حلم المواطن بمسكن

محمد مصطفى عيد - تشرين

حالة الشك التي تنتاب الكثير من المواطنين مع أي تصريح يصدر عن مسؤول أو أي تقرير رسمي يصدر بخصوص التوقعات بانخفاض أسعار العقارات في سورية، لم تأت من فراغ فحالة الشك هذه، تستند إلى معطيات يطلقها المسؤول وتنصب في إطار دغدغة مشاعر المواطن الذي كثيراً ما عد تلك التصريحات بمنزلة المخدر، يحقن به أصحاب الدخل المحدود، على أمل أن يصبح المسكن الاجتماعي في حوزة شريحة كبيرة من المجتمع.

في السابق كانت تسويغات القائمين على مسألة السكن في عدم تنفيذ وعودهم، تنصب على الأزمة المالية العالمية وأثرها في انخفاض العقارات على مستوى العالم، وفي الأمس كان يعلن عن مشروع لتنظيم العشوائيات عبر شركات متخصصة بالتنمية العقارية، لكن كرة العشوائيات نمت و تضخمت حتى أصبحت جزءاً من النسيج العمراني لجميع مراكز المدن في أنحاء البلاد.

لقد شبهت معادلة أسعار المساكن في سورية باللغز، فالمواطن صاحب الدخل المحدود، لم تفلح جميع حساباته المتكررة في الحصول على منزل، فيما لو قاربها بدخله المتواضع، فالقيمة المادية لأسعار المساكن المرتفعة تتطلب من أصحاب الرواتب المتواضعة، الادخار مدة تزيد على ثلاثين عاماً في حال لم يحصلوا على قرض وإذا حدث ذلك، ونالوا ضالتهم فإنه يكون عليهم الانتظار لتسديد ثمنه مدة 15 عاماً مع فوائد البنك المركبة والتي تتجاوز ثلث مبلغ القرض.. إذاً ارتفاع أسعار العقارات يبقى الحاضر الأبرز على الساحة الاقتصادية في سورية، وأصبحت عملية المضاربة بالأسعار مفتوحة من دون وجود أي ضوابط قانونية تنظم هذه العملية.

إن سوق العقارات لدينا بحاجة إلى إصلاح سكني شامل من خلال وضع استراتيجية جادة لا تقوم على مفهوم الترقيع أو التباطؤ في تقديم الحلول كما يحدث معنا الآن. وفيما يخص شركات الاستثمار العقارية، فلم تكن في يوم من الأيام جادة، كما أن عدم قدرة وزارة الإسكان على تخصيص مساحات واسعة معدة للبناء للجمعيات السكنية، سببه يعود إلى تقصير قديم قد يمتد إلى عقود من الزمن، كان أبرز أسبابه عدم حضور المخططات التنظيمية في معظم المحافظات السورية وعلى رأسها محافظتا دمشق وريفها، وهذا يعد سبباً رئيساً وراء تضخم السكن العشوائي وانتشار العشوائيات في جميع أطراف المدن الرئيسة.