حينما تعمل ايران بدافع الضغط

 

ان الاستنتاج الرئيسي الشامل من موجة العمليات الارهابية في الايام الاخيرة هو ان ايران في ضغط. ولا سبيل اخر لتفسير سلوكها الفظ والعنيف الذي يعارض تقريبا كل منطق عملياتي أو دبلوماسي سوى ان نقول ان متخذي القرارات في طهران يعملون في هذه الايام من البطن لا من الدماغ.

يتبين من اعلان أولي نشرته  شرطة بانكوك عن العمليات التفجيرية التي تم احباطها – في متابعة للعمليتين في الهند وجورجيا – ان الحديث عن نفس المنتج. لا للشحنات الناسفة نفسها بل للمنطق، فهناك شحنات مغناطيسية تلصق بجسم السيارة أو سقفها وتستعمل من بعيد. وهكذا أصيبت قبل يومين زوجة المبعوث في دلهي وهذا ما خطط لحدوثه ايضا في بانكوك – تخريب لسيارات المبعوثين الاسرائيليين على أساس معلومات استخبارية جمعت من قبل كما يبدو.

 


كان التنفيذ نفسه غير محكم بصورة لا تميز قوة «القدس» الايرانية، فقد كان ثمة مخربون غير ماهرين، وشحنات ناسفة غير محكمة واستعمال جوازات سفر ايرانية أصيلة لا هويات مختلقة. أي كل ما تحذر منظمة محترفة من ان تفعله.

ربما كان سبب ذلك الضغط من اجل الانتقام السريع، لكن الخلاصة اشكالية جدا بالنسبة لطهران: فالمخربون معتقلون في اذربيجان وتايلاند، وتوجد مشكلة سياسية شديدة مع الهند ايضا وهي قوة عظمى كانت تتوقى ألا تنضم الى قطيعة النفط مع ايران وهي تزن الآن تبريد العلاقات الوثيقة التي كانت حتى الآن بين الدولتين.

 


لا يجوز ان نخطئ برغم الاخفاقات الايرانية. فلم يكن لاسرائيل أي انذار بموجة الارهاب الحالية بخلاف محاولات حزب الله التي تم احباطها في السنين الاخيرة للانتقام لاغتيال عماد مغنية. واسوأ من ذلك ان التنفيذ قد فشل حقا لكن الاعداد كان محكما، فقد جمعت معلومات استخبارية كثيرة وعرف منفذو العمليات من الذي يبحثون عنه بالضبط وعن أية سيارة وأي شارع.

وتقدر الجهات الامنية ان معلومات مشابهة توجد في ملفات أعدت عن مفوضيات ومبعوثين اسرائيليين في عشرات الدول الاخرى، ويمكن على خلفية التقدير الموجود ان الموجة الارهابية لم تمر بعد ان نتفهم القلق الذي أفضى الى قرار على منع السفر في مركبات خاصة ومضاءلة التنقلات غير الضرورية قدر المستطاع لممثلين رسميين خارج مقر السكن والسفارة.

 

يأملون في اسرائيل استغلال عمليات الايام الاخيرة (ومنها الشهادات المتزايدة على مشاركة ايران في دعم النظام السوري) من اجل ربح سياسي يوثق أكثر الحصار على ايران في الشأن الذري.

ومن المنطقي ان هذا كان سيحدث أصلا خشية هجوم اسرائيلي (يتوقع ان يعلن احمدي نجاد بسببه اليوم ايضا ان ايران نقلت جزءا من مسار تخصيب اليورانيوم الى منشأة محصنة من الهجوم استكملت مؤخرا تحت الجبل في فوردو قرب قُم)، لكن الحماسة الايرانية للعمل برغم الثمن الباهظ الذي يصاحب انكشافها في جميع الجبهات يجب ان يثير بيقين قلقا في القدس وفي الغرب.

اذا كنا متفائلين فهناك احتمال ان يؤدي هذا الضغط بايران في الأخير الى تعليق برنامجها الذري، لكن يوجد طرف آخر خطير متفجر تتسلى به ايران في الايام الاخيرة ولعبة قد تكلف أثمانا باهظة بعد.