تلوث ثلاثة سدود و20 وادياً

اتسعت مساحة حجم الضرر البيئي الناجم عن مياه الصرف الصحي في محافظة درعا وطال ضررها قسماً كبيراً من الأراضي.

وساهم في ذلك عدم وجود فنيين مختصين لدراسة تنفيذ أي مشروع صرف صحي من أبناء المحافظة والاعتماد على دراسة إقليمية خاطئة بحق البيئة النظيفة في درعا كانت قد أعدتها الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية منذ عام 1997 بهدف إنجاز ثمانية محاور للصرف الصحي على أن يتم ربط بعض التجمعات السكانية المحاذية لمجاري الأودية وعلى نهايات هذه المحاور محطات معالجة للاستفادة من مياه الصرف الناتجة في ري الأراضي الزراعية كونها ستشكل كميات كبيرة تصل إلى 33 مليون متر مكعب في العام على أن يتم إنجاز هذه المحاور مع محطات المعالجة بالتوازي مع إنجاز شبكات الصرف الصحي في التجمعات السكانية ونتيجة لتأخر تنفيذ هذه المحاور وانتهاء المدة العقدية للتنفيذ منذ سنوات وانتهاء العمر التصميمي لبعض محطات المعالجة قبل إنجازها واستثمارها مثل محطة معالجة مياه الصرف الصحي لمدينة درعا الأمر الذي أدى إلى تنفيذ شبكات الصرف الصحي داخل التجمعات السكانية قبل تنفيذ محاور الصرف الصحي ومحطات المعالجة وقد انتهى هذا الأمر إلى مجاري السيول والوديان ما أدى إلى تلوث أكثر من عشرين وادياً ومسيلاً مائياً ووصل هذا التلوث إلى سد إبطع الذي خرج من الخدمة بسبب شدة تلوثه وكذلك سدا عدوان وغربي طفس. ‏


 

مع المواطنين ‏

قال المواطن محمد الواكد: تم الاستلام المؤقت لأعمال مشروع محطتي ضخ وخط ضخ مجاري مدينة الحارة في يوم 22/11/2007 ومايدل على فشل هذا المشروع الذي وصلت قيمته العقدية إلى مايقارب 12 مليون ليرة أن مياه المجاري لاتزال تشكل حول هذه المحطات مستنقعات بمساحات كبيرة وسيولاً من مياه الصرف على جانب الطريق المؤدي إلى قرية زمرين شرقاً ثم تتجمع هذه المياه لتغمر الأراضي الزراعية ما يؤدي إلى تلوث التربة الزراعية وإتلاف العديد من أشجار الزيتون وذلك بسبب الأعطال المتكررة لهذه المحطات وعدم استطاعتها بشكل دائم ولاسيما في فصل الشتاء على ضخ قسم بسيط من كمية مياه المجاري المتدفقة نحوها. وفي بلدة نمر قال المواطن خالد شباط: إن البلدة تعاني بشكل دائم من فيضان مياه المجاري على الأراضي الزراعية القريبة من منازل أهالي الحي الغربي الأمر الذي يهددهم بخطر الأمراض وتلوث الهواء الناجم عن فيضان مياه المجاري بسبب انسداد قساطل المجاري المنفذة من مدينة الحارة ويعود سبب انسداد هذه القساطل التي ستبقى مشكلة دائمة نظراً لقربها من جذوع الأشجار الحراجية وتشابك هذه الجذور داخل هذه القساطل بعد اختراقها لهذه القساطل وقد تكررت هذه المعاناة لأننا في كل مرة نشكو فيها من ذلك تقوم الجهات المختصة بإزالة جذوع الأشجار وإصلاح القساطل في أماكن الانسداد لتعود المشكلة وفيضان مياه المجاري في أمكنة أخرى من جديد. ‏

وفي قرية جعيلة القريبة من سد غربي ابطع قال المواطن فهد عساف: إننا نخشى على أطفالنا وأنفسنا ومواشينا وأراضينا من أخطار التلوث الذي نتعرض له من جراء مياه المجاري التي تصل وتخزن في السد المذكور ما يتطلب الاستغاثة بالجهات المعنية لإنقاذ حياتنا ودرء الخطر البيئي الناجم عن ذلك علماً بأن المساحة المقررة زراعتها على السد المذكور بواقع 515 هكتاراً خرجت من الري بسبب تلوثه، حيث لاتوجد مصادر تغذي السد المذكور بالمياه النظيفة سوى مياه المجاري لأن أودية العرام والذهب والهرير التي أقيم السد على مسارها لصيد مياهها وتخزينها لأغراض الزراعة جافة منذ سنوات عديدة بسبب قلة مياه الأمطار. ‏


 

