دســتور جديــد

 

أســـعد عبــود .الثورة

 

أفترض نفسي محاوراً في حوار لم يبدأ اليوم وأقول:

نعم لنذهب إلى دستور جديد وفق الأصول المرعية الدولية لوضع الدساتير.. قد يبدو ذلك يحتاج زمنا طويلا نسبيا، لكنه -في رأيي - يختصر كل الطرق والمسافات..‏

في إشارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى أربعين عاما مضت على الدستور المعمول به، رؤية رجل إصلاح يريد وضع عجلات القطار على سكته.. أربعون عاما غير عادية مضت.. تغيرت فيها دول ومعالم وأنظمة ودساتير وأفكار ونظريات، ولاشك أن لذلك كله بقايا في نصوص الدستور التي تحتاج فعليا إلى التغيير.. وسواء كانت تعديلا أم دستورا جديدا.. هو تغيير نرى أن وضع دستور جديد أساس أصلح له..‏

الاعتقاد السائد اليوم الذي روّج له كثيرا، هو أن القضيةهي المادة 8 التي تجعل من حزب البعث العربي الاشتراكي حزباً قائدا في الدولة والمجتمع.. وبعض الرأي السائد، أن ذلك يوزع المواطن السوري الواحد أمام الدستور – كما هو مفترض – إلى مواطنين، ويمنع قيام حياة حزبية تعددية.. والحقيقة أنها ليست المادة الثامنة وحدها التي تضع فوارق بين مواطن وآخر.. هناك غيرها.. وهناك إرادة المشرع التي وضعت في إطارها هذه الخصوصيات التي ربما اقتضتها طبيعة المرحلة التي وضع فيها الدستور الذي لاقى ترحيبا يوم تم الاستفتاء عليه.‏

إذن هو الزمن وما فرضه من متغيرات في الدنيا كلها الذي يفرض اليوم جديدا في الدستور.. ونرى أن الأفضل أن يكون الدستور كله جديدا.. ليستجيب لكثرة ما عرفه العالم من متغيرات خلال هذه الحقبة وما عرفه بلدنا أيضا وما نحن نمضي في سبيله دون تراجع عن طريق التغيير وبناء الدولة الديموقراطية الحديثة.‏

مسألة الزمن مهمة جدا في التغيير المنتظر.. ليس فقط كي نبدأ بمعالجة ما وصل إليه واقعنا الحياتي -الاقتصادي منه بصورة رئيسية- بل أيضا لنوقف هذا التراكم الفظيع الذي يشكل فاتورة ثقيلة الدفع في المستقبل. يكفي أن نعترف لأنفسنا بحجم المخالفات الهائل الذي تشهده سورية اليوم.. وهو بصراحة مرعب سواء من ناحية تصحيحه والخلاص منه ما أمكن.. أما من ناحية تنمية شعور مخالفي القانون بقدرتهم علىذلك.‏

الاتجاه فورا إلى دستور جديد – في رأيي – يختصر زمن التغيير ولا يطيله.. وهو يحقق الخطوة الأهم فيه.. ثم إنه لا يتعارض أبدا مع المضي في عملية الحوار المطلوبة في ظل أي دستور كان.. بل إن هيئة تأسيسية تضع دستورا جديدا والاستفتاء عليه.. هذا بحد ذاته حوار وعالي المستوى.. كما أن الوصول بموجب هذا الدستور إلى هيئات القيادة والإدارة التشريعية والتنفيذية وغيرها يوصلنا إلى خط العمل الحديث.. دون أن نتوقف لحظة واحدة عن إعداد حزمة القوانين الحديثة «الإدارة المحلية.. الأحزاب.. الإعلام.. وغيرها»..‏

نمضي إلى ذلك أو إلى غيره على طريق التغيير وبناء الدولة الحديثة التي بشر بها السيد رئيس الجمهورية في داخل بلدنا وبمقدرات شعبنا بعيدا عن الترهات المعدة لنا وصلتنا من أقوى الأبواق والمصادر أم من أضعفها..‏

كفانا يستجروننا إلى معارك كلامية فضلوها على قياس مصالحهم !!‏

نحن أصحاب المصلحة والحق في التغيير وبناء الدولة الحديثة.. هذا لا يخيفنا، بل بالتأكيد يخيفهم في كل مواقعهم ودوائرهم..‏

وغدا إذ نكمل مشوارنا ونؤسس هيئاتنا الحديثة المنتخبة وفق دستور حديث.. لن تسكت أبواقهم صدقوني.. وسترون !! على العكس من ذلك سيزداد غضبهم..‏

برلمان حديث.. في ظل دستور حديث.. بآلية انتخاب سليمة.. سيصله رجالات ونساء سورية المعتبرون.. قادة رأي ورجال أعمال وسيدات منطق وحرية..‏

هذا لن يرضيهم وسيسألون عن نصيبهم لتؤكد لهم الأيام أنهم سيبقون حيث هم وفي الطريق الذي رضوه لأنفسهم..‏

لا أعتقد أن ثمة فردا واحدا سمع خطاب السيد الرئيس بشار الأسد.. ولم يلمس فيه جرأة التوجه ودقة التصويب.. لكن.. كانت ردودهم جاهزة قبل الخطاب..‏