تقرير وزير العدل اللبناني: اختصاص القضاء اللبناني قائم..

 

 

شهدت الساحة اللبنانية أمس السبت تطوراً وصف بـ"الأهم" وكان تسلّم الوزراء تقرير وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار عن موضوع "شهود الزور" في معرض التحقيق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وذلك لدرسه ضمن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل في قصر بعبدا".

وفي التقرير، وفق ما نشرت صحيفة "النهار" اللبنانية، "أجوبةٌ عن عدد كبير من التساؤلات التي تزامنت مع كلمة ألقاها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس واتهم فيها المحكمة الخاصة بلبنان بحماية "شهود الزور"، كما تردّ على رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري في وضع ملف هؤلاء الشهود لدى المجلس العدلي".

وحدد التقرير المبادئ التي جرى أخذها في الاعتبار وهي:

"أ- مبدأ فصل السلطات، لاسيما الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية.

ب- مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في الدستور (الفقرة هـ من المقدمة والمادة 20) وفي القانون (المادة الاولى من قانون أصول المحاكمات المدنية).

ج- احترام الاتفاقات الدولية (لاسيما الاتفاق المعقود بين لبنان والأمم المتحدة حول تشكيل محكمة خاصة بلبنان).

د- مبدأ سرية التحقيق (أي عدم إفشاء المعلومات قبل إحالة الدعوى على قضاء الحكم المادة 53 أصول جزائية)".

وحدد التقرير "لائحة بالملاحقات" منذ 1/ 9/ 2005، فيقول، ودائما بحسب "النهار"، إن "الاجراءات حتى اعداد التقرير شملت الادعاء تباعاً على كل من: حسام علي محسن، اوسامة كنفاني، اللواء الركن جميل محمد السيد واللواء علي صلاح الدين الحاج والعميد ريمون فؤاد عازار والعميد مصطفى فهمي حمدان، وقد تم الافراج عن الضباط الاربعة من قبل المحكمة الخاصة بلبنان بموجب قرار صادر في 29/ 4/ 2009، مصطفى طلال مستو وايمن نور الدين طربيه وماجد حسن الاخرس ورائد محمد فخر الدين، فادي الياس النمار، ماجد غسان الخطيب، زهير محمد سعيد الصديق، محمود امين عبد العال واحمد امين عبد العال، ابرهيم ميشال جرجورة، فراس حاطوم وعبد العظيم خياط ومحمد بربر ونسيم المصري وخليل العبدالله".

وفي الملاحظات الاولية ذكر التقرير ان "زهير الصديق لم يُستجوب من قبل القضاء اللبناني ولا من قبل الضابطة العدلية، بل كشاهد من لجنة التحقيق الدولية خارج الاراضي اللبنانية بعد مغادرته في نيسان 2005(...) وبقي ملاحقاً بصفة مدعى عليه كشريك ومتدخل في الجريمة الى حين رفع يد القضاء اللبناني عن الملف إنقاذاً لقرار قاضي الاجراءات لدى المحكمة الدولية، واستردت مذكرة توقيفه واستردت مذكرات التوقيف الوجاهية بحق الضباط الاربعة".

وعن هسام هسام "فلم يستجوب من قبل قاضي التحقيق العدلي بل انتقل الى سوريا وصرّح عبر مؤتمر صحافي بأن ما سبق ان ادلى به امام لجنة التحقيق الدولية غير صحيح"، وعن ابرهيم ميشال جرجورة فقد "ادلى بأقوال امام المحقق العدلي ثم تراجع عنها معترفاً بأنه كاذب، وجرى الادعاء بحقه بجناية الادلاء بشهادة كاذبة وتم توقيفه وجاهياً ثم اخلي سبيله بعد حوالى ثلاث سنوات".

وعن اكرم مراد فقد "كان في 14/ 2/ 2005 موقوفاً بجناية الاتجار بالمخدرات، وورد من السجن ان لديه معلومات حول الجريمة وصار الاستماع الى اقواله من قبل المحقق العدلي(...) واحيلت الاوراق على لجنة التحقيق الدولي".

