تقرير ل"سانا": تصنيف سورية الائتماني يشير إلى تمتعها بملاءة قوية والتزام بالإصلاح

 

بعد فك الارتباط بين كمية الأوراق المالية التي تصدرها الدول وكمية الذهب التي تختزنها زادت الحاجة إلى وجود وكالات عالمية تضع معايير يبنى عليها التقويم الائتماني السيادي للدول وتتحدد قوة المؤسسات المالية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها حماية للتبادل التجاري بين الدول وتجنبا لحدوث انهيار اقتصادي عالمي.

وأصبحت وكالات التصنيف الائتماني العالمية هي المرجع المعتمد لمعرفة الوضع الاقتصادي لدول سيادية ومؤسسات مالية ضخمة من خلال إصدار تقويمات بناء على معايير اقتصادية ومحاسبية معقدة تنعكس على أسواق المال وأسعار الأسهم إيجابيا أو سلبيا حسب ارتفاع أو انخفاض التصنيف الائتماني أو الدين السيادي للدولة أو المؤسسة.

والتصنيف الائتماني أو الجدارة الائتمانية هي درجة تشير إلى مدى قدرة دولة أو موءسسة ما على سداد ديونها وبالتالي فالتصنيف الضعيف يشير إلى احتمال عدم استطاعة المدين الوفاء بالتزاماته.

أما التصنيف المرتفع فيعني استبعاد هذا الاحتمال ما يسهل لتصنيف المرتفع على الحكومات والشركات الحصول على تمويل وقروض سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية.

وتكمن أهمية الحصول على تصنيف أعلى في مستوى الفائدة التي يتوجب على مصدر الديون دفعها فكلما ارتفع هذا التصنيف انخفض مستوى الفائدة وكلما انخفض زاد سعر الفائدة التي يتطلب دفعها من قبل الجهة المصدرة.

كما تبرز هذه الأهمية لدى عدد من المستثمرين الذين يرغبون في شراء إصدار دين معين وذلك نظرا لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة لذلك فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.

ويوجد العديد من وكالات التصنيف حول العالم إلا أن أقواها ثلاث شركات أميركية وأهمها ستاندرد آند بورز التي تأسست عام 1941 و موديز 1917وتسيطران على تصنيف أكثر من 80 بالمئة من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية فيما تعد فيتش أقل شهرة مقارنة بالشركتين الأخريين وعموما فإن هذه الشركات تسيطر على حوالى 90 و95 بالمئة من سوق إصدار الديون في العالم.

وتعود سيطرتها إلى قرار أصدرته هيئة الأوراق المالية الأميركية عام 1975 باعتبارها معتمدة من قبلها حيث إن كثيرا من المؤسسات المالية وشركات التأمين لا تستثمر إلا في سندات ذات تصنيف عال فإن أسهل طريقة من قبل المصدرين للسندات لإثبات جدارتهم الائتمانية هي أن يحصلوا على تصنيف ائتماني من شركة أو اثنتين من هذه الشركات لتصبح أشبه بموءسسات محتكرة للتصنيفات الائتمانية حول العالم.

وتستعمل وكالات التصنيف فئات لوصف الجدارة الائتمانية تبدأ من / إيه إيه إيه/ كأعلى تصنيف /الأكثر أمانا/ نزولا للتصنيفات الأقل جدارة /إيه إيه/ وتشير إلى جدارة ائتمانية عالية ثم /إيه/ و/بي بي بي/ جدارة ائتمانية متوسطة إلى أقل من متوسطة ثم الفئة /بي بي/ التي تشير إلى أن البيئة غير استثمارية والفئة /بي/ مخاطرة و/سي سي سي/ مخاطرة عالية و/دي دي دي/ متعثرة.

ولعل من أبرز التقويمات التي اتخذتها الوكالات مؤخرا وأكثرها تأثيرا التصنيف الاخير لوكالة ستاندرد أند بورز الذي وضعته للائتمان السيادي الاميركي حيث خفضت علامة الدين العام درجة واحدة من /إيه إيه إيه/ الدرجة الأعلى على الإطلاق إلى /إيه إيه بلاس/ رغم أن الولايات المتحدة احتفظت بأعلى درجات تصنيف لدى الوكالة منذ تأسيسها.

وتمول مثل هذه الوكالات من قبل كل المؤسسات النقدية العالمية الضخمة كونها تستفيد من معلوماتها لمعرفة تصنيف هذه المؤسسات نفسها والتي تساعدها باتخاذ مختلف القرارات المصرفية وتقوم بتحديث معلوماتها باستمرار لتواكب أي تغيير يطرأ على هذه المؤسسات المالية المختلفة.

يذكر أن سورية حصلت أيلول 2010 على تصنيف ائتماني بالعملة الأجنبية بدرجة /بي بي/ للأمد البعيد و درجة /بي/ للأمد القصير من الوكالة العالمية للتصنيف الإئتماني /كابيتال إنتليجنس/ التي منحتها أيضا تصنيفاً إئتمانياً بالعملة المحلية بدرجة /بي بي/ للأمد البعيد ودرجة /بي/ للأمد القصير مع نظرة مستقبلية مستقرة لكل الدرجات.

وأوضحت الوكالة أن الصورة الإئتمانية السيادية لسورية تتميز بملاءة و سيولة قوية نسبياً مع إلتزام واضح بالإصلاح التدريجي لإقتصادها لكنها تواجه تحديات كبيرة في إصلاح البنية الإقتصادية وتطوير الهياكل المؤسساتية والقانونية والإدارية والإرتقاء بأنظمتها المالية.

وأشارت الوكالة التي تتخذ من قبرص مقرا لها الى أن القطاع العام يشكل عبئا كبيرا على مالية الدولة وعلى إنتاجية القوة العاملة ما يكبح جهودها في الإصلاح الإقتصادي فضلا عن تحديات اقليمية تشكل إحد المخاطر المهمة التي ترمي بثقلها على التصنيف الإئتماني السيادي وقدرت الوكالة أن ينمو الناتج الوطني المحلي الاجمالي بمعدل 5 بالمئة خلال 2011 مشيرة إلى أن إجمالي الدين الحكومي لسورية معتدل.

 

سانا