تلاميذ مدارس التضامن المستأجرة.. ينتظرون "رحمة" وزارة الأوقاف !!

 

شام نيوز- وجيه موسى

 

 

يعاني تلاميذ المدارس في حي التضامن جنوبي دمشق من مشكلات تتجاوز طفولتهم وحقوقهم في تلقي تعليم سليم ضمن بيئة تعليمية صحيحة، فتداخل الصلاحيات بين محافظة القنيطرة وريف دمشق ودمشق، جعلت العملية التعليمية أشبه بعقوبة موجهة للتلميذ أولا وللمعلم ثانياً.

لقد تحولت المنازل السكنية، المخالفة أصلاً، إلى مدارس مستأجرة تابعة لمحافظة القنيطرة قامت مديرية التربية بتأمينها لتجمعات النازحين المنتشرة في أحياء مدينة دمشق وريفها، على الرغم من أن نسبة التلاميذ في هذه المدارس من أبناء محافظة‏ القنيطرة لايتجاوز 10 بالمائة، ويعاني التلاميذ والمعلمون من مشكلة الاكتظاظ حيث يحشر في صفوف هذه المدارس حوالي ثلاثين تلميذاً في غرفة صغيرة لا تستوعب 10 في الحالة العادية, إضافة إلى حرمان التلميذ من حصص الرياضة لعدم وجود باحات لهذه المدارس.

وكل ذلك مضافاً إليه حالة القلق التي يعيشونها طيلة فترة الدوام المدرسي لأن أبناءهم يقضونها في الأزقة متنقلين بين صف وآخر في تلك الشوارع الضيقة والمزدحمة بالسيارات والدراجات.‏

أما المعلمون فمعاناتهم أكبر لعدم وجود أبسط الأشياء للتواصل مع التلاميذ لضيق المكان باعتبارهم في بيوت شعبية مخالفة في أحياء مكتظة بكل شيء جعلت من تلك الغرف الصغيرة والمتناثرة مدارس لتعليم الأطفال لأسباب من الممكن تلافيها لو تضافرت الجهود بين المعنيين في النظر إلى الصالح العام وعدم تغليب النصوص والصلاحيات الإدارية المتشابكة بين المحافظات.

"شام نيوز" تجول في حي التضامن وبين مدارسه المستأجرة واستطلع أراء الأهالي و المعنيين حول واقع هذه المدارس:

 

الأهالي: نخاف على أولادنا من الدراجات النارية والسيارات

 

يقول أبو محمد وهو من أهالي الحي: "وضع المدارس المستأجرة في هذا الحي سيئ للغاية فهي عبارة عن بيوت قديمة وغير منظمة، ونحن كآباء لا نريد القصور لأبنائنا بل نريد باحة مدرسية أو ملعب يلهوا به الطلاب أثناء الفرصة وهذا من أبسط حقوق الطفل،  فأين نذهب بأبنائنا؟ فأقرب مدرسة نظامية تبعد عن حينا /3/ كم ناهيك عن حالة الصخب والضجيج التي نعيشها طوال فترة اليوم لأن كل هذه المدارس بدوامين".

 

أما أم خليل فعبرت عن مخاوفها على أولادها: "أطفالي بمدرسة إسماعيل هواش محمد وأنا في حالة قلق دائم خوفاً من تعرض أحد هم  للاصطدام بدراجة مسرعة أو سيارة وذلك  بسبب تنقل الأطفال من ملحق إلى ملحق أثناء الدوام مما يجعلهم يسيرون  في الشارع أثناء الفرصة وهذا لان المدرسة عبارة عن غرف صغيرة مبعثرة في عدة أبنية متباعدة ولا تكفي العدد المطلوب وهذا ما يعرضهم للخطر".