معاناة مشتركة ‏

قامت «تشرين» بجولة ميدانية على معظم التجمعات السكانية التي يتم فيها مد محاور وشبكات للصرف الصحي فوجدت عند أهلها على امتداد المحافظة الحديث نفسه عن معاناتهم من مشكلات الصرف الصحي والتلوث الناجم عن ذلك وتخوفهم من المخاطر وتأثير ذلك على صحتهم وتلوث بيئتهم ولسان حالهم يقول: إن الجهات المعنية خططت لتنفيذ مشروعات صرف صحي لكنها نجحت في تلويث بيئتهم وإلحاق الضرر بهم ولابد من الإشارة إلا أن السدود التي تعرضت للتلوث بمياه الصرف الصحي عن طريق الوديان المغذية قد منعت عنها السقاية وصيد الأسماك وتقدر كمية مياه الصرف الصحي التي تصل يومياً إلى كل من سدي عدوان وابطع بين ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف متر مكعب كما تصل كمية من مياه الصرف الصحي إلى سد غربي طفس تتراوح مابين خمسة آلاف إلى سبعة آلاف متر مكعب يومياً أما بقية السدود كما هو الحال في سد الشيخ مسكين حيث تصب مياه الصرف الصحي لمدينة الصنمين وبلدة بصير في وادي العرام الذي يغذي السد المذكور ومياه الصرف الصحي لاتصل لهذا السد في فصل الصيف نظراً لطول المجرى لكنها تصله في الشتاء فتصبح مياه هذا السد صالحة للري فقط. ويتعرض سد درعا من مياه الصرف الصحي الناتجة عن سجن غرز للتلوث إلى أن تمت معالجة مياه الصرف داخل السجن ومنع هذه المياه من الوصول إلى السد، أما بقية السدود البالغ عددها 13 سداً فوضعها جيد حسب المواصفات والعينات التي تم تحليلها من مياه هذه السدود وذلك بحسب تقرير مديرية البيئة في محافظة درعا لعام 2010. ‏

مع المحافظ ‏

وفي مبنى محافظة درعا كانت لنا وقفة مع السيد محمد خالد هنوس محافظ درعا الذي تحدث إلينا بالتفصيل عن المشكلات الناجمة عن الصرف الصحي بالمحافظة وإيجاد الحلول المناسبة للحد من التلوث والحفاظ على نظافة البيئة فقال: إن الوضع الحالي لتلوث مجاري الوديان والسيول هو نتيجة لسوء التخطيط الذي حصل في الماضي، حيث قامت المجالس المحلية بتنفيذ شبكات صرف صحي من دون التوازي مع تنفيذ أو لحظ محطات معالجة الصرف الصحي الناتج وقد انتهى هذا الصرف إلى مجاري السيول والوديان وبالتالي إلى بعض السدود فقد كان مدى نجاح رئيس المجلس المحلي هو طول شبكة الصرف الصحي المنفذة في مجال عمله من دون النظر إلى النتائج ومن خلال النظر إلى الطبيعة الجغرافية للمحافظة نجد أنها سهل محوط بجبل العرب من الشرق ومرتفعات الجولان من الغرب وجبل الشيخ ومرتفعاته من الشمال وكل مجاري السيول والوديان تتجه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الجنوب الغربي التي تنتهي إلى وادي اليرموك أو روافده وتتجمع معظم الينابيع والسدود على مجاري السيول والوديان ما جعلها عرضة للتلوث بالصرف الصحي ووصل هذا التلوث كما ذكرت إلى نحو 20مسيلاً ووادياً وإلى سد ابطع الذي خرج من الخدمة وكذلك سدا عدوان وغربي طفس لكن مديرية الموارد المائية وبناء على توجيهاتنا تقوم بضخ المياه النقية على هذين السدين مايخفف من تركيز الملوثات ومن خلال المراقبة نرى أن هناك مؤشرات ضعيفة لتلوث هذين السدين وهي ضمن النسب المسموح بها في مواصفة مياه الري. ثم كانت المرحلة الثانية من الأخطاء ألا وهي قيام وزارة الإسكان بإجراء دراسة إقليمية لمحافظة درعا بالعام الذي تم ذكره نتج عن هذه الدراسة تقسيم معظم قرى درعا وربطها إلى ثمانية محاور وهي محور بصرى – أم المياذن يصب في وادي الزيدي ومحور إزرع- الشيخ مسكين ينتهي إلى سد ابطع ومحور المليحات- الحراك- داعل يصب في الهرير ومحور أم ولد- الكرك- الغرايا يصب في وادي الذهب ومحور الصنمين - محجة يصب في سيل العرام ومحور تسيل سحم الجولان يصب في وادي حيط ومحور الحارة- جاسم ومحور عثمان- المزيريب واليادودة يصب في وادي الزيدي ومحور نوى الذي ينتهي إلى سد عدوان على أن يستفيد من هذه المحاور نحو 516.4 ألف مواطن بواقع 36 تجمعاً سكانياً. ‏

