حرفيو التكية السليمانية يناشدون وزارة السياحية.. الفلكلور السوري في خطر!

التكية السليمانية

عَروب حمود- شام إف إم


كل ما هو خارج باب التكية السليمانية "مجهول"!

أقرت وزارة السياحة السورية بإخلاء محال أصحاب الحرف اليدوية، وأعطتهم مهلة حتى نهاية العام لتنفيذ الإخلاء، قدوره ذكر الأب الروحي لحرفة النقش على النحاس في سورية رضوان الطويل أن الحرفة بدم كل شخص لا يستطيع أن يستغني عنها، مضيفاً لـ "شام إف إم": بداية عملي في التكية السليمانية عام 1972، 50 سنة.. نصف قرن وأنا أزاول عملي، وآخر 15 سنة منها وأنا بعينٍ واحدة إثر عمليتين أفقدتاني البصر".

واعتبر الطويل أن كل ما هو خارج باب التكية "مجهول"، وبذلك خروجهم من أروقتهم ما هو إلا مستقبل مجهول، لافتاً إلى أن وزارة المالية أرسلت للحرفيين "ضريبة" رغم معرفتها أنهم سيتركون المكان.

وعن اقتراح مكانٍ بديل، بيّن الحرفي رضوان الطويل أن "خان أسعد باشا" مكان مناسب ريثما تنتهي أعمال الترميم ليعودوا كما وعدتهم وزارة السياحية.


قانونياً وزارة السياحة تملك الحق.. ولكن إنسانياً؟

بدوره لفت صانع العود في التكية السليمانية أنطون الطويل لـ"شام إف إم" أن وزارة السياحة تملك الحق قانونياً، إنما إنسانياً فيجب أن تقدم بديلاً للحرفيين الذين يعملون منذ وقت طويل، وأضاف: "صرلي 40 سنة بعقد استثمار، وأُعيل ثلاث عائلات، ما بيطلع مع وزارة السياحة تأمين شادر أو خيمة في أي مكان، مشيراً إلى أنه لا يملك أجرة نقلٍ.

وذكر أنطون الطويل أن ابنته أول أنثى امتلكت شهادة "شيخ الكار"، واشتركت بمهرجاناتٍ عدة منها مهرجان الضيعة في طريق الحرير، حيث اكتشفها أحد وزراء السياحة السابقين وهي تصنع العود بطرقٍ بدائية فافتخر بها وشجعها، إلا أنه بعد قرار وزارة السياحة بالإخلاء تركت المكان إلى المجهول.


لا يمكن بيع اللوحات في "بسطة" كما تباع الخضراوات!

ولا يمكن ألا يلفتك في التكية السليمانية مرسم الفنان التشكيلي ناجي عبيد والمعروف بلوحة "عنترة وعبلة"، والتي تجلس في مرسمه زوجته الفنانة رغدة القاسم بعد مرضه أي منذ 7 سنوات، فقالت القاسم لـ "شام إف إم" إنها لا تملك أي دخلٍ سوى هذه اللوحات لها ولابنها، لافتةً إلى أنها ورثته الوحيدة بعد رحيله عام 2019.

وشددت قاسم على أنه من غير المنطقي بيع اللوحات مثلما تباع الخضراوات، راجيةً من وزارة السياحة تأمين مكان بديل كي لا يندثر اسم الفنانين والحرفيين.

وفي آخر سوق التكية على اليسار، ستشاهد الخطاط فرج آل رشي يصنع رسماً من الأحرف بقلمه، أخبر "شام إف إم" أنه يدرس الخط العربي في التكية السليمانية لكل الأعمار، مشيراً إلى وجود شريحة كبيرة إثر ازدياد الوعي الفني، مضيفاً: "أحاول نشر هذا الفن لأنه أساس الحضارة السورية، فنحن رديف للثقافة العربية والإسلامية، وأيضاً رديف للاقتصاد الوطني".

واختتم آل رشي حديثه لـ "شام إف إم": " تقول القاعدة لا ضرر ولا ضرار، أنا رزقتي من هنا، ولا يمكن لأحد أن يستقبلني وأعمله لديه بعمر 61 عاماً".


أسعار الأجارات الخيالية عائق في وجه الحرفيين!

وذكر الحرفي جورج الطويل أحد أصحاب محال الفضة أنه مستمثر من 1976 بعقدٍ نظامي ويتجدد سنوياً بشكلٍ تلقائي، مبيناً بحثه عن مكانٍ يستأجره إلا أن الأرقام خيالية إثر الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، واقترح أن يكون البديل في المتحف الحربي السابق، بينما ينتهون من الترميم في سوق المهن اليدوية.

كما قال الفنان نظام سعيد مخلوف لـ "شام إف إم": "صرلي بسوق المهن اليدوية 42 سنة، أعمل بشكل يومي حتى رغم الأزمة والوضع السيء لم أغب يوماً"، لافتاً إلى الإمكانيات المادية الصعبة التي لا تسمح باستئجار مكان آخر.


"يلي ماله قديم.. ماله جديد"

وفي أحد أروقة التكية يعمل الحرفي غسان وردة على آخر نول في دمشق، حيث تقوم مهنته على صناعة مستلزمات الخيمة كاملةً مثل البسط والسجاد والمخدات وغيرها، وقال لـ"شام إف إم" إنه يعمل منذ 45 سنة، إلا أن المهنة انقرضت، ولذلك تأمل المحافظة على المهنة، مضيفاً: "يلي ماله قديم ماله جديد".

أمّا الحرفي هشام الحلبي بيّن أن أكثر من مئتي عائلة تعيش من سوق التكية، فالعمل سلسلة مترابطة ببعضها حيث يحتاجون للمواد الأولية من عمال آخرين، وناشد المسؤولين لتأمين مكان بديل يكفي "المصروف اليومي" بحسب تعبيره.

كما ناشد رئيس شعبة المهن التراثية في اتحاد غرف السياحة عرفات أوطه باشي أن تعيد وزارة السياحة النظر بعين الرحمة للطلب المقدم من قبل الحرفيين، مضيفاً أن تأمين مكان بديل ليس صعباً ريثما تنتهي أعمال الصيانة.