"حزب الله" يتصدى لفضيحة بيلمار: تجميـد التفاهمات بانتظار الحكومة
تراجع الاهتمام السياسي بموضوع تأليف الحكومة الجديدة، خاصة مع أخذ الاتصالات بين المعنيين إجازة مفتوحة، في انتظار معطيات تساعد على إحداث خرق جدي في جدار العقد الحكومية، إلا إذا كان الضوء الأحمر للتأليف ينتظر معطيات متصلة بالمحكمة الدولية والقرار الاتهامي، وهي الفرضية التي باتت أكثر تداولا في الساعات الأخيرة.
وإذا كان رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الموجود في طرابلس، يحاول، بطريقة أو بأخرى توفير صياغات للحكومة والمحكمة، تضمن الاستقرار الداخلي وتعزيز مظلة الثقة الدولية والعربية بالسلطة السياسية للأكثرية الجديدة، فإن رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، الموجود في السعودية، في انتظار أن يلتحق به معظم «رفاقه المعارضين»، غداً، يبدو مشدودا نحو معادلة نقيضة، قوامها، السعي للتحريض، محليا وخارجيا، بكل ما يملك من «وسائل سلمية ديموقراطية» ضد ميقاتي و«حزب الله» سعيا للتحشيد لمهرجان 13 آذار في ساحة الشهداء وصولا إلى استخدام سلاح المحكمة من أجل إسقاط الحكومة وحشر «حزب الله» في قفص الاتهام السياسي.
في هذا السياق، جرى تسريب طلبات المدعي العام للمحكمة الدولية دانيال بيلمار الى احدى وسائل الاعلام، وهو مسار مرشح للتفاعل، بعدما سدد «حزب الله» رمية جديدة في ملعب الحريري، عبر التزامه «استراتيجية الصمت» في موضوع الحملة التي تستهدف سلاح المقاومة، وفي الوقت نفسه المضي في هز بنيان مصداقية المحكمة والتحقيق الدولي، من خلال إبراز المنحى الخطير الذي يسلكه مكتب بيلمار الذي يعطي كل يوم شهادة ودليلا لا لبس فيهما حول استباحة لبنان في كافة مفاصله ومستوياته... خدمة للإسرائيليين.
ولعل مسارعة «حزب الله» الى المؤتمر الصحافي المستعجل لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أمس، هدفها وقف ما وصفته أوساط الحزب «التمادي في اهانة اللبنانيين على اختلاف مستوياتهم»، ولتسليط الضوء مجددا على ما يجري في اروقة تلك المحكمة «وما يدبر فيها ضد المقاومة في لبنان، ولرد الاذى عن مجموعة وزراء تجرأوا على قول لا لتلك الطلبات ولوظيفتها التي تندرج في سياق عمل استخباراتي» على حد قول رعد في مؤتمره الصحافي العاجل في مجلس النواب.
ونوّه رعد باعتراضات الوزراء المختصين (شربل نحاس وزياد بارود وجبران باسيل وغازي العريضي)، معتبرا طلبات بيلمار للحصول على معلومات شاملة وتفصيلية عن كل المواطنين، تكشف شعبا بأكمله ولا يمكن أن تبررها الحاجة إلى التحقيق في جريمة سياسية فردية، وقال «هذه الطلبات هي استباحة متعمدة للبنان واللبنانيين والمسألة في غاية الخطورة».
وأورد رعد عينات تؤكد حصول المحققين الدوليين خلال الفترة السابقة على «داتا» الاتصالات الخلوية ورسائل ال «أس.أم.أس» منذ العام 2003، و«داتا» الاتصالات على الخط الثابت وبطاقات كلام وتلكارت وبيانات المشتركين في «أوجيرو»، ملفات طلاب الجامعات من العام 2003 حتى العام 2006، وصور وبصمات اليد والعين للموقوفين لدى القوى الأمنية، بصمات من دائرة الجوازات في الأمن العام، لوائح كاملة عن مشتركي شركة
كهرباء لبنان، آلاف المستندات من هيئة إدارة السير والشؤون الجغرافية ووزارة المال والاقتصاد ومصرف لبنان والسجل التجاري ووزارة العمل والمستشفيات وكازينو لبنان.
وبعدما أشار الى طلب البيانات والمعلومات الجديدة حول بصمات اللبنانيين جميعا، بمن فيهم الرؤساء والوزراء والنــواب وسائر المسؤولين والمراجع السياسية والروحية والمدنية قال رعد «إن هذه الطلبات مشبوهة وتحمل صبغة العمل الاستخباراتي»، لمصلحة إسرائيل.
وإذ أكد رعد اننا لا نأتمن هذا التحقيق على شيء رأى ان ما يحدث هو أكبر عملية وصاية وقرصنة شهدها لبنان الحديث، وقال: لم يعد مقبولا بعد اليوم، أن يستباح البلد بهذه الطريقة، ونحن ندعو كل الأحرار والشرفاء والوطنيين حيث تكون مواقعهم ومسؤولياتهم الى عدم التعاون مع طلبات المحكمة الدولية لأن في ذلك استباحة لسيادة لبنان وتجاوزا للدستور والقانون.
وانتهى رعد الى التأكيد على وجوب تجميد العمل بمذكرات التفاهم بين أجهزة المحكمة كافة ولبنان، وذلك الى حين تشكيل حكومة جديدة تتولى مسؤولية البت بكل هذه الصيغ واتخاذ القرار الوطني المناسب بشأنها.
كاسيزي: المحكمة نزيهة!
على صعيد متصل، أطل عنوان المحكمة مجددا في التقرير السنوي الثاني لرئيسها انطونيو كاسيزي، الذي
أذاعه امس، وأوجز فيه عمل المحكمة الإجرائي عن السنة الماضية وحدد «أجندة» عمل المحكمة حتى نهاية شباط 2012، متوقعا إنجاز المهمة الاساسية للمحكمة لجهة تسلم قرارات اتهامية ومحاكمات في غضون مدة اجمالية قدرها ست سنوات، علما ان ولاية المحكمة تنتهي في الاول من آذار 2012 وهي تحتاج، في حال التجديد، الى تشاور بين الامين العام للامم المتحدة والحكومة اللبنانية وإلى قرار جديد من مجلس الأمن.
كما توقع كاسيزي ان يدعو جميع قضاة المحكمة، والمقصود هنا قضاة غرفة البداية، لمباشرة مهامهم في المحكمة بصورة دائمة اعتبارا من منتصف ايلول 2011. ما يعني تأكيد ما سبق قوله بأن المحاكمات ستجري بين ايلول وتشرين الاول 2011، وبهذا التحديد يستبق قرار قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين ومصادقته على الأدلة التي أوردها في القرار الاتهامي.
وأقر كاسيزي بوجود خلاف لبناني حول المحكمة، الا انه ضمّن تقريره فقرة حرص فيها على إثبات صدقية المحكمة ونزاهتها واستقلاليتها من وجهة نظره، والمثال على ذلك «انها أخلت سبيل الضباط الاربعة نظرا لعدم كفاية الأدلة ضدهم، وثانيا سعي اللواء جميل السيد الى المطالبة بالأدلة على شهود الزور، علما ان لجنة التحقيق الدولية سبق لها ان أكدت مرات عدة أن لا علاقة لها بتوقيف الضباط الأربعة».
السفير