حماس تستنكر مقتل بن لادن.. وإخوان مصر يطالبون برحيل أمريكا من المنطقة
انقسمت التيارات الإسلامية في عدد من الدول العربية حول موقفها من مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بين اعتباره كـ"قائد عربي وشهيد" في موقف حركة حماس وحزب التحرير في لبنان، وبين إخفاء الإدانة بعبارات دبلوماسية ذكية كموقف "إخوان مصر".
حماس تستنكر
وقال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة والقيادي في حركة حماس إسماعيل هنية في لقاء مع عدد من الصحافيين في غزة "نستنكر أن يكون هناك أي اغتيال لمجاهد أو إنسان مسلم وعربي ونسأل الله أن يتغمده برحمته".
وأضاف حسبما ذكرت وكالة "فرانس برس": "إن صحت الأخبار، نعتقد انه استمرار للسياسة الأميركية القائمة على البطش وسفك الدم العربي والإسلامي"، مشيراً إلى أنه يستنكر هذا القتل "بغض النظر عن الاختلافات في الاجتهادات بيننا".
من جهته قال القيادي في حركة حماس إسماعيل الأشقر إن قتل بن لادن "جريمة وإرهاب دولة تمارسه الولايات المتحدة الأميركية.. قتله كان خارج القانون وتتحمل أمريكا وحدها مسؤولية هذه الجريمة"، واعتبر الأشقر وهو نائب في كتلة حماس في المجلس التشريعي في تصريح صحفي أن قتل بن لادن "إرهاب دولة تمارسه أميركا ضد المسلمين وكان بإمكانها اعتقاله وتقديمه لمحاكمة عادلة فقد أساءت لنفسها وبهذه الجريمة تستفز الإسلام والمسلمين".
لا مبرر لبقاء أمريكا
في مصر طالبت جماعة الإخوان المسلمين الاثنين بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق بعد مقتل بن لادن، وقال عصام العريان المتحدث باسم الإخوان حسبما ذكرت وكالة "رويترز": "انه بمقتل بن لادن أزيل أحد أسباب ممارسة العنف في العالم".
واستطرد انه حان الوقت لان ينسحب أوباما من أفغانستان والعراق وينهي احتلال الولايات المتحدة والقوات الغربية في أنحاء العالم والذي أذى الدول الإسلامية طويلاً.
وقال العريان وهو عضو بارز في جماعة الإخوان التي أعلنت عن تأسيس حزب لها ليخوض الانتخابات البرلمانية القادمة بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك إن "الثورات" التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط دليل على أن الديمقراطية لها مكان في الشرق الأوسط وان المنطقة لا تحتاج إلى احتلال أجنبي بعد الآن".
وتوقع العريان إمكانية حدوث رد فعل عنيف لمقتل بن لادن في مناطق من العالم تحتفظ فيها القاعدة بموقع قدم، وقال "إن رد الفعل في أفغانستان وباكستان والمغرب والجزائر قد يتسم بالعنف لان نفوذ القاعدة منتشر هناك".
وطالب بعدم الربط بين الإسلام والإرهاب أو نوع العنف الذي روج له بن لادن، وقال انه حان الوقت لان يفهم العالم انه لا علاقة بين العنف والإسلام وان الربط بينهما خطأ متعمد من جانب وسائل الإعلام.
أعمال ثأرية
وخطأ الشيخ عاصم عبد الماجد وهو عضو في مجلس شورى الجماعة الإسلامية الأساليب التي لجأ لها بن لادن، وقال إن أساليب بن لادن جعلت العدو أكثر عدوانية وحولت من كانوا على الحياد إلى أعداء وجعلت أصدقاءه يترددون في دعمه بسبب أساليبه الخاطئة.
واستطرد أن بن لادن كان مسلماً وعبر عن أمله في أن يغفر له الله حتى إذا كان قد أخطأ في بعض المسائل وان يراجع أنصاره وتلاميذه الخطة التي يعملون بموجبها خاصة فيما يتعلق بالأساليب التي يستخدمونها.
وقال طارق الزمر وهو عضو أخر بارز من الجماعة الإسلامية "إن موت بن لادن قد يؤدي إلى أعمال ثأرية لكنه قال إن رد الفعل قد يخفت أمام الانتفاضات العربية ضد نفس الحكام الشموليين الذين ثار بن لادن عليهم.
وقال الزمر الذي قضى 30 عاما في السجن لدوره في اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 وخرج من السجن بعد الإطاحة بمبارك "إن بن لادن سيصبح رمزاً لمقاومة الاحتلال".
وذكر أن قتل القوات الأمريكية لبن لادن سيبلور رد الفعل والمحاولات الثأرية لمقاومة الاحتلال الغربي، واستطرد قائلاً "إن الانتفاضات السلمية في العالم العربي والإسلامي ستحول دون وقوع أعمال عنف ثأرية بشكل عشوائي".