 

 

المعلمون: ألغينا حصص الرياضة لعدم وجود باحات

 

ويقول وفيق السلمان وهو مدير مدرسة أحمد محمد حمدان إن "المدرسة مستأجرة فيها 550 طالب موزعين على20 شعبة 10 بالدوام الأول و10 بالدوام الثاني ،في كل شعبة ما يقارب 27-29 طالب محرومون من أدنى الشروط الصحية،  فلا يوجد سوى 4 دورات مياه للتلاميذ والمعلمين معاً و3 مشارب للمياه ولا يوجد مراوح ولا إضاءة، و عند انقطاع التيار الكهربائي  وهو متكرر في حينا تتوقف العملية التربوية".

ومن جهة ثانية يضيف السلمان أن "المقاعد المستخدمة هي مقاعد معدة لبناء نظامي وليس لمنزل مستأجر ليكون مدرسة، الأمر الذي جعلنا مضطرين لنشر المقاعد كي يستطيع الطلاب المرور من خلالها، وهذا شيء بسيط مما نعانيه".

ويؤكد السلمان أن الجهات المعنية "رفضت الموافقة على استملاك عقار قريب من هنا بحجة وجود آبار رومانية وأنفاق مائية، لكننا فوجئنا بعد فترة بظهور الكثير من الأبنية على تلك العقارات وكأن الآبار اختفت، وبالنهاية نحن نسعى لبناء مدارس تبني أجيالا سليمة".

 

من جانبها تقول فاطمة موسى المرشدة النفسية في مدرسة إسماعيل هواش محمد: "يقضي طلابنا أوقاتهم بين الشارع والمدرسة يتنقلون من ملحق إلى ملحق حسب البرنامج، مما يعرضهم للحوادث وهذه المدرسة مستأجرة من عام 1987 وعدد طلابها 600 طالب وفيها 20 شعبة وبدوامين وعدد طلاب الصف الواحد ما يقارب 33 طالباً".

وتضيف: "لا يوجد في المدرسة إلا حمام واحد وهو مشترك، والإصلاحات الخارجية تتم كل خمس سنوات تقريباً وبصعوبة لأن البناء مستأجر ولا يمكننا أن نغير فيه شيئاً".

وذكرت موسى أن "السيد وزير التربية قام بزيارة لهذه المدارس  وأخبرنا أن الحل الوحيد هو بناء مدارس نظامية، وما زلنا ننتظر الوقت التي تبنى فيه هذه المدارس النظامية".

 

إلى ذلك يرى فندي حمدان معاون مدير مدرسة التضامن المحدثة أن أهم المشاكل التي يعانونها في هذه المدارس عدم وجود الباحات المدرسية وهذا الأمر ألغى حصة دراسية مهمة برأي الجميع وهي حصة الرياضة لعدم توفر الباحة، كما ألغى  الكثير من النشاطات التي يحتاجها الطالب في مثل هذا السن.

وقال حمدان: "قبل سنتين تقريباً كنا نأخذ التلاميذ إلى بستان قريب من المدرسة كي يأخذوا  درس الرياضة لكن حرصاً على سلامة الطلاب ولكثرة المواصلات في هذا الطريق لم نعد نأخذ الطلاب إلى البستان وبذلك لم يعد لهم متنفس. و أكثر ما يزعجنا بوضع المدارس هو الحمامات الغير متوفرة فحمام أو اثنين ل/500/ طالب إضافة إلى المعلمين مشكلة كبيرة".

وأضاف: "ومن الأمور المزعجة جدا أن يدخل عليك وفي أية لحظة  من لاتعرفهم إنهم ضيوف صاحب البيت عفوا المدرسة لأن المدخل مشترك بين المدرسة الطابق الأول وسكن صاحبها الطابق الثاني وهذا غيض من فيض".

