في غضون الـ 15 عاما المقبلة.

لكن الأحداث فاقت توقعاته بالفعل، بعدما شهده عام 2011 من تحولات وتقلبات على الصعيد السياسي. ورأت المجلة أن السنوات المقبلة قد تشهد كذلك تأثيرا أكبر من تلك الوسائل الإلكترونية المتطورة، مشيرا إلى أن فيسبوك، الذي لم يتم بعد عامه الثامن، سيتجاوز عدد مستخدميه النشطين عما قريب حاجز المليار مستخدم. ورغم قلة عدد مستخدمي تويتر، مقارنة بفيسبوك، إلا أنه منصة تستخدمها الصفوة.

فيما تعمل مجموعة من جحافل رجال الأعمال في وادي السيلكون وأماكن أخرى من أجل تطوير منتجات جديدة في مجال الإعلام الاجتماعي، قد تصبح في نهاية المطاف أكثر فعالية في مساعدة الأناس العاديين على تنظيم صفوفهم وترتيب أوراقهم.

إلى هنا، أوضحت فورين بوليسي أن ما يجعل فيسبوك شديد الفعالية في عالم السياسة هو حقيقة أنه أول وسيلة اجتماعية: ومع أن كل من فيسبوك وتويتر قد تسبب في حدوث الربيع العربي، إلا أن وسائل الإعلام الاجتماعية ربما ساعدت الناس على تنظيم صفوفهم ونشر الوعي فيما بينهم، وربما لهذا السبب قد يلتزم زوكربيرغ الصمت في تلك المرحلة، على عكس الموقف الذي تبناه في العام 2008.

ورغم حظر فيسبوك في بلدان عدة، منها بورما وكوبا وكوريا الشمالية وإيران، إلا أنه يعمل في عشرات البلدان الأخرى غير الديموقراطية، فيما عدا الصين، التي تعد أكبر علامة استفهام بالنسبة إلى وسائل الإعلام الاجتماعية، في ظل الرقابة المفروضة هناك على بعض مواقع الإنترنت.

وبينما يؤكد زوكربيرغ أن دخول الصين من أبرز أولويات فيسبوك الإستراتيجية، فإنه يصعب تخــيل السماح للخدمة بالعمل في الصين من دون التعرض للترشيح والرقابة المطبقة بالفعل مع وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى.

 

 

شام نيوز - ايلاف