"جوسكا" متلازمة الحديث مع الذات.. هل هي حالة طبيعية أم مرضية؟

"جوسكا" متلازمة الحديث مع الذات.. هل هي حالة  طبيعية أم مرضية؟

رزان حبش – شام إف إم

يلاحظ بعض الأشخاص أحياناً وهم يختارون ملابسهم ويجهزون أنفسهم للعمل أو أثناء قيامهم بأعمال المنزل أو الطهي، أو خلال ممارسة التمارين الرياضية، أنهم يتكلمون مع ذاتهم ويسألون أنفسهم ويجاوبون عنها، ويمكن أيضاً أن يخوضوا حواراً كاملاً مع الذات!

وأحياناً يحدث هذا الحوار عند التعرض لمواقف معينة، فيلجأ الشخص لاسترجاعها والتفكير بها وكيف تم التعامل معها، وإن كان ذلك تصرفاً صحيحاً أم لا، أو يمكن أن يأخذ شكل تخيل بعض المواقف والحوارات، أو التخطيط لها!

ويمكن أن يتم هذا الحديث بصوت عالٍ، أو يكون على شكل حوار داخلي، ويُطلق عليه اسم متلازمة "جوسكا"، ويمكن القول إنها حالة طبيعية، إلا في حال أثّرت على التفاعل مع الآخرين أو أدت إلى الانعزال واليأس.

وذكر المعالج النفسي د. علي عبدالله لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" أن كل الناس تقريباً يتحدثون مع أنفسهم، وهو أمر طبيعي وليس مرضياً، ولكنه يكون سلبياً أو إيجابياً على حسب مضمون هذا الحديث وتوجهه وما سينتج عنه.

وبيّن د. عبدالله أن هذا الحديث يكثر في حالات التوتر والضغط النفسي، وعند اتخاذ قرارات مهمة في الحياة، ما قد يكون متعباً نوعاً ما.

فيما أشار المعالج النفسي إلى أنه قد يأخذ شكلاً مختلفاً عند الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري، فيحصل لديهم اقتحام للأفكار المزعجة وغير المرغوبة بشكل لاإرادي، وهنا يمكن القول إنها حالة مرضية مع توفر شروط أخرى لتكون اضطراباً.

أما في حال كان الحديث الذاتي يأخذ شكلاً تشجيعياً وتحفيزياً للنفس، أو استذكاراً للنجاحات والإنجازات السابقة، أو تحليلاً منطقياً لمواقف وأحداث تواجه الشخص، فيكون هذا شكلاً صحياً للحديث مع النفس.

وحول الحديث الذاتي عند الأطفال أو الحوار مع صديق تخيلي، أوضح د. عبدالله أنه يُطلق على هذه الحالة اسم اللعب التخيّلي أو الإيحائي، وهو أمر طبيعي ومفيد في مرحلة الطفولة حتى عمر 5 إلى 6 سنوات.

حيث لفت المعالج النفسي إلى أنه عند تجاوز الطفل لهذا العمر مع استمرار الحديث التخيلي فيجب سؤاله عمّن يتحدث إليه ولماذا، لأن ذلك قد يشكل تقاطعاً في الطب النفسي مع ما يُطلق عليه "الإهلاسات"، أي أن يكون الحديث مع أحد غير موجود، والطفل فقط هو من يشعر به على المستوى البصري والسمعي.

بينما يكون هذا الحديث عند الأطفال تحت عمر الست سنوات مفيداً، وقد يعبّر عن مشاعر الطفل وأفكاره تجاه الأشخاص والأشياء والمواقف التي تحصل في حياته، ويمكن أن تعبر عن مشاكل يواجهها ويعبر عنها من خلال اللعب التخيلي.

ونوّه د. عبدالله إلى أنه يمكن استغلال هذه الأحاديث التخيلية التي يخوضها الأطفال لمعرفة ما إن تعرضوا لحدث سيء مثلاً، كتعرضهم للإساءة والتحرش الجنسي، فالأسئلة المباشرة لهم قد لا تجدي نفعاً في حالةٍ كهذه، بل اللعب معهم عن طريق الألعاب التمثيلية والاستماع لأحاديثهم التخيلية.

 

ولتكون هذه الأحاديث صحية وغير سلبية بشكل عام، فإنه يجب أن يتمتع الشخص بالوعي الكافي للأفكار ومحاولة تغيير السلبية منها لإيجابية، والتحدث مع النفس بطريقة لطيفة وكلمات تحمل التشجيع والتحفيز، إضافةً إلى الابتعاد عن لوم النفس وانتقادها، وتكرار التأكيدات الإيجابية التي تزيد الثقة، كما أن ممارسة تمارين التأمل تعد مفيدة لذلك.