 

من جانبه يرى طعمه الأحمد وهو موجه تربوي أن "هذه المدارس تعاني من نقص لأدنى مستلزمات الحياة الصحية والتربوية فالتلاميذ يتعرضوا لتشتيت الذهن بسبب البائعة المتجولين في الأحياء الشعبية والحركة الدائمة للمارة في مثل هذه الأحياء المكتظة بالناس ويتعرض التلاميذ والمعلمون لسماع كلمات نابية من قبل بعض المراهقين، والسبب طبيعة تلك الأبنية المخالفة بالأصل وكيفية بنائها، فقرب الشبابيك من عيون المارة يستطيع كل من يمر أن يرى المعلم  وهو يعطي الحصة الدراسية في غرفة أعدت أصلا للنوم وليست للتعليم، فمساحتها لا تتجاوز بأفضل الأحوال  /12/ متراً مربعاً  رصت فيها المقاعد الدراسية رصا بحيث لايستطيع  التلميذ  ولا المعلم التنقل في الصف إلا قفزا على المقاعد، فتخيل ذلك في فصل الشتاء وفي حي شعبي لا تتوفر فيه أدنى الخدمات، علما أنه يجب أن يكون أقرب تلميذ إلى السبورة يبعد ثلاثة أمتار عنها في الحالة العادية وهكذا لا يمكن الارتقاء بالعملية التربوية لعدم توفر أدنى شروط نجاحها".

 

المسؤولون: بانتظار قرار وزارة الأوقاف!

 

وفي رده على شكاوى الأهالي والمعلمين قال مدير تربية القنيطرة حسن محسن: "نحن نعترف بكل ذلك لكن ليس باليد حيلة، ووسيلتنا الوحيدة بناء مدارس تستوعب أكبر عدد من الطلاب، و خططنا في وزارة التربية التخلص من البناء المستأجر و الدوام النصفي و تخفيض الكثافة الطلابية".

وأضاف محسن: "لدينا مدارس مستأجرة لكنها في الحقيقة أفضل من مدارس التضامن، سعينا لشراء قطعة ارض لكن الاستملاك له طرق معينة، ونحن بما أننا أبناء محافظة القنيطرة نعتبر ضيوفاً على هذه الأرض، ونحاول التنسيق  مع محافظة ريف دمشق و محافظة دمشق لكي تكون هناك أراضي استملاك موصفة ببناء مدرسي".

وشرح مدير تربية القنيطرة لنا هذه القضية فقال: "منذ 4 سنوات تم استملاك 4 دنم من وزارة الأوقاف لبناء مدرستين و الطاقة القصوى لها ستكون على دوامين وتضم 48 شعبة صفية، و بعد أن تم إعطاء الموافقة للمتعهد منذ 4 سنوات، وباشرنا  العمل فوجئنا إن الأرض مستثمرة من قبل شخص ما، وتمت دراسة الموضوع مع وزارة الأوقاف بشأن الإشكال ما بين المستثمر و الخدمات الفنية، ولازالت القضية إلى الآن عالقة  بوزارة الأوقاف  ببن المستثمر و الخدمات، فنحن دفعنا لوزارة الأوقاف ما يقارب/ 16/ مليون ليرة سورية ثمناً لهذه الأرض، و ما زلنا عالقين في المحاكم،  وقد وعد وزير الأوقاف الخدمات المحلية بحل هذا الإشكال، ولا زلنا على الوعد.

أما فيما يتعلق بالصيانة فكل عام تجري صيانة للمدارس على حسب موازنة الإدارة المحلية ولا يوجد موازنة تغطي كل المدارس ولا يمكننا تغير مواصفات البناء لأن ذلك يعرضنا إلى المخالفة".

بالنسبة لواقع المدارس في التضامن لدينا عدد من المدارس المستأجرة

 

أما معاند الصالح رئيس مكتب التربية في فرع القنيطرة لحزب البعث العربي الاشتراكي فيرى أن "واقع المدارس المستأجرة سيء وخاصة مدارس التضامن واليرموك، ولا يمكن التخلص من هذا الواقع إلا ببناء مدارس نموذجية تستوعب التلاميذ في تلك الأحياء والتي تتحمل عبء اكتظاظها مديرية تربية القنيطرة، علما بأن عدد تلاميذ القنيطرة في تلك الأحياء لا يتجاوز عشرة بالمائة€، ومع هذا نسعى جادين إلى حل هذه المعضلة مع كافة الجهات المعنية".