تشويه السكن الشبابي... ارتفاع في الأسعار وسوء في التنفيذ

 

 منذ حوالي 8 سنوات تم الإعلان عن فتح باب الاكتتاب على حوالي 10 آلاف شقة بمشروع السكن الشبابي على مستوى القطر.

ورغم ما تضمنه الإعلان من مزايا ومحفزات للمواطنين من أجل المبادرة إلى التسجيل إلى أن قسماً كبيراً منهم وقف في حالة حيرة وتشكيك وعدم ثقة‏ ،لا سيما أن تجارب الجمعيات السكنية المفجعة والقاتمة كانت ماثلة أمام أعينهم فامتنعوا عن التسجيل خشية وقوعهم ضحايا مشروع ربما يكون صورة مشابهة لحال تلك الجمعيات.‏

كان عدد المسجلين حوالي 26 ألف شخص لكن المفاجأة السارة كانت بقبولهم جميعاً وتقسيمهم وفق قرعة جرت على شاشة التلفزيون إلى ثلاث مراحل.‏

وخلال هذه الفترة أطلقت الكثير من التصريحات والمواقف من المعنيين بتقديم كل الدعم والرعاية لهذا المشروع الذي تعلق عليه الآمال في تأمين المسكن المناسب بأسعار منخفضة لذوي الدخل المحدود خاصة للشباب المقبلين على الزواج.‏

واستمرت اللمسات المضيئة في مسيرة هذا المشروع حيث وقبل حوالي 4 سنوات تم تسليم المرحلتين الأولى والثانية في مشروع سكن شبابي المعصرانية وبعد سنتين تم تسليم المكتتبين على المرحلة الأولى في الأشرفية ومؤخراً تم تسليم المرحلة الثانية.‏

من هنا فإن التشكيك وعدم الثقة والتردد الذين صاحبوا العديد من المواطنين عند الإعلان عن الاكتتاب على المشروع تبددت وتلاشت وتحولت إلى ثقة كبيرة لا حدود لها دفعت الكثير منهم عن التعبير صراحة عن ندمهم وتحسرهم على عدم التسجيل وإضاعتهم فرصة ثمينة.‏

لكن ومقابل ذلك حدثت عدة أخطاء وتجاوزات شوهت السمعة البراقة والصورة الجميلة لهذا المشروع تمثلت في ارتفاع أسعار المساكن خلافاً لما كان مقرراً أو معلنا حيث حدد سعر المتر المكعب بـ7000 ليرة فأصبح 9000ل.س في المرحلة الأولى من سكن المعصرانية و12300 ل.س في الأشرفية ووصل إلى 15 ألف ليرة في المرحلة الثانية بالأشرفية.‏

والأسوأ في الأمر أن ذلك الارتفاع ترافق مع سوء تنفيذ واضح وصريح ليس بحاجة إلى لجان خبرة وتدقيق لتكتشفه بل بالعين المجردة؟!. 

والأمثلة في هذا الصدد كثيرة فما هو محدد في بنود العقد شيء من حيث النوع والمواصفات والمنفذ على أرض الواقع شيء آخر .. أنواع رديئة من الخلاطات - السيراميك - البلاط - التمديدات الصحية - الإكساءات وحتى مسكات الأبواب؟!‏

بالطبع إن ثمن الشقق تم تحديده استناداً إلى المواصفات الممتازة الموجودة في العقد وليس السيئة التي وجدت طريقها إلى أرض الواقع؟.‏

أمام ذلك يطرح تساؤل ملح إذا كان ذلك أي سوء التنفيذ والمواصفات يتم دون علم الجهات المعنية بالإشراف والمراقبة والمحاسبة فتلك مصيبة أما إذا كانوا على علم وغضوا الطرف لأسباب متعددة فالمصيبة أعظم؟!.‏

من هنا فالمطلوب إرسال لجنة اختصاصية محايدة للوقوف على ذلك, وتحديد الأسعار المناسبة للشقق استناداً إلى الأعمال السيئة والنوعيات الرديئة الموجودة وذلك إنقاذاً لسمعة السكن الشبابي من تعرضها للمزيد من التشويه والإساءة.‏

الإعلان عن بيع الأقبية وسوق المبررات!! .‏

وإن مسلسل تشويه السمعة لم يقف عند هذا الحد بل وصل إلى درجة أشبه بالاستفزاز عندما عمدت المؤسسة إلى إصدار إعلان عن بيع الأقبية في عدد من الأبنية وذلك لعذر غير مقنع إطلاقاً بأن ذلك البيع سيؤمن السيولة للمؤسسة لتسديد قيمة الاستملاكات للتوسع في تنفيذ مشاريعها وهذا ينعكس على تخفيض قيمة المساكن التي تبنيها وإزاء ذلك تطرح العديد من الأسئلة: أين المبالغ التي تقاضتها المؤسسة من الارتفاع المتسارع لأسعار الشقق وهل يعقل أنه مع ذلك وقعت على حافة الإفلاس حتى تبحث عن مصادر تمويل من بيع الأقبية؟!.‏

من سيضمن ألا تتحول تلك الأقبية إلى مصادر إزعاج وإقلاق راحة القاطنين على مدار اليوم وليس لعدة ساعات فقط؟.‏

ألا يمكن أن تتحول إلى مخازن لمواد قابلة للاشتعال بسرعة - اسطوانات غاز - ألعاب نارية - ورش صناعية حرفية أو إلى مقاهي انترنت وألعاب تتحول إلى بؤر للانحراف والتسرب من المدارس؟!.‏

هل كان تأجيل إقامة المزاد على بيع الأقبية بمثابة إلغاء نهائي لا رجعة فيه عن هذه الفكرة والمشروع الذي لقي اعتراضاً وقلقاً وتوجساً كبيراً في صفوف القاطنين, أم هو أشبه بانحناءة أمام عاصفة وسيل الاعتراضات سرعان ما يتم استغلال الفرصة المناسبة للتنفيذ في غفلة عن القاطنين؟!!.‏

 

شام نيوز- جريدة الجماهير