دراسة تبين الفجوة بين التعليم الثانوي المهني و التعليم الجامعي

صدر عن قسم الدراسات والبحوث في جامعة دمشق مؤخراً تقرير بعنوان: «قبول حملة الشهادات المهنية وخريجي المعاهد المتوسطة في الجامعات الحكومية- دراسة تحليلية عن جامعة دمشق».
ويهدف هذا التقرير إلى التعرف على مدى نجاح تجربة قبول حملة الشهادات الثانوية المهنية في الجامعات الحكومية في الكليات من الاختصاص نفسه، وكذلك خريجي المعاهد المتوسطة في السنة الثانية في الكليات من نفس الاختصاص. كما يلقي الضوء على جدوى الاستمرار بهذه التجربة والإجراءات الواجب اتخاذها لتحسينها وتطويرها وصولا إلى سياسة قبول أفضل.
وقد استندت الدراسة إلى بيانات الكليات المعنية للطلاب المقبولين في خمسة أعوام دراسية متتالية. حيث أخذت العينات الخمس في الفترة ما بين (1995-1996 و 2004-2005).
وتبين نتيجة الدراسة أن حملة الشهادات الثانوية المقبولين في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية هم الفئة ذات الأداء الدراسي الأضعف مقارنة بباقي حملة الشهادات الثانوية المسجلين في كليات الجامعة. فقد أظهرت البيانات أن أغلب المسجلين قد فصلوا من الكلية بعد أن استنفذوا جميع فرص التسجيل المتاحة. كما لم تتعد نسبة الخريجين الثلاثين بالمئة من مجموع المقبولين وفق هذه الآلية، بزمن مكوث يقدر وسطيا ب 8 سنوات).
وبالمقابل كانت كلية الاقتصاد أفضل من حيث أداء الطلاب المقبولين من حملة الشهادة الثانوية المهنية التجارية، حيث بلغت نسبة الخريجين 76% من إجمالي المقبولين في خمس دفعات، غير أن الزمن الوسطي لمكوث الخريج في الكلية بلغ 7.2 سنة ، أي ما يقارب ضعف المدة الدنيا للدراسة في كلية الاقتصاد (4 سنوات).
وقد عزت الدراسة أسباب الفجوة الكبيرة بين التعليم الثانوي المهني والتعليم الجامعي إلى عدة أسباب منها:
- المعدلات المتدنية التي يقبل على أساسها الطلاب الحاصلين على شهادة التعليم الأساسي في الثانويات المهنية.
- مستوى التأهيل في الثانويات المهنية من حيث المناهج، والكادر التدريسي والبنى التحتية المتوفرة كالمخابر والورش، والفجوة الكبيرة الكائنة بين مناهج الثانويات المهنية والمناهج الجامعية.
أما بالنسبة لخريجي المعاهد المتوسطة الذين يقبلون في السنة الثانية من الكليات ذات الاختصاص نفسه، فقد أظهرت الدراسة صورة مختلفة تماما وأفضل بكثير من مثيلتها في حالة حملة الشهادة الثانوية الفنية والمهنية. فقد وصلت نسبة الخريجين إلى 100% من مجموع المقبولين في كلية طب الأسنان. كما تراوحت ما بين 75% و 98% في باقي الكليات. وشذت عن هذه الصورة كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، فقد أظهرت البيانات أن المسجلين في الكلية في السنة الثانية إما فصلوا منها أو أنهم مازالوا مسجلين حتى الآن رغم مرور عشر سنوات على قبول بعضهم. كذلك فإن نتائج كلية الاقتصاد لم تكن مشابهة لباقي الكليات، فقد بلغت نسبة الخريجين 40.6% من المقبولين، وبزمن مكوث وسطي مقداره 6.5 سنة (أي ما يعادل أكثر من ضعف المدة الدنيا للدراسة بالنسبة للمسجلين في السنة الثانية).
و خلصت الدراسة إلى أن الاستمرار في قبول حملة الشهادات الثانوية المهنية في الكليات ذات الاختصاص نفسه وفق الآلية المتبعة حاليا فيه الكثير من إضاعة الجهد والمال والوقت، وأوصت بضرورة معالجة هذه الظاهرة من خلال تشكيل لجان مشتركة من وزارتي التربية والتعليم العالي مهمتها دراسة وضع كل ثانوية من الثانويات المهنية من حيث المناهج والبنى التحتية المتوفرة والكادر التدريسي وآليات القبول فيها، واقتراح ما يلزم لتطويرها لتصبح أكثر توافقا مع مناهج الكليات المقابلة، بغية تقليص الهوة الكائنة بينهما إلى الحد الأدنى.
ومن جهة أخرى، فقد أوصت الدراسة بأنه يتوجب على الكليات التي يُقبل فيها حملة الثانويات المهنية بذل جهد أكبر في تقديم الدعم لخريجي هذه الثانويات عند انتسابهم إليها، وذلك بتنظيم دورات تدريبية لترميم معلوماتهم في مواضيع معينة لها علاقة بالاختصاص المدروس وتهيئتهم بشكل أفضل للدراسة الجامعية.
كذلك فقد كان من أبرز التوصيات إجراء دراسة معمقة من قبل المجلس الأعلى للمعاهد المتوسطة في وزارة التعليم العالي (والذي يضم ممثلين عن جميع الجهات التي تتبع لها المعاهد المتوسطة) لأوضاع المعاهد المتوسطة (خاصة تلك التي يقبل خريجوها في كليتي الهندسة الميكانيكية والكهربائية والاقتصاد) من حيث المناهج والبنى التحتية المتوفرة والكادر التدريسي وآليات القبول فيها، واقتراح ما يلزم لتطويرها لتصبح أكثر توافقاً مع مناهج هاتين الكليتين.
شام نيوز- جريدة الثورة