تقارير دبلوماسية اميركية: القذافي زئبقي غريب الاطوار يحب الفلامينكو

 

وثائق ويكليكسية جديدة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية تحدثت عن الزعيم الليبي معمر القذافي واصفة اياه شخص "زئبقي وغريب الاطوار" يعاني من مخاوف مرضية، ويستمتع بمشاهدة رقص الفلامينكو وسباقات الخيل، ويتصرف وفقاً لنزواته، ويغيظ الاصدقاء والاعداء على حد سواء،

 وتقول الصحيفة البريطانية ان البرقيات تبين ان "القذافي كثيراً ما يتعرض للسخرية في الغرب، ولكن ينظر اليه بخوف وعدم ثقة في بعض انحاء افريقيا". وقد خشي الزعيم الاوغندي يويري موسيفيني من هجوم ليبي محتمل على طائرته.

ويبدو ان القذافي، اكثر من معظم الشخصيات العالمية، موضع اهتمام فضولي سياسي وشخصي، لأسباب ليس من اقلها شأناً قضية لوكربي ودعمه للارهاب في الماضي. ولديه الآن، وهو في الثامنة والستين من العمر وموجود في السلطة منذ 1969، كره او خوف شديد من البقاء في الطوابق العليا، ويفضل الا يطير فوق الماء، حسب ما ذكر تقرير ارسله سفير الولايات المتحدة في طرابلس قبل قيام القذافي بزيارة مثيرة للجدل الى الامم المتحدة في نيويورك في ايلول (سبتمبر) 2009.

وتمنع موظفو البروتوكول في بادىء الامر عن وضع الصورة التي تبين الانظمة مقياسها على طلب تأشيرة الدخول للقيام بالرحلة "مشيرين الى ان صورته معروضة في كل انحاء المدينة (طرابلس) وان أي لوحة من مئات الواح الاعلان يمكن تصويرها وتصغيرها لتتطابق مع القياس المطلوب".

وحاول الزوار الليبيون ايضاً العثور على مكان اقامة فيه مساحة كافية لنصب خيمة القذافي التي هي مكانه المفضل لاستقبال الزوار وعقد الاجتماعات "لانها توفر له وسيلة غير لفظية ليبين انه رجل وثيق الصلة بجذوره الثقافية". وتصف برقية دبلوماسياً ليبياً كان يحاول التغلب على التعقيدات قبل الرحلة بانه "يعي بألم ان نزوات القذافي يمكن ان تخرب جهود وزارة الخارجية".

ووجده السفير الاميركي جين كريتز "معتمداً اعماداً كبيراً على مجموعة صغيرة من الموظفين الموثوقين"، بمن في ذلك مساعد كبير يتكلم معه عبر هاتف احمر خاص. وكتب ايضاً عن "ميل القذافي المعروف جيداً الى تغيير رأيه".

وعلى الزوار أن يتوقعوا المفاجآت، فقد حذر كريتز هيلاري كلينتون قبل أن تتوجه جوا إلى طرابلس في آب (اغسطس) 2008 ان معمرالقذافي "زئبقي. وكثيرا ما يتجنب أي اتصال بالعين خلال المرحلة الأولى من اللقاءات، وربما تكون هناك فترات صمت طويلة وغير مريحة. ويمكن أن يكون بدلاً من ذلك متفاعلا ومحاورا جذابا... وهو يعتبر نفسه مفكرا وفيلسوفا، وكان يتوقع منذ سنوات طويلة الفرصة ليعرض معك وجهات نظره في القضايا الدولية".

وأضاف: "المستشارون المهتمون بالقضايا الثقافية ومستهلكو الأخبار بنهم والموثوقون يُكلفون بتلخيص الكتب العربية المهمة والمقالات المطبوعة بلغات أجنبية".

وركز المبعوث خلال تقريره عن احتفالات العام الماضي بالذكرى الأربعين للثورة الليبية على الرقصات والعروض الثقافية المفضلة لدى القذافي. وقال: "بدا أنه مبتهج خصوصا بسباق خيول الطوارق... كان يصفق ويبتسم طيلة السباق. وأثارت راقصات الفلامنغو اهتماما مماثلا". واعتزم القذافي التوقف في اشبيلية في طريقه من فنزويلا إلى ليبيا لحضور عرض فلامنكو.

وتحدث مخبر لسفارة الولايات المتحدة عن "نمط حياة غير صاخب في "أحياء متواضعة، ذات جدران مسبقة الصنع وأرضيات غير ثابتة. الجدران بيضاء خالية من أي زخرف".

