جاسوسة بريطانية تمنح «الإحساس بالنهاية» جائزة «المان بوكر»

توصف «الإحساس بالنهاية» للروائي الإنكليزي جوليان بارنز، وهي نوفيلا (رواية قصيرة أو قصة طويلة)، والتي حازت الأسبوع الماضي على جائزة «المان بوكر» الأم لدورتها الثالثة والأربعين،
بأنها رواية فلسفية أو رواية تأمل في الماضي الشخصي بكل ما ينطوي عليه من ثِقَل في الذكريات التي يرقبها المرء إذ يرى نفسه فيما تعبر به نهر الزمن إلى ضفته الأخرى.
حازت «الإحساس بالنهاية»، الصادرة عن جوناثان كامب راندوم هاوس، على الجائزة الأولى على الرغم من وجود روايات أخرى تناقش، عموماً التجربة الفردية في الوجود الإنساني عبر جملة أحداث وانتقالات بين عوالم متعددة ومتنافرة من خلال شخصيات غير متوقعة وتراكيب وبُنيات سردية متفاوتة الأنواع لكنها «آسرة» أو «فاتنة» بحسب ما جاء في العديد من المواقع الالكترونية التي تابعت الحدث، مثل: «وحوش غامراش» لكارول بريتش الصادرة عن كانونغيت بوكس، و»حمامة انكليزية» لستيفان كيلمان الصادرة عن بلومز بيري، و»أزهار الثلج» لإيه. دي. ميللر الصادرة عن أتلانتيك، و»بلوز هجين» لإيسي ادواغيانع، التي تعود أصولها إلى غانا الأفريقية، الصادرة عن سيربنتس تيل بروفايل، و»إخوة الأخوات» لباتريك ديويت من كندا الصادرة عن غرانتا بوكس، وهي الروايات الخمس الأخرى التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة. أيضاً يشيع عن هذه النوفيلا أنها تنتمي إلى السيرة الذاتية كنوع أدبي ربما نظراً لوجود تقاطعات واضحة للعيان بين الحياة الشخصية لجوليان باربز وشخصيتيْه الشقيقين لكن الروائي يقوم بالتمويه على تلك التقاطعات بإضفاء نوع من التعارض في هذه الذكريات بين الأخوين فيبدو ما هو يقيني هنا مجرد احتمال أو من الممكن أنه قد تحقق هناك وذلك في إطار فلسفي يتأمل في فناء الجنس البشري فيكتب الروائي على لسان إحدى شخصيتيه: «إنني واثق جدا أو أمارس خداعا للنفس، لذلك سأواصل كما لو أن ذكرياتي كلها حقيقية». وبإزاء هذا الخليط المركَّب من الذكريات والأشواق العليا والندم وعبث (أو عدمية) الوجود الإنساني بوصف ذلك أيضاً إحساس بالذات ووعي بها على ماكانته وعلى ما هي عليه الآن لا يبقى سوى الحديث عن النسيانات في مقابل الحديث عن ذكريات تصوغ فكرة الأفراد عن أنفسهم لكنْ ما من يقين بحدوثها. ثمة إفراط في توصيف العجز الإنساني، إذا جاز التعبير، بحسب هذه التأملات الفردية والتي قد تكون نتاج عزلة جرى تأثيثها على مَهَل بقراءات خاصة للمنجز الإبداعي لتيار أدبي ما زال يمارس تأثيره في الأدب الغربي وهو تيار اليأس المعرفي الذي بدأ مع «فاوست» غوته ربما ولم يتوقف عند حدود موجة العبث في الأدب والمسرح، أي ذلك التيار الذي يناقش مأزق وجود الفرد في تجربة العيش والحياة وموقعه من العالم ومن المعرفة، إجمالاً. وكان جوليان بارنز قد وصل، سابقاً، أربع مرّات إلى القائمة القصيرة للمان بوكر بدءاً من الثمانينات على النحو التالي: «ببغاء فلوبير» العام 1984 و»آرثر وجورج» العام 2005 و»انكلترا، انكلترا» العام 2008. وقد رأست «المان بوكر» لهذا العام دامي ستيلا ريمنغتون، وهي مؤلفة انكليزية حازت شهرة واسعة من جرّاء اهتمامها بما يُسمّى أدب الجاسوسية، وكانت دراستها الجامعية في الدراسات التحليلية الأرشيفية التي أنهتها من جامعة ليفربول العام 1958. أيضا حياتها العائلية غامضة بعض الشيء. وقد ولدت في الثالث عشر من أيار في العام 1935، في جنوب لندن. إذن لماذا كان اختيار الكاتبة دامي ستيللا ريمنغتون قد أثار استغراب كتّاب وصحفيي الصحافة الثقافية الناطقة بالانكليزية ومتابعيها معتبرين أن هذا الاختيار لم يكن متوقعاً؟ خاصة وأن هذه المرأة «الحديدية» لم تحترف الكتابة إلا بعد تقاعدها من عملها الذي كان عملاً احترافياً من طراز رفيع في حقل الجاسوسية، حيث أن من المعروف أن ستيلا ريمنغتون قد عملت سابقاً بوصفها جاسوسة بريطانية في موسكو إبان الثمانينات من القرن الماضي وحققت نجاحات عديدة في عملها هناك رغم انفصالها عن زوجها وبقائها وحيدة. فاستطاعت اختراق جهاز الاستخبارات السوفييتي آنذاك: «كي جي بي» وإقامة علاقات «خاصة» مع عدد من رجالاته وتحويلهم إلى عملاء مزدوجين، بل إن العديد من هؤلاء ينظر إليها باحترام نظراً لما استطاعت ربة البيت هذه من إنجازه لبلادها إلى حدّ أنها أصبحت جديرة برئاسة جهاز الجاسوسية البريطاني بأكمله ولأربع أعوام متتالية. وقد سجلت ستيلا ريمنغتون أول ظهور علني لها على شاشة البي بي سي الثانية البريطانية العام 2001، هي التي بدأت نشاطها الاستخباري في الهند عام 1965 عندما كانت زوجة لرجل دبلوماسية بريطاني وتشعر بالضجر فعرضت خدماتها على MI5 لتصبح بذلك عميلة للجهاز. عُهد عنها أثناء فترة رئاستها للجهاز اهتمامها بأمرين أساسيين بالنسبة لها يتعلق الأول بإعادة بناء شبكة الجاسوسية في البلدان التي انحل عنها ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي وتحديداً روسيا، ويتعلق الأمر الآخر بالنساء الجاسوسات، فقد أولتهن اهتماماً خاصاً وسعت إلى أن تحفظ لهن حقوق الأمومة والطفولة أثناء أدائهن واجباتهن الاستخبارية. بعد خروجها من الجهاز شغلت ستيلا ريمنغتون منصب مدير عام المحال التجارية اللندنية المعروفة «ماركس آند سبنسر» واستهلت تأليفها بكتابة سيرة ذاتية بعنوان: «سرّ مفتوح»، وحتى الآن أصدرت ثلاث روايات: «عرضة للخطر»، و»شخص سري»، و»فعل غير قانوني»، وصدرت جميعها في لندن عن راندوم هاوس. شام نيوز - الثورة