تنظيم فائض عن الحاجة

مؤسفٌ ما وصل إليه حال غرف التجارة اليوم، فهذه الغرف التي كانت رائدة بين الغرف العربية والأجنبية بأسماء أعضائها وأنشطتها، باتت اليوم بمنزلة مكسر عصا من قبل كثيرين، أفراداً ومؤسسات.
أقول هذا لأنني عشت بعضاً من الفترات الزمنية الذهبية في عمل هذه الغرف، وتحديداً غرفة تجارة دمشق، التي كان يقصدها رؤساء دول وحكومات، ويحاضر فيها باحثون وعلماء وأساتذة كبار، وتستشهد بتقاريرها جامعات ومراكز أبحاث محلية ودولية.
أن يتراجع أداء المؤسسات الحكومية ويقل حضورها، فهذا أمرٌ متوقع في ضوء ما تعانيه هذه المؤسسات من إجراءات وأنظمة متخلفة وتدخلات من شتى الاتجاهات، لكن ما الذي يجعل غرف التجارة تصل إلى مرحلة تطفو فيها الخلافات و"التحزبات" على الأداء المنتظر منها؟
هل هذا نتيجة لتدخل حكوميٍّ مباشر أو غير مباشر لترجيح كفة هذا العضو أو ذاك؟ أم بفعل نجاح بعض الأعضاء غير المؤمنين بالعمل الجماعي والمؤسساتي بالتسلل إلى بنية هذه الغرف؟ أم أن الغرف في النهاية هي جزء من هذا المجتمع الذي ناله الكثير من التخريب والضرر خلال سنوات الأزمة؟
أنا لدي قناعة أن المؤسسات العامة والمجتمعية هي كحال السلع والخدمات في تأثرها بالتضخم، ما إن يرتفع سعر إحداها حتى يرتفع سعرها جميعاً.
وكذلك هو حال المؤسسات لدينا، فما إن يصيب الضعف والتدهور إحداها حتى تنتقلَ العدوى إلى الباقي، والسبب هو البيئة المجتمعية المتخلفة التي تعمل فيها جميعاً.
ربما من الأجدى اليوم دعوة شيوخ الكار لتقييم أداء هذه الغرف بكل شفافية وموضوعية، وتحديد نقاط ضعفها، ومن ثم وضع مقترحات عملية لمساعدة الغرف على استعادة ألقها السابق.
بعبارةٍ مباشرة أختم فقرتي بالقول: لا تدعوا غرف التجارة والصناعة والسياحة والزراعة وغيرها تتحول إلى تنظيم فائض عن الحاجة.
زياد غصن - شام إف إم