خيانة الثقة العامة

زياد غصن-شام إف إم
في قصة فيلمٍ أجنبي تدور أحداثه حول حادثة سقوط طائرة مدنية واتهام قائدها بتناوله للكحول قبل وأثناء قيادة الطائرة، يخاطب القاضي المتهم أثناء تلاوة الحكم عليه قائلاً: لقد خنتَ الثقة العامة، وذلك تعبيراً عن فداحة ما أدين بارتكابه.
في مجتمعاتنا الشرقية، غالباً ما يتمحور الحديث عن فقدان ثقة المواطن بأداء المؤسسات الحكومية ومسؤوليها، ونادراً جداً ما يجري استخدام مصطلح خيانة الثقة العامة، والذي هو في النهاية عبارة عن فعلٍ له أوجه متعددة، تبدأ من خذلان المواطن، إلى التنكر لحقوقه وأمنياته، وصولاً إلى العمل ضد مصالحه وطموحاته.
وخيانة الثقة العامة أو المجتمعية ليست مرتبطة فقط بأداء مسؤول فاشلٍ أو فاسد هنا أو هناك، وإنما تشمل جميع الأشخاص ممن يؤدون خدمة عامة أو خاصة، أو لهم دورٌ مجتمعي ما.
فالموظف الذي يهدر وقت المراجعين، والعامل الذي يتهرب من إتقان عمله، والصناعي الذي ينتج سلعةً رديئة، والتاجر الذي يرفع الأسعار بلا مبرر، والمسؤول الذي يستغلّ منصبه لخدمة مصالحه الخاصة، كلّ هؤلاء وغيرهم يخونون الثقة العامة، لكن من يسأل أو يقيم وزناً لذلك؟
حتى يصبح للمصطلح معناه ودلالته في مجتمعنا، فإنه علينا تعزيز حالة الانتماء المجتمعي بين المواطنين، وتعريفهم أن عمل الواحد منهم، وأياً كانت ماهيته وطبيعته، مؤثر على حياة أبناء الوطن ومصالحهم، وتالياً لا يجوز التهاون به أو التعامل معه باستخفاف أياً كانت الأسباب، سواءً كانت موضوعية أو غير موضوعية.
وللعلم، فإن خيانة الثقة العامة تكاد تكون مساوية أو أكثر ضرراً من خيانة الأوطان.