تغيير المفاصل ثالثاً

الصفحة الأخيرة

زياد غصن- شام إف إم


بعد المكاشفة والحوار، تأتي الخطوة الثالثة في مشروع النهوض والمتمثلة في تقييم واقع القيادات الإدارية الموجودة.

إذ إن الكوادر والمفاصل الإدارية التي وقفت عاجزةً في مواجهة التدهور الاقتصادي والخدمي الحاصل منذ سنوات، أو كانت سبباً في تفاقمه لا يمكن التعويل عليها في تنفيذ مشروع النهوض، لا ربّما تكون عائقاً أساسياً.

شاغلو بعض المناصب الحكومية هم اليوم جزء من المشكلة التي تواجهها البلاد، بأفكارهم، سياساتهم، تجاوزاتهم، وضعف مؤهلاتهم، وكثيراً ما كانوا سبباً في إفشال العديد من المشروعات والأفكار النبيلة التي كانت تعطى لهم.

لذلك أياً كان مضمون استراتيجية النهوض التي سيتم التوصل إليها بموجب الحوار، فإن العبرة تبقى بالتنفيذ، الذي إما أنه يحول تلك الاستراتيجية إلى طاقة واسعة من الأمل، أو يجعل منها سبباً في توسيع الفجوة المتشكلة بين المواطن والأمل.

وأنا على قناعة تامة أن جزءً من الفريق الحكومي الموجود حالياً، وعلى مختلف المستويات الإدارية، لن يكونوا أكثر من عبء على مشروع النهوض والإصلاح، وعليه لا بد من تحييد هؤلاء لصالح مستقبل البلاد والعباد.

الخطوة الثالثة التي نتحدث عنها ليست سهلة، فهي بحاجة إلى سلسلة إجراءات متتابعة ومترابطة مع بعضها البعض تبدأ بتحديد المستهدفين بالتغيير، ومن ثم معايير ترشيح البدلاء واختيارهم، وصولاً إلى آليات التقييم المستمرة لأداء هؤلاء ونتائج أعمالهم.

قد يسأل البعض: وهل المشكلة فقط في بعض شاغلي المناصب الحكومية؟

بالتأكيد المشكلة أعمق من ذلك، فالطبقة البرجوازية الطفيلية التي تشكلت على مدار سنوات الحرب هي مشكلة حقيقية أيضاً، وتراجع أداء العاملين في الأعمال الحرة هي مشكلة خطرة أيضاً، وضعف ثقافة الانتماء والالتزام بالقواعد الأخلاقية في ممارسة المهن الإنسانية والعلمية هي مشكلة عميقة أيضاً.

لكن صدقوني، عندما يبدأ التغيير في طريقة ترشيح واختيار شاغلي المناصب الحكومية، فإن العدوى الإيجابية سوف تنتقل تدريجياً إلى المجتمع هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الدولة ستكون ملزمة بخلق بيئة مشابهة لتلك التي تصنعها في العمل الحكومي.