جياع أمريكا ثلاثة أضعاف نظرائهم الصينيين

إن نسبة العمال الأمريكيين غير القادرين على إيجاد السبل اللازمة لإطعام أسرهم تفوق نسبة نظرائهم الصينيين بثلاث مرات. هذا ما أكده تقرير جديد عن منظمة غالوب قال فيه: إن 19٪ من الأمريكيين قلقون حول قدراتهم على إطعام أنفسهم وعائلاتهم مقارنة بـ 6٪ فقط من الصينيين.
وأظهرت نتائج مؤسسة غالوب أنه انقلاب لآية في نسب العاملين في الولايات المتحدة والصين من المعرضين لخطر الجوع على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما يدل على أثر الركود الاقتصادي الناجم عن الانهيار المالي عام 2008.
في عام 2008 كان 16٪ من الصينيين يفتقرون في بعض الأحيان إلى المال الكافي لوضع الطعام على المائدة، مقارنة بـ 9٪ فقط من الأمريكيين وعلى الرغم من أنه لدى الصين أكثر من أربعة أضعاف عدد سكان الولايات المتحدة، فإن عدد الجياع هو نفسه بالأرقام المطلقة تقريباً بين البلدين: 80 مليوناً في الصين مقابل 60 مليون جائع في أمريكا، والتشابه واضح تماماً لا سيما بالنظر إلى أمريكا كأكبر منتج ومصدر للغذاء في العالم.
وحسب معايير غالوب في إمكانية الحصول على الضروريات الاجتماعية والأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية انخفضت نقاط الولايات المتحدة إلى 81.4٪ في أيلول، أي أقل بعلامة واحدة خلال الركود الأسوأ الذي شهدته في شباط وآذار عام 2009 حيث بلغت 81.5٪.
إن هذه التفاصيل مؤشر واضح على تدهور الأحوال المعيشية للطبقة العاملة الأمريكية، من أيلول 2008 حتى أيلول 2011 انخفضت زيارات الأمريكيين للطبيب الشخصي من نسبة 82.5٪ إلى 78.3٪ كما انخفضت النسبة مع التأمين الصحي من 85.9٪ إلى 82.3٪ وانخفضت نسبة العمال الذين قالوا إنه ليس لديهم ما يكفي من المال لشراء الغذاء لأنفسهم وأسرهم من 81.1٪ إلى 80.1٪.
وحددت نتائج غالوب مقاييس الأحوال المعيشية لعدد الجياع بـ 1000 في الولايات المتحدة مقابل 4000 في الصين وذلك بعد استطلاع أجرته مع 29000 شخص على مدى السنوات الثلاث الماضية.
ويثير الاستطلاع تساؤلات عديدة حول إمكانية الحصول على الغذاء والمأوى والمياه النظيفة والرعاية الصحية وغيرها من الضروريات.
بالنسبة للأمريكيين، انخفضت المؤشرات الثلاثة للرفاه الاجتماعي بشكل حاد في المجال المتعلق بالصحة وهي: الطبيب الشخصي والضمان الصحي وزيارة طبيب الأسنان.
كما أن نسبة الأمريكيين الذين يناضلون من أجل تحمل تكاليف المأوى شهدت ارتفاعاً كبيراً بنسبة 11٪ حتى أنهم قالوا إنه لمرات عديدة خلال الـ 12 شهراً مضى لم يستطيعوا فيها تحمل تكاليف المأوى اللائق وارتفعت النسبة 5٪ عن عام 2008.
وهذا الرقم أقل مما هو عليه في الصين حيث لايزال مئات الملايين يعيشون في أكواخ ريفية أو من العمال المهاجرين إلى المناطق الحضرية، واتجاه النسب يميل نحو العكس تماماً حيث أن 16٪ من الصينيين قالوا إنهم يعانون من الحصول على المأوى انخفضت النسبة إلى 21٪ عنها في عام 2008.
تشير الأرقام في الولايات المتحدة إلى الركود والانهيار الاقتصادي خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي دفع إلى ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 9٪ حيث يوجد 25 مليون عامل أمريكي عاطلاً عن العمل أو عمال يعيشون البطالة المقنّعة، وارتفع معدل الفقر الناجم عن الأزمة المالية من 14.3٪ في عام 2009 إلى 15.1٪ في عام 2010 وهي رابع زيادة سنوية على التوالي، وتعد نسبة الفقراء أكبر مما كانت عليه في عام 1965 عندما قامت الإدارة الديمقراطية برئاسة ليندون جونسون بشن حربها على الفقر.
إن نتائج دراسة معهد غالوب تشير إلى التأثير المشترك لعمليتين تاريخيتين، الأولى هي التراجع النسبي للرأسمالية الأمريكية والتي كان لها قاعدة صناعية قوية وتحطّمت ومعها انهارت مستويات المعيشة والظروف الاجتماعية للطبقة العاملة، أما الثانية فهي عولمة الاقتصاد الدولي، وهو ما أدى إلى التقارب بين ظروف حياة العاملين في مختلف أنحاء العالم.
إن العولمة على أساس رأسمالي تعني حتماً وجود تقارب بالانخفاض كما تحوّل رأس مال الشركات والإنتاج في جميع أنحاء العالم للبحث عن المناطق الأقل كلفة، وكانت الصين هي المكان المناسب بسبب انخفاض مستويات المعيشة والآن تقوم الشركات ذات الفروع والنشاطات الدولية باستغلال البلدان في جنوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية لدفع أجورأقل بظروف اجتماعية أسوأ.
إن البديل الوحيد للقضاء على تدني الأجور ومستوى المعيشة يكمن في استبدال الاقتصاد العالمي باقتصاد اشتراكي جديد يتم من خلاله توحيد الطبقة العاملة العالمية في النضال المشترك ضد نظام الرأسمالية الذي لا يقوم سوى على الاستغلال والربح والفوائد.
شام نيوز - البعث