وكان عبود الزمر شقيق طارق من مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي التي اغتالت السادات وقادها أيمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة الذي من المتوقع أن يخلف بن لادن في زعامة التنظيم.
وقال بعض السلفيين "إن مقتل بن لادن سيزيد التوتر بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة"، وقال ماجد أبو عبد الله وهو يفرش السجاد في مسجد للسلفيين في وسط القاهرة "إن العلاقات بين العرب والدول غير العربية خاصة الولايات المتحدة ستسوء"، واستطرد أن بن لادن ليس إسما صغيراً بالنسبة للسلفيين وقال انه واثق من أن الأمر "فبركة أمريكية".
وقال عبد الله علي وهو سائق سيارة أجرة سلفي في الستينات من العمر "لقد مات شهيداً والعالم سيشهد حملة ثأرية الآن...بن لادن دافع عن كرامة المسلمين والآن أمريكا والغرب سيدفعان ثمن احتلالهما."
خسارة "قائد عربي"
أما في لبنان، فاعتبر الداعية السلفي الإسلامي عمر بكري الاثنين أن المنطقة العربية خسرت "قائداً باستشهاد" أسامة بن لادن، متوقعاً "عمليات انتقام" في أوروبا لمقتله.
وقال بكري وفقاً لـ"فرانس برس" إن "نبأ استشهاد الشيخ أسامة محزن ومفرح في الوقت نفسه: محزن لأننا خسرنا قائداً في هذه المنطقة العربية، ومفرح لأنه نال ما كان يتمناه وهي الشهادة".
وأضاف بكري الذي يحاكم أمام القضاء اللبناني بتهمة "الانتماء إلى تنظيم مسلح" وحيازة أسلحة ومتفجرات، "لا شك أن استشهاد أسامة بن لادن سيبعث روحاً جديدة في جيل جديد، لان قافلة الجهاد لن تنتهي وستستمر مسيرة العطاء". وتابع: "نتوقع ردات فعل من هذا الجيل في أوروبا، ستكون هناك عمليات انتقام للشيخ أسامة كما حصل مع قادة كثر سقطوا".
وقال عمر بكري إن "لا وجود لتنظيم القاعدة في لبنان"، مضيفاً "قد يكون في لبنان من يناصر فكر القاعدة، وأنا منهم، أناصر التنظيم فكرياً وأدبياً".
من جهتها أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الاثنين2/5/2011 أن المعركة ضد الإرهاب لا تنتهي بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقالت "إن أمام حركة طالبان الخيار الآن للتخلّي عن القاعدة والانضام إلى العملية السياسية في أفغانستان".
وقالت كلينتون حسبما ذكرت وكالة "يونايتد برس انترناشونال": "بن لادن قتل والعدالة تحققت"، مقدمة تعازيها إلى عائلات جميع الذين قتلوا في حملة الإرهاب التي قادها بن لادن والتي لم تعر أي قيمة للحياة الإنسانية أو الكرامة الإنسانية.
وشكرت جميع المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين والأمنيين الذين أطلقوا "حملة واسعة وعميقة ومثيرة للإعجاب" لملاحقة بن لادن كجزء من الحملة ضد الإرهاب.
لاّ أنها أضافت "لا ينبغي أن ننسى أن المعركة لن تنتهي بمقتل بن لادن بل يجب أن نستغل هذه الفرصة لتجديد عزمنا ومضاعفة جهودنا"، مضيفة أن أميركا ستواصل محاربة القاعدة وطالبان ودعم الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني في تنفيذ إستراتيجية الانتقال بدعم من حلف شمال الأطلسي.
وقالت إن "رسالتنا لطالبان لا تزال كما هي ولكن اليوم قد يكون لها وقع أكبر. لا يمكنكم انتظارنا. لا يمكنكم هزيمتنا. ولكن أمامكم الخيار للتخلّي عن القاعدة والمشاركة في العملية السياسية السلمية".
ولاحظت الوزيرة الأميركية أن مقتل بن لادن جاء في الوقت الذي تشهد منطقة الشرق الأوسط تحركات كبيرة نحو الديمقراطية والحرية، معتبرة ان هذه التحركات هي ضربة للقاعدة وأيديولوجيتها "الشائنة".
وجددت القول بأن مقتل بن لادن لا يعني انتهاء المعركة ضد الإرهاب فـ"المعركة ستستمر ولن نتوقف"، معتبرة أن المعركة ليست من أجل الأميركيين فقط بل لشعوب العالم بأسره، وقالت كلينتون إن البعض شكك في إمكانية العثور على بن لادن مضيفة "هذه أميركا. نحن نثابر ونحقق هدفنا، وذكّرت بأن بن لادن أيضاً أعلن الحرب على باكستان، مؤكدة مواصلة التعاون والشراكة مع هذا البلد.