تطرف الطبيعة

عبثاً نفكر ببيع أو شراء الزمن، أو حتى بتأخيره، وإن كان بضاعة فاسدة، لنهرب من قساوة وقعه ونفرح بالانعتاق... ولو لسويعات .
قد لا يكون بجديد طرح في نهاية عام تتماهى في دقائقه الحقائق والأباطيل،  ولكأنها النهاية - مزيج من تشييد الأحلام والهلع - تستعد لاجتياحنا، أو كأن طعماً مختلفاً سيكون لوداع أول عقد من القرن الواحد والعشرين.
على أهمية الذاتي والأماني خلال النهايات، بيد أن الموضوعي في الأمر قد يكون الأعظم، فيأس الطبيعة من أن ننسجم معها، أو من إصلاحنا، أجبرها على معاملتنا بالمثل. وهو ما غيّر حتى من طعم الأعياد .
 الطبيعة غاضبة فانتبهوا، والغضب لم يأتِ من رمي قذاراتنا ونفثنا للدخان وتوسيعنا لثقب الأوزون وإحجامنا عن التوقيع على اتفاقية "كيوتو"، وإلا لاكتفت بالفيضانات والأعاصير والهزات، لكن إسرافنا وتطرفنا وتفاوتنا في الغنى والفقر، القوة والضعف، والقياس والحكم بحجم الغضب لا بحجم الذنوب، دفعها- على ما يبدو – مضطرة للإسراف فدفعت بأوروبا نحو باب " المتجمد الشمالي " وكذا " الجنوب " إلى أعتاب الصحارى ، علّ من يهمه الأمر يعي الرسالة والعقاب الجماعي الذي بدأ يصيبه.
قصارى القول: تطرفت الطبيعة وربما تزيد لطالما تطرف أكبر من على الأرض، الإنسان هو الأكبر في حقده وتسامحه، وهو الأكبر في مرضه ومعاناته وموته، وهو الأكبر حتى في صمته وخياناته... هو من خرج عن المعايير وبدأ الإساءة والتطرف، فإن تطرف سواه فلا يلومن إلا نفسه، وكلما زاد فليستبشر بالمزيد.

 

 


عدنان عبد الرزاق