وتؤخذ على هذه الدراسة ملاحظات عديدة أهمها أن هذه المحاور تمتد لمسافات طويلة تصل إلى أكثر من 40 كم إضافة إلى أنها لحظت على نهاياتها محطات المعالجة في المنطقة التي تتميز بوجود مصادر لمياه الري فكان من الأجدر بناء محطات معالجة مكانية حتى يستفيد كل تجمع سكاني من المياه المعالجة لري أراضيه الزراعية.. وبشكل عام نجد أن الملوث الأساسي الذي تتعرض له المياه السطحية والجوفية في المحافظة هو الصرف الصحي وعلى الرغم من ذلك فقد تم تنفيذ خمسة محاور واستثمارها وهي: (بصرى الشام- أم المياذن) (الحراك- داعل) (ازرع- الشيخ مسكين) (الحارة- جاسم) (تسيل- سحم الجولان) أما المحاور المتبقية فقد تم إلغاؤها على أن يتم تنفيذ محطات معالجة مكانية لكل وحدة إدارية. ويضيف المحافظ: تأكيداً لما ذكرناه عن أخطاء الدراسة الإقليمية في تنفيذ المحاور أن المحاور التي تم استثمارها ظهر فيها بعض الملاحظات مثل كلفتها العالية للصيانة وصعوبة مراقبتها والوصول إليها كونها منفذه على جوانب الأودية ولا تتوفر لها طرق تخديمية وحصول انسدادات في بعض المحاور وخاصة المنفذة قرب الأشجار الحراجية كونها منفذة من قساطل غير كتيمة. أما فيما يتعلق بالإجراءات المتخذة لإزالة التلوث عن السدود والأودية ومجاري الأودية ومصادر المياه فقد تم اتخاذ حلول إسعافية مؤقتة وحلول دائمة لإزالة التلوث عن المسطحات المائية والأودية ونذكر من هذه الحلول الإسعافية تنفيذ أحواض ترسيب على مجاري الأودية والتي تنتهي إليها مصبات الصرف الصحي وزرعها بنبات القصب للتخفيف من حمل الملوثات العضوية إضافة إلى تفريغ بعض السدود التي خرجت من الخدمة نتيجة تلوثها بمياه الصرف الصحي مثل سد ابطع. ‏

وفيما يتعلق بمحطات ضخ مجاري مدينة الحارة فقد تم اعتماد تنفيذ دراسة حوض تهدئة وترسيب حول هذه المحطات من شأنه أن يساعد في حل هذه المشكلة في القريب العاجل. أما الحلول الدائمة التي اعتمدناها فهي تقضي بتنفيذ محطات معالجة، وضع منها في الاستثمار محطات جلين- العجمي- سجن غرز- مساكن صيدا. ‏

والمباشرة بتنفيذ محطات معالجة في تل شهاب- درعا- داعل- الشجرة- خبب- الشيخ سعد- عدوان- الشيخ مسكين. وبلغت الاعتمادات التي تم رصدها لمشاريع الصرف الصحي في المحافظة خلال الخطة الخمسية العاشرة مبلغاً قدره 1.821 مليار ل.س وبلغ الإنفاق الفعلي 1.170 مليار ل.س أي بنسبة إنجاز 64.26% وقد تم انفاقها على تنفيذ محاور الصرف الصحي المستثمرة ومحطة ضخ الحارة وضخ إبطع وتنفيذ محطات المعالجة والمصبات وتنفيذ الشبكات في بعض التجمعات وقد استفاد من إنفاق هذه المبالغ نحو 35 تجمعاً سكانياً. ‏

وبلغت الاعتمادات التي تم رصدها للعام الحالي نحو 812 مليون ل.س بواقع 210.3 ملايين ل.س لتنفيذ خطوط رئيسة ومصبات و545 مليون ل.س لتنفيذ محطات معالجة و56.7 مليون ل.س لتنفيذ محطات معالجة بالنباتات أما عن خطة العام القادم 2012 فقد بلغت الاعتمادات التي تم رصدها لمشاريع الصرف الصحي مبلغاً قدره مليار ل.س وتصل نسبة المستفيدين بالمحافظة من شبكات الصرف الصحي في المدن 95% والريف 40% وتسعى المحافظة إلى الإسراع في تنفيذ محطات الصرف الصحي الواردة في الخطة الخمسية الحالية والمنقولة من الخطة الخمسية الماضية إضافة إلى المحطات التي سيتم تنفيذها من اعتمادات المحافظة في قرى قيطة- الكرك- اليادودة. ‏

لرفع التلوث الحاصل في السدود ومجاري الأودية والمسطحات المائية والوصول إلى بيئة نظيفة خالية من التلوث ورفع الأمراض عن المواطنين إضافة إلى رفع نسبة المستفيدين من شبكات الصرف الصحي إلى 75% في الريف و98% في المدينة. ‏

 

شام نيوز. تشرين