دراما سورية أم دراما ناطقة باللهجة السورية؟!

الكوميديا االسورية الغائبة

يشكك بعض الأصدقاء من ذوي النبرة النقدية العالية بوجود دراما تلفزيونية سورية، ويقولون إن المصطلح الصحيح هو دراما ناطقة باللهجة السورية، وحجتهم في ذلك أن من يحدد نوعية المسلسلات وطبيعتها وتوجهاتها ليس المشاهد السوري بل المشاهد الخليجي بالدرجة الأولى.

ويستدل هؤلاء الأصدقاء بغياب الكوميديا من الأعمال السورية خلال السنوات الماضية، على الرغم من الطلب المحلي السوري عليها، وذلك بسبب إنتاج أعمال خليجية كوميدية شكلت بديلاً عن الكوميديا السورية.. وبالتالي فالذي حدد حجم إنتاج الأعمال الكوميدية السورية هي المحطات الخليجية وليس الجمهور السوري.

ما ذكره الأصدقاء يحمل وجهة نظر فيها جانب من الصحة، ولكنه لا يحيط بالصورة من كافة جوانبها.. ذلك أن الدراما السورية نشأت وترعرعت في حضن المحطات الخليجية ذات الانتشار العربي الواسع، وبالتالي أخذت هويتها العربية الشاملة منذ بداية نهضة الدراما السورية مطلع التسعينيات والتي ترافقت مع نهضة الفضائيات العربية.

وبناء على ذلك دخلت جهات إنتاجية عربية مختلفة على خط صناعة الدراما السورية، بل إن دولة قائمة بحد ذاتها ألقت بثقلها الإنتاجي وعلاقاتها الفنية في خدمة الدراما السورية، وهذه الدولة هي المملكة الأردنية الهاشمية تحديداً.

وقد تنبه المنتج السوري منذ البداية لهذه العلاقة التفاعلية بين ما هو سوري وما هو عربي في الدراما، فانفتح على التجارب العربية الأخرى واستقطب طاقات إخراجية وتمثيلية من غير بلد عربي.

والهدف من هذا الإشراك لم يكن  إنتاجياً كما كانت تفعل بعض الشركات في الدول الشقيقة بإضافة فنان سعودي إلى مسلسل دون أي حاجة فنية للحصول على سعر أعلى، بل الهدف كان لدى صناع الدراما السورية، الاستفادة من الطاقات العربية بغية الوصول إلى مسلسل عربي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

لقد حرص صناع الدراما السورية منذ البداية على الخروج من الدائرة القطرية الضيقة لأن الفضاء مفتوح ولأن الفضائيات وحدت العرب فنياً فكان لابد من البحث عن شراكة حقيقية وليس شراكة على طريقة الفنان المصري ممدوح عبد العليم الذي سئل ذات يوم في مهرجان دمشق السينمائي عن رأيه بالتعاون العربي في مجال الدراما فقال إنه مع هذا التعاون فالنجوم، حسب رأيه، من مصر والطبيعة من سورية ولبنان، والتمويل من الخليج!!

هو ليس دفاعاً عن الدراما السورية لأنها لا تحتاج إلى دفاع، ولكن برأيي الشخصي البحت فإن المصطلح فيه إشكالية، والأصح أن يقال دراما عربية بلهجة سورية، عند ذلك نخرج من إسار التقسيم النظري لندخل في واقعية الفضاء المفتوح.

وفي هذا السياق يسجل للدراما السورية أنها عممت اللهجة السورية على المشاهد العربي الذي بات يتعامل معها بوصفها لهجة محلية يفهمها ولا يعاني من مصطلحاتها المحلية، ولا أدل على ذلك من دبلجة المسلسلات التركية بها.

أما موضوع الدراما المحلية والمقصود بها الكوميديا تحديداً، فالحل يكمن في السوق، والسوق السورية سوق واعدة في عالم الفضائيات، وعندما يصبح لدينا عشر فضائيات محلية عندها سنرى فعلاً مسلسلات كوميدية سورية، ترضي نهم الجمهور السوري لهذا النوع من المسلسلات.

 

تيسير أحمد- شام نيوز