ووصف تقرير آخر كيف أن مقره في باب العزيزية وسط طرابلس فيه منشآت لحفلات الاستقبال والمناسبات العامة "لكنها ليست فاخرة على الإطلاق مقارنة ببذخ العائلات الحاكمة في دول الخليج أو عائلة الحريري في لبنان". ويرتدي العاملون في البيت ملابس الشارع وليس ازياء رسمية، بينما يرتدي القذافي عادة بدلات الركض عند مقابلة ضيف اعتاد على رؤيته، ووصف مستشار القائد بأنه "يظهر نزعة الارتياب ازاء المحيطين به، بمن فيهم مترجموه". وليس لديه في ما يبدو حساب مصرفي خاص به.

وقيل ان القذافي كان راضيا عن أدائه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 2009، عندما تحدث لمدة 96 دقيقة بدلا من الوقت المخصص له وهو ربع ساعة. وقال تقرير السفارة: "لقد اختزن القائد في زجاجات كل القضايا" طيلة 30 عاما وتمكن من التعبير عنها على المسرح العالمي. "وشعر القذافي أنه بحاجة للتعبير عن وجهات نظره وعن إحباطه تجاه القضايا التي أثقلت عليه - بما فيها أفكاره عن اغتيال الرئيس جون كنيدي".

ووصف المخبر موقف القذافي من الولايات المتحدة بأنه "صبياني"، ونقل عنه تساؤله: "كم من مدينة نيويورك سيتاح لي رؤيته؟" و"هل واشنطن بعيدة عن نيويورك؟ هل تعتقدون أنه سيكون عندي وقت كاف لزيارتها".

وتحدث دبلوماسيون أميركيون بتوسع عن عائلة القذافي وخصوصا ابنيه سيف الإسلام ومعتصم. ولكن، وفقا لملاحظة في إحدى البرقيات "ونظرا لأن العائلة تفرض سيطرة محكمة على الإعلام، فإن معظم النفقات الزائدة لأبناء القذافي تصرف خارج ليبيا، وليس هناك رد فعل شعبي يذكر في ما يتعلق بثروات عائلة القذافي".

وتصدرت هذه القضايا الاهتمامات عندما تورط ابن ثالث هو هنيبعل في قضية كبرى تتعلق باتهامات وجهت إليه بضرب خادم خلال زيارته لسويسرا، ما تسبب في أزمة دبلوماسية حادة بين طرابلس وبيرن توقف حلها على ما إذا كان "السلوك السيء المشهور والحاقد للعائلة الأولى سيتغير". ولم يرفع السويسريون أي دعاوى بعد ذلك.

وتلحظ تقارير السفارات الاميركية في انحاء اخرى من افريقيا دلائل وافرة لمستويات مرتفعة من انعدام الثقة. واشتكى الرئيس الاوغندي موسيفيني، اضافة الى قلقه من ان يتم اسقاط طائرته، من طريقة التقرب الليبية تجاه القادة الاخرين. وقال: "القذافي يحاول شراءهم او التهويل عليهم من خلال زعزعة استقرار بلادهم ما لم يوافقوا على الوحدة".

واشارت صحف ومصادر مستقلة انه خلال زيارة للعاصمة الغينية كوناكري اعطى القذافي سيارة "نيسان" مصفّحة للرئيس موسى داديس كامارا. وقال "مصدر حساس" للولايات المتحدة انه اعطى الرئيس ايضا مبلغا كبيرا من المال.

وفي موضوع الاتحاد الافريقي اشار ديبلوماسي من سوازيلاند الى ضحكه عند تلقيه مذكرة ديبلوماسية تحمل اللقب الجديد للقذافي كـ"ملك الثقافة".

وبالرغم من ذلك، تظهر البرقيات الاميركية ان القذافي هدأ ونضج مع مرور السنين. وقال القذافي للجنرال الاميركي ويليام وورد من قسم افريقيا في وزارة الدفاع الاميركية "في كل مرة نخمد حريقا في افريقيا يندلع حريق آخر. كنا نقول انها مؤامرة اميركية، ولكننا لم نعد (نقول ذلك) الآن".

اما بالنسبة الى السفير الاميركي في طرابلس فالخلاصة بشأن اين تقع المصلحة الاميركية كانت واضحة. "في حين ان من المغري اعتبار غرابة اطواره دليلاً على عدم الاستقرار، فان القذافي شخص معقد تمكن من البقاء في السلطة لمدة 40 عاما من خلال موازنته بمهارة بين المصالح واساليب السياسة الواقعية. ان مواصلة الحوار والاتصال مع القذافي وحاشيته امر مهم".

شام نيوز - THE GUARDIAN