حي سكني عشوائي ومرآب سيارات في خان سعسع الأثري !!!

حي سكني عشوائي ومرآب سيارات في خان سعسع الأثري !!!
تيسير أحمد - شام نيوز
من يدخل إلى خان سعسع الأثري هذه الأيام لا يمكن أن يصدق بأن هذا الخان الذي بناه الصدر الأعظم سنان باشا قبل حوالي خمسة قرون كان اكبر وأفخم خانات سوريا التي تحدث عنها الكثير من الرحالة العرب والأجانب.
وعلى الرغم من أن سور الخان ما يزال قائماً إلا أن البيوت التي بنيت داخل هذا السور في السنوات الماضية ضيعت ملامحه وجعلته أشبه بحي عشوائي في أي مدينة أخرى.
بنى أهالي سعسع 40 ( كم جنوب غرب دمشق) بيوتاً للسكن داخل حرم الخان، وقاموا بترميم مسجد الخان وفق طرازا العمارة الحديث ودون مراعاة لشكله العثماني المميز، أما ساحة الخان فقد تحولت إلى حي سكني فيه شوارع وزواريب ومرائب للسيارات، أما أبنية الخان التاريخية فهي خرائب قلب أرضياتها لصوص الآثار والباحثين عن الكنوز المدفونة، أو استخدم الأهالي جدرانها لتتميم بناء بيوتهم.
الأبينة داخل الخان
بقايا الأبنية الأثرية في الخان تشير إلى وجود مبنى رسمي كبير يرجح أنه مقر حاكم المنطقة أو متولي الخان، وأبنية أخرى للسكن والمنامة وكذلك اصطبلات وحمامات ومسجد كبير وسوق تجاري، وله بوابتان وعدة أبراج دفاعية مثمنة الشكل، وما يزال بابه الرئيسي يحتفظ بدرفة واحدة جزؤها السفلي مدفون بفعل ارتفاع منسوب الأرض أكثر من متر عن المنسوب القديم.
وقفية سنان باشا
وتشير وقفية سنان باشا الصدر الأعظم أيام السلطان سليمان القانوني ووالي دمشق أنه بنى هذا الخان ضمن سلسلة منشآت أخرى على طريق دمشق- القدس، حوالي عام 1580 ميلادي، بغية تسهيل مشاق السفر على مستخدمي هذا الطريق الذي انتعش في العصر العثماني بشكل كبير، لمنع قطاع الطرق من الاعتداء على المسافرين.
وتذكر وقفية سنان باشا أن المذكور أنشأ:
- جامع قل نظيره في الأمصار والبلدان.
- عمارة أو تكية لتقديم الوجبات المجانية للفقراء وأبناء السبيل.
- بيوت للمسافرين.
- رباطان لكل وارد ونزيل.
- مجموعة دكاكين.
- حمام.
- طاحون بحجرين لطحن الغلال.
شارع داخل الخان
الرحالة
من الرحالة الذين ذكروا سعسع مصطفى البكري الصديقي عام 1612 في طريقه إلى القدس، وكذكرها كقرية. كما ذكرها الخياري في رحلته المعروفة، ومر بالخان الرحالة المصري مصطفى أسعد اللقيمي الذي زاره حوالي عام 1731 ميلادي، فقال : " ولما أضاء القمر وشعشع قصدنا قرية سعسع فوصلنا وقت الزوال. وقد سرّت النفس ببلوغ الآمال، ونزلنا بخانها العامر الأنيس، وصلينا التحية بمسجده النفيس. وبه تكية بجانب المسجد تنبي بعلو همة المجدد. وتجاهها فسقية ماء عذبة الموارد تروي غليل الصادر والوارد وبمحاذاته نهر ماء سلساله يتموج يقال له نهر الأعوج، فجلست على شاطئ ذلك النهر لأروي القلب وأشرح الصدر مع إخوان رقة ولطف..".
وقد ذكر البديري الحلاق في حوادث دمشق اليومية أن خان سعسع تهدم بفعل زلزال عام 1759، ولكن يبدو أنه تم ترميمه بدليل أن الرحالة السويسري بوركهاردت ذكر الخان بأنه عامر بالمسافرين، كما امتدح المسجد الموجود في الخان.
وبعد..
لا نعرف ما هي الأسباب التي جعلت مديرية آثار ريف دمشق تهمل هذا الخان وتهتم بخانات أخرى أقل قيمة منه من الناحية المعمارية، فخان سعسع بالمساحة الكبيرة التي يمتد عليها، وبوجود معظم البنية الصلية فيه، يعد أنموذجاً للخانات الكبرى التي بنيت في العصر العثماني، ونظن أن الخبرة التركية في ترميم الآثار العثمانية يمكن أن تكون مثالية في هذا الخان، خصوصاً أن التعاون الآثاري بين سورية وتركية يشهد مزيداً من التقدم، خصوصاً بعد ترميم التكية السليمانية. فمن شان ترميم هذا الخان وإزالة الأبنية المخالفة من حرمه، وإعادته كما كان أن يشكل باباً للاستثمار السياحي الذي سنعش المنطقة بأسرها.