ثورة الكرامة العربية

شام نيوز - تيسير أحمد
سقط الرئيس المصري حسني مبارك في الشارع العربي قبل سقوطه في الشارع المصري بسنوات عديدة، فمشكلات الفساد والأجور والغلاء وضيق ذات اليد ليست طارئة وهي جزء من المشهد العربي من محيطه إلى خليجه، ومنذ سنوات طويلة، ولكن الجديد هو تفصيل قد يبدو صغيراً للبعض، ولكنه كبير كبير في حسابات الشعوب، إنه الكرامة، لقد فرط مبارك في السنوات الأخيرة بكرامة المصريين والعرب، فمواقفه من غزو العراق والعدوان الإسرائيلي عام 2006 على لبنان ثم انتفاضة الشعب الفلسطيني في غزة، ومأساة معبر رفح وما تلاها من حصار رسمي مصري للقمة عيش الفلسطينيين في معتقلهم الكبير (غزة) دقت آخر مسمار في نعش نظام مبارك.. ليس في الشارع المصري الصابر فقط بل في الشارع العربي من محيطه إلى خليجه على اعتبار أن مصر كانت ولسنوات طويلة قائدة للعمل العربي، ومصدر إلهام للكثير من الدول القريبة والبعيدة.
كان حسني مبارك قد فرط بدور مصر القومي وحول هذا البلد العملاق إلى بلد تابع للسياسات الأمريكية، والمشاريع المشبوهة، والتآمر مع الصغار، فكان سقوطه في الشارع العربي مدوياً قبل انتفاضة ميدان التحرير بسنوات.
لقد شعر المصريون في كل مكان بجرح الكرامة، وهم يرون بأعينهم كيف أن قيادتهم تصم الآذان عن نبض الشارع، وتمارس تآمراً فجاً ومفضوحاً ضد المقاومات العربية في العراق ولبنان وفلسطين، وهم الذين كانوا يخرجون متظاهرين تأييد لأشقائهم في كل مكان، وقد فاقم من كل ذلك إيغال الطبقة السياسية في الفساد، فلم يبق لمبارك ونظامه أي مبرر شرعي، فالفشل كان سمة السنوات العشر الأخيرة:
- فشل في السياسة الخارجية، وخروج مصر من معادلة الصراع العربي - الصهيوني، وتحولها إلى خندق متقدم للمشاريع الصهيونية والانهزامية.
- فشل في السياسة الداخلية وتغّول لعصابات الفساد التي أفقرت الشعب أكثر من فقره.
- فشل في الرياضة وفشل في الفن..
- وفشل في حل أي مشكلة حتى وإن كانت تتعلق بسرقة لوحة مثل "لوحة زهرة الخشخاش" التي أقامت مصر ولم تقعدها، وبينت بشكل واضح وجلي أي انهيار أصاب هذا النظام.
إذن ما حصل في مصر وقبلها في تونس هو إعلان من الشعب العربي في هذين البلدين العربيين الثورة على من انتهك الكرامة القومية أولاً، أما الأسباب الأخرى كالبطالة والتضخم والفساد فأتت في الدرجة الثانية والدليل على ذلك أن الكثير من المنتفضين كانوا من أبناء الطبقات الوسطى ومن ذوي الدخول الكبيرة نسبياً، فلا يجوز اختزال ثورة الشعب العربي في مصر وتونس بمطالب حياتية يعرف الجميع إنها لا يمكن أن تحل بين عشية وضحاها.
إنها ثورة الكرامة العربية ولا شيء آخر.