خبراء : الأزمة في صالح المصارف السورية

يعرف عن المصارف العاملة في السوق السورية كبر حجم موجوداتها وتمتعها بسيولة قوية تتجاوز 240 مليار ليرة سورية، وهنا الكلام لرئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف في آخر تصريح صحفي له لمجلة الاقتصادي. أي أنها مصابة بالتخمة وخطر الإفلاس بعيد عنها .
مع بداية الأزمة الاستثنائية التي نعيش ساد عامل الخوف عند المودعين وبدأت الأموال تسحب من المصارف بنسب متفاوتة وتجد طريقها إما لخارج البلاد أو تعود لتحت البلاطة خوفاً عليها.. فبلغت السحوبات وخلال عدة أيام ما نسبته تقريباً 10% من إجمالي الودائع.
وكإجراء احترازي وفي قرار وصفه المختصون "بالصائب والحكيم" بادر المصرف المركزي برفع أسعار الفائدة بمعدل نقطتين 2% على الحسابات الدائنة (الودائع) سرعان ما عادت الأموال، وثبتت الودائع، وتقلص الخوف، وأقبل المودعون. وهذا عامل جيد لزيادة الموجودات وبالتالي المساهمة في دعم الليرة السورية، لكن هذا الإجراء فتح الباب أمام المصارف لتعظّم وتكبّر حجم سيولتها مايعني تفاقم حالة التخمة المصابة بها أصلاً!.
لاشك أنه إذا بقيت أسعار الفائدة على حالها مرتفعة والبنك المركزي معه حق (مؤقتاً) فإن الأموال ستستمر في التدفق على البنوك وهذا أمر له محاذير أبرزها: سحب السيولة من السوق ومن أيدي الناس عبر المصارف والتوجه بها للاستثمار وإيداعها وتشغيلها خارج الحدود، دون أن توظف وتستثمر محلياً.
خلال السنوات الماضية كانت المصارف تستثمر الأموال خارج البلد ولا توظفها في تمويل مشاريع محلية ضخمة حقيقية (صناعية، زراعية..) إلا فيما ندر، وكان القائمون عليها يطالبون بتسهيل التشريعات التي تسمح بذلك. والنتيجة لم يتجاوز عدد المشاريع المموّلة بقروض عبر تكتلات تجميعية من بنوك خاصة عدد أصابع اليد الواحدة.
اليوم يطالب المصرفيون بفتح باب الاستثمار أكثر وإطلاق يدهم في تمويل مشاريع ذات ريعية كبيرة رغم المخاطر المحفوفة التي تعتري الاستثمار طويل الأجل.
فهل يلتفت المصرف المركزي لهذه الناحية ويفتح الباب أكثر أمام المصارف ويزيد بإلزامها بإبقاء الأموال في البلاد لتوظف في مشاريع تنموية تخلق فرص عمل كوننا بأمس الحاجة لوظائف؟.