ولفت نجار في تقريره الى انه بادر الى توجيه كتاب الى المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار في 19 آب الماضي، فأبدى بلمار في رده "أن من يسمون "شهود الزور" هم بالفعل "شهود ذوو صدقية مشكوك فيها à crédibilitié douteuse” طالما لم يصدر قرار نهائي ومبرم بشأنهم عن المحكمة".

ويضيف بلمار "ان احكام المادة 134 من نظام الاجراءات المطبقة لدى المحكمة تحول دون ملاحقة من قدموا شهادات امام السلطات اللبنانية او لجان التحقيق، لأن نظام الاجراءات لا يطبق بمفعول رجعي، فيكون المدعي العام قد اعتبر ان صلاحيات المحكمة الخاصة بلبنان لا تطال ما حصل قبل نشوء المحكمة، وذلك وفق نظام اجراءاتها، الا انه اذا تبين ان ثمة شهادات قدمت امام المحكمة واتضح انها هدفت الى تضليلها فعندئذ يجوز تطبيق الاجراءات الخاصة بالمحكمة وتصح ملاحقة اصحاب العلاقة بسبب اهانة القضاء (outrage au Tribunal)".

هذا وحدد التقرير "شهود الزور" من منطلق النصوص وأبرزها مدرج في قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني، ويقول: "(...) ان الملاحقة بجرم شهادة الزور يمكن ان تباشر فوراً وان يتم تدوين تقديمها رسمياً، على ان يقوم القضاء بمهمته بكل استقلال وحياد. الا ان الامانة القانونية والمنطق السليم يفرضان لفت الانتباه الى ان اثارة مسألة شهود الزور، بل تحريك الادعاء والملاحقة امام القضاء اللبناني بشأنها، لا يعيق ولا يؤجل اعمال المحكمة الخاصة بلبنان طالما ان الاخيرة اعتبرت ان مسألة ملاحقة موضوع افادات شهود الزور المدلى بها قبل انشاء المحكمة الخاصة بلبنان لم تعد (او لم تكن) من صلاحياتها من حيث تطبيق القانون في الزمان".

وعرض للتطورات المتصلة بطلب اللواء السيّد في استدعاء امام المحكمة الخاصة "تسليمه عناصر ثبوتية عائدة لجرائم شهادة زور وتوقيف اعتباطي"، والراي القانوني الصادر عن المستشارة القانونية للامين العام للامم المتحدة باتريسيا اوبراين الذي أكد ان "كل مستندات المحكمة الدولية هي ملك للامم المتحدة (...) والامتناع عن الافصاح عن مضمونها بدون إذن منها". واستدرك نجار مبدياً "حرصه الكامل على استقلال القضاء اللبناني"، واشار هامش تقريره الى انه في 8 الجاري "تبلغ النائب العام الاستئنافي في بيروت مذكرات "توقيف على الغياب" واردة من المحامي العام الاول في دمشق مرفقة بها 27 مذكرة صادرة عن دائرة التحقيق الاولى في دمشق".

ونفى التقرير صلاحية المجلس العدلي في المبدأ للنظر في الموضوع ولا يعود لمجلس الوزراء احالة القضية عليه لأن القانون حدد الحالات التي يختص بها المجلس العدلي والتي لا تنطبق في موضوع "شهود الزور".

ويخلص التقرير الى القول: "اولا: ان اختصاص القضاء اللبناني هو قائم لقبول الادعاء في موضوع شهود الزور، ثانياً: يعود للقضاء اللبناني، باستقلال كامل عن السلطة التنفيذية، تقرير ما اذا كان يتوجب السير بالدعوى او استئخارها ريثما يصدر القرار الظني".

هذا وأرسل نجار نسخة عن تقريره الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحصل اتصال بينهما امس تناولا فيه مضمون التقرير.

وعلمت "النهار" ان وزير العدل يميل الى تعاطي القضاء العادي المختص مع شهود الزور، بينما يعتقد بري من منظاره القانوني ان يوضع ملف هؤلاء لدى المجلس العدلي بسبب الخطورة التي تضمنتها الاقوال التي ادلوا بها.

وفي سياق متصل  أفادت وحدة العلاقات الاعلامية في مكتب المدعي العام الدولي دانيال بلمار أنه "ليس للمدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار اي خطط لزيارة لبنان في هذا الوقت".

