خفة.. بقلم: مالك القعقور

متى يُقلع بعض الإعلام اللبناني عن التعاطي بخفة مع إشكالات تقع في لبنان فيجعل منها حدثاً عالمياً؟ متى يُصبح بعض الإعلام اللبناني مسؤولاً في نشر أخبار وتداولها فتصل إلى أقاصي الأرض بينما هي لا تستحق أن تذاع في إذاعة محلية أو تنشر في جريدة مناطقية؟
ولئلا يُعتبر هذا الكلام تجنياً، تداول بعض الإعلام في لبنان قبل أيام خبراً أورد فيه سبباً غريباً لهبوط اضطراري لطائرة خليجية في مطار بيروت. الخبر الحقيقي - كما تجلى مع بزوغ الفجر- هو أن طائرة تابعة لطيران "الخليج" كانت تحلّق على ارتفاع 36 ألف قدم فوق قبرص حينما اكتشف الطيار أن الطبقة الخارجية لزجاج المقصورة مشعورة فقرر الهبوط اضطرارياً في مطار بيروت.
أما ما جاء في بعض الإعلام أن هبوط الطائرة سببه إصابتها بطلق ناري أثناء اشتباك بين عائلتين في محلة الأوزاعي الواقعة على مقربة من المطار، ولم يسند الخبر إلى شيء إلا أنه تزامن حصوله مع هبوط الطائرة.
هذا التعاطي الذي يدلّ على خفة في نشر الأخبار وتعــميـــمها من دون التحقق من صحتها، يؤكد غباء بعض القائمين على نشر هذه المعلومات التي تزرع رعباً في قلب اللبـــنانييـــن قبل سواهم، فما بالك بالسياح الآتين إلى لبنان أو الذين ينوون المجيء إليه ليمضوا إجازة في لبنان الذي قدره أن يتحمل وزر الخطاب السياسي – الإعلامي وأضراره على كل قطاعاته السياحية والاستثمارية؟
وإذا كان الإعلامي الذي يفترض أنه على مقدار من الوعي والعلاقات مع جهات مسؤولة أمنياً وسياسياً، لم يقدّر خطورة نشر خبر مختلق عن إطلاق نار على طائرة آتية إلى لبنان، فما هي حال الانسان العادي الذي لا يعرف كيف يحلل الأمور ولا أن يتعمق بها ولا يدرك أن رصاص المضادات الأرضية لا تستطيع بلوغ الطائرة حين تكون محلقة على ارتفاع 36 ألف قدم؟
ماذا يشعر الإعلامي ومؤسسته، حين سمع المسؤولين في اليوم التالي يقولون إن قائد الطائرة تقصّد الهبوط في لبنان لأن قــــطع الغيار مـتـــوافــــــرة فيه؟ هل أدرك أنه ارتكب خطأ بحق بلده ومؤسساته؟ واستطراداً نقول هل تجرؤ المؤسسة الإعلامية التي أرادت أن تحقق سبقاً صحــــافياً بالتسرّع وقلة الدراية، على أن تعتذر من قرائها والبلد والمؤسسات؟ وهل، اذا ما سجّلت سابقة بالاعتذار، ينفع هذا الاعتذار ويعيد رفع نسبة الحجوزات السياحية التي تراجعت بسرعة بسبب هذه الاخبار التافهة وكذلك بسبب الحملات الاعلامية السياسية التي لا تفيد بشيء؟
لسان حال اللبنانيين الآن يقول: ليت المونديال لم ينتهِ، وليت دوي الألعاب النارية ومواكب التزمير في الشوارع لم تتوقف... فهذه كانت أرحم للناس والبلد
مالك القعقور -الحياة