حين تقفز واشنطن على أكثر من حبل بالتعاطي مع الملف السوري...

 

 

قد يجد المطّلع حديثا على المواقف الأميركية المتتالية منذ أسبوعين حتى اليوم  الادارة الأميركية حائرة بالتعاطي مع الملف السوري. فهي من جهة ترفض تسليح المعارضة السورية خوفا من أن يصل السلاح لحركة "حماس" وتنظيم "القاعدة" ومن جهة أخرى تهدد النظام السوري بدفع الثمن غاليا نتيجة للجرائم الانسانية التي ترتكب في سوريا. أما وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون فترى حينا بأن ملاحقة النظام بتهمة جرائم حرب قد تعقّد الحل في سوريا، وحينا آخر أنّه مجرم حرب فقد شرعيته ويجب الاستغناء عنه.

 


الادارة الأميركية، وبحسب مصادر في واشنطن، ليست حائرة على الاطلاق في التعاطي مع الملف السوري فهي أعدّت أكثر من سيناريو للمرحلة المقبلة بعضها عسكري يتعامل مع كيفية اسقاط النظام وبعضها الآخر دبلوماسي تكتيكي يهدف للضغط على النظام لخنقه فيسقط تلقائيا.

 
لكنّ الادارة الاميركية، التي كانت لا تزال تأمل حتى الامس القريب بأن يكون حلّ الأزمة السورية عربياً، لا تزال متخوفة من بديل الأسد. هي لا تتردد بالحديث عن معارضة سورية غير موحّدة وجيوش منشقة غير منظّمة غير أنّها تؤكد أنّها لم تعد تتعاطى مع أي سيناريو يتحدث عن كيفية التعامل في المرحلة المقبلة مع نظام سوري يرأسه الأسد.

سيناريو هو بالنسبة لمقربين من دمشق أمر واقع بدأت تتعامل معه واشنطن التي تلعب لعبة مزدوجة تقضي بتحديد الخسارة وتقديم الضحايا بديلا عنها. ويرى هؤلاء أن سياسة التقلب أي الكر والفر السياسي التي تعتمدها الادارة الاميركية منذ فترة تهدف من خلالها الى تحديد خسارتها في الميدان السوري على أن تقدّم بعدها رؤوسا أوروبية وعربية بديلا عن الرأس الأميركي، وتضيف هذه المصادر: "أميركا ظنّت أنّها قادرة في سوريا على خوض معركة تعويض كل الخسائر التي منيت بها خلال الـ20 سنة الماضية في أفغانستان والعراق ولبنان، لكنّها وجدت أنّها فاقمت خسائرها في سوريا بل أنّها منيت بخسارة استراتيجية كبرى مع عودة روسيا والصين لتشكيل قطب عالمي آخر يواجه الأحادية القطبية الأميركية".


وتتوقع المصادر أن تخفف واشنطن تلقائياً بعدما أيقنت أن الأسد باق في السلطة، من عدوانيتها وهذا ما بدأ يتجلى في التصريحات الأميركية، لافتة الى أن أميركا تسعى للعودة الى سوريا ليس بصورة المهزوم كليا لذلك هي لم تقطع العلاقات كليا مع النظام كونها لم تغلق سفارتها في دمشق كبوابة للعودة في المستقبل القريب.

وتضيف المصادر: "البلدان لا تتعاطى مع بعضها البعض في اطار الانتقام بل وفق ما تقتضيه مصالحها، فواشنطن تعلم كما سوريا أن لا مصلحة لهما بالبقاء على عداء وبالتالي هما سيرتبان اوضاعهما في المدى المنظور".


وفيما تؤكد المصادر أن كل الأوراق التي كانت بيد الولايات المتحدة لاسقاط النظام نفذت، ترجح بأن تعتمد أميركا سياسة ازعاج النظام ان كان ميدانيا من خلال العمليات الارهابية التي تضرب الداخل السوري أو من خلال توسيع اطر العقوبات الاقتصادية لخنقه.