من جهتها نقلت صحيفة "الحياة" عن مصادر مطلعة قولها إن "التقرير الذي أعدّه وزير العدل إبراهيم نجار، والذي يشير الى صلاحية القضاء اللبناني في محاكمة شهود الزور، قد أحيل أمس على الأمانة العامة لمجلس الوزراء تمهيداً لتوزيعه على الوزراء الثلاثين الأعضاء في الحكومة".

وفي هذا السياق، علمت "الحياة" أن "وزراء المعارضة أكدوا موافقتهم على إضافة أسماء جديدة الى الأسماء التي لديهم عن شهود الزور ليحالوا على التحقيق".

وفي الموضوع ذاته وصف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الوضع القائم في لبنان بأنه "دقيق، لكنه قابل للمعالجة"، مبديا تفاؤله بمسار العلاقات السعودية - السورية "التي تنعكس إيجابا على لبنان".

 وقال بري لصحيفة "الشرق الأوسط" إن قراره مقاطعة وزراء "حركة أمل" وكتلة "التنمية والتحرير" جلسات مجلس الوزراء حتى بدء مناقشة ملف "شهود الزور" في قضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري "كان بمثابة فقء للدمّل"، ونفى بري أن تكون خطوته هذه موجّهة لأي من الأطراف السياسية في البلاد، لكنه أشار إلى أن "استمرار الوضع القائم كان من شأنه أن يزيد الاحتقان إلى حد كبير"، مضيفًا: "رأينا بأم العين كيف أن عدم معالجة الملف أدى إلى تشنجات سياسية وردود متبادلة بين الأطراف، وصولا إلى الشارع والكلام الذي سمعناه عن السلاح"، وأوضح أن موقفه هذا "لم يأتِ بتنسيق مع أحد، بل قمت بواجباتي انطلاقاً من أنني لم أسمع من أحد اعتراضًا على ملاحقة شهود الزور الذين قيل فيهم من قبل القيادات اللبنانية ما لم يقله مالك في الخمر". وأضاف: "الجميع تحدث عن ضرورة معالجة هذا الملف، فلماذا لم يتم التحرك في هذا المجال تلقائيًا، خصوصا بعد الكلام الجيد الذي أدلى به رئيس الحكومة سعد الحريري لـ"الشرق الأوسط"، حتى إن النائب مروان حمادة اتصل بالرئيس الحريري مهنّئاً إيّاه على كلامه".

وأوضح بري أنه قام بخطوته هذه "من دون تنسيق مع أحد لأنها من البديهيات"، مشددًا على أن خطوته "ليست مناورة"، وعلى أن "وزراء "أمل" والكتلة سوف يغادرون الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء إذا لم تجر مناقشة جدية لملف شهود الزور". وأشار بري إلى أن "الخطوة المنطقية المقبلة هي مناقشة الجهة التي ستتحرك لمعالجة الملف قضائياً"، مرجّحاً ـ "كقانوني" ـ أن "تكون المجلس العدلي، انطلاقاً من 3 وقائع أساسية، أولاها أن المجلس العدلي هو الجهة المخولة وفق القانون ببحث المواضيع التي تثير النعرات والانقسامات الوطنية، ولن نجد من آثار الفتن والقلاقل قولا وكتابة وفعلا أكثر من هؤلاء الشهود المزورين، والله في كتابه العزيز يساوي بين الشرك به وشهادة الزور. والثانية أن قضية الرئيس الحريري محالة إلى المجلس العدلي، وقد حقق فيها محقق عدلي قبل انتقالها إلى التحقيق الدولي، أما الثالثة ـ والتي لم ينتبه إليها كثيرون ـ فهي أنه بمجرد أن يبحث الموضوع أمام مجلس الوزراء فإنه يفترض أن تتم إحالته إلى المجلس العدلي، لأنه ليست لدى مجلس الوزراء صلاحية تحريك القضاء العادي الذي كان يفترض به أن يتحرك تلقائيا لملاحقة المزورين، لو لم تكن هناك نية للإحالة إلى المجلس العدلي".

 

 

شام نيوز- وكالات