حروف الجر القاتلة

اليوم ثمة من يريد برّها وبحرها وحدودها سالمة جميعاً، وبإصرار. وهم أطراف إستراتيجيون: روسيا. إيران. والصين لأسباب أخرى مختلفة. وثمة من يريد برّها وبحرها وحدودها محطمة جميعاً... أميركا وبعض أوروبا.
لا يبدو أن هناك، مساومة، أو حلاً وسطاً، في هاتين الجبهتين حتى الآن.
ولدى الطرفين من القوة الفائضة ما يكفي، عادة، إما للذهاب (إلى) حافة الهاوية، وهذا ما يفسره اليوم عدم التراجع تجاه الضغوط، وسابقاً الفيتو، ولاحقاً الاستعراض العسكري في المتوسط.
الجبهة الأوروبية تقدم المساندة المالية والعسكرية لقوى مسلحة تنشأ في الداخل السوري، ما يؤدي إلى عسكرة شاملة للانتفاضة، ودعم مطلق للمجلس الوطني.
ثمة قوة ثالثة محسوبة على القوة الأوروبية، وهي الجامعة العربية (الخليج والسعودية مركزاً وثقلاً) وهي قوة ضاغطة، ولكنها في التنفيذ غير راسخة بل متحوّلة حسب المعطيات!
أما الصراع «في» سورية، فهو قديم أيضاً بين نظام يجب أن يعترف بشيخوخة أساليب العلاقة مع المجتمع الذي «استلمه» البعث صغيراً وبسيطاً وقابلاً للقمع والتدجين، ثم لم يكترث لنموه، (عدداً أو عدّةً) بعد أربعين سنة من استقرار مشكوك في عمق ديمومته. نظام لم يجدّد نفسه، ولم يغيّر من طبيعة استئثاره بالسلطة. والأهم أنه لم ينتبه، في الوقت المناسب، إلى شيئين واضحين: هذه الأعداد المتذمّرة من العاطلين عن العلم والعمل والأمل. وكل ذلك على خلفية من جرائم جرى طمسها ولا يمكن إنكارها... وشكلت جرحاً مفتوحاً بانتظار مصالحة وطنية كبرى!....
أما الصراع «في» سورية فهو بين النظام وقوى تريد تغييره. واحدة منهما بـ«حق لقوة» (المظاهرات والسلاح) والثانية بـ«قوة الحق» (المظاهرات والمفاوضات).
حتى الآن... هناك وضوح في «الخيارات». الأمر الذي يؤدي إلى عدم يقين، فيما يتعلق بالأهداف الممكن بلوغها في زمن صراع محدّد ومحسوب.
وعدم اليقين. دائماً، هو الباب المفتوح على الاحتمالات.
الصراع بين حرفي الجر «على» و«في» سورية ينتج عنه... «إلى»!! وهؤلاء الثلاثي مسؤولون: السلطة أولاً. ومعارضة المفاوضة، ومعارضة المقايضة... ثانياً وثالثاً!
«إلى» أين أنتم ذاهبون؟