حتى الجمعيات الخيرية

زياد غصن- الصفحة الأخيرة
يبدو أن سياسة الجباية التي تطبقها وزارة المالية لن تتوقف حتى تنهي كل نشاط بقي صامداً طيلة سنوات الحرب.
فبعد ملاحقة المنتجين والمعامل والمستشفيات، تستدير وزارة المالية نحو الجمعيات، وذلك عبر تشكيلها لجان- كما حدث في حلب- مهمتها تدقيق عقود جميع الجمعيات بما فيها الخيرية، والتحقق من صحة استيفاء رسم الطابع المالي وضرائب الدخل المتوجبة قانوناً.
قد يسأل البعض... وماذا في ذلك؟
أليس من واجب وزارة المالية ضمان استيفاء حق الخزينة العامة؟ ألستم أنتم من تنتقدون ظاهرة التهرب الضريبي وتطالبون بمكافحتها؟
نعم هذا صحيح... لكن دعونا نطرح السؤال التالي:
هل التوقيت مناسب؟ وهل المطلوب في هذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة العمل على طمأنة الناس أم إشاعة الخوف والقلق بينهم؟
بالتأكيد التوقيت ليس مناسباً، فالحكومات الواعية في أوقات الأزمات تتجه نحو منح مزيد من التسهيلات والإعفاءات إدراكاً منها أن الهاجس الأساس يكمن في تجاوز الأزمة بمختلف أبعادها، وليس تعميقها والتسبب باستمرارها.
إذا ما مضت وزارة المالية في مشروعها المذكور، فعلينا أن نتوقع نتائج سلبية عديدة لدرجة أن ما سوف تَجنيه الوزارة في عام، ستكون خزينة الدولة مضطرة مستقبلاً لدفع أضعافه على الأقل، أو التسبب بزيادة مؤشرات الاحتقان الشعبي. لاسيما وأن هذه الجمعيات باتت تنهض بمهام مجتمعية كبيرة في ظل تزايد عجز المؤسسات الحكومية عن القيام بمهامها وواجباتها تجاه شريحة واسعة من المواطنين، وتالياً فإن مشروعات تلك الجمعيات ومصادرَ تمويلها ستكون معرضة للتأثر.
ثم أليست الجمعيات معفية من الرسوم والضرائب؟
وإذا لم تكن كذلك في بعض المواضع، فهل قيمة تلك الرسوم والضرائب التي سيتم جمعها مؤثرة إلى هذا الحد في حالة مالية الخزينة العامة؟
يبدو أنه كما يردد العامة اليوم.... حتى الهواء قد يتم فرض رسوم على استنشاقه؟
دمتم بخير