دعوة أوباما للأسد بالتنحي ( حلقة في مسلسل 24)!

غسان يوسف .البعث ميديا
تذكرني مطالبة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرئيس بشار الأسد بالتنحي بالمسلسل الأميركي الشهير / 24 / حيث يتم عزل الرئيس الأمريكي" دينيس هيسبرت" ( ذو البشرة السوداء ) لإصراره على التأكد من دليل على قيام
أشخاص تابعين لمنظمة إرهابية في الشرق الأوسط بإدخال قنبلة نووية إلى الولايات المتحدة بغرض تفجيرها على الأراضي الأمريكية , ورغم نجاح أجهزة الاستخبارات الأمريكية في اكتشاف المحاولة وتحديد اليوم الذي ستنفذ فيه , وموقع تفجيرها .
إلا أنه بدلا من التحرك لإحباطها واعتقال الإرهابيين قامت وبناء على تعليمات من مسؤولين أمريكيين كبار تربطهم علاقات قوية بعدد من المؤسسات الاقتصادية العملاقة ، بإرسال فريق من القوات الخاصة لتأمين مهمتهم وضمان تنفيذها حتى يمكن استغلالها كذريعة لشن حرب في الشرق الأوسط توقف تدفق إمدادات النفط العربية لإفساح الطريق أمام تدفق النفط من منطقة بحر قزوين الذي تمتلك عقوده هذه المؤسسات.
أحداث المسلسل تستعرض كيفية نجاح عميل من مكافحة الإرهاب ( جاك باور ) كلفه الرئيس الأمريكي بالعثور على القنبلة وإبطال مفعولها، في إحباط الخطة وتفجير القنبلة في الصحراء لخفض الآثار المدمرة المترتبة على انفجارها إلى حدها الأدنى . إلا أن مسؤولي هذه الشركات قاموا بتلفيق دليل يثبت تورط دول عربية في دعم هذه العملية الإرهابية ليضمنوا عن طريق هذا الدليل - إضافة إلى موجة الغضب الشعبي الأمريكي العارم إزاء هذا العمل الإرهابي - إصدار الرئيس الأمريكي أوامره بشن ضربة عسكرية انتقامية ساحقة في الشرق الأوسط للثأر لهيبة أمريكا.
أحداث المسلسل تصل ذروتها - في الجزء الثاني - بعزل الرئيس الأمريكي وتولى نائبه مكانه بعد أن اتهموه بالضعف واللين في مواجهة أخطار تهدد الولايات المتحدة، فقط لأنه كان حريصا على التأكد من سلامة الدليل المقدم على تورط هذه الدول قبل اتخاذه قرارا بشن حرب مصيرية كتلك , وعندما يستطيع الرئيس بمساعدة ضابط مكافحة الإرهاب من تقديم أدلة على عدم تورط تلك الدول يعود إلى الرئاسة ويحتفل بذلك ويلقي كلمة أمام الجمهور فتدبر له حادثة تسمم حيث تسلم عليه شابة وعلى يديها قفازات شفافة تحوي مادة سامة ما يؤدي إلى وفاته !
المسلسل بدأ العمل بإنتاجه في وقت كانت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تطورات كبيرة وأحداثا متسارعة منذ وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول على واشنطن ونيويورك وما تلاها من إعلان الولايات المتحدة الحرب " على الإرهاب" وقيامها باحتلال أفغانستان ثم العراق وإسقاط نظامي الحكم في البلدين.
المسلسل يحاكي سيناريو من كانوا يسعون لشن الحرب على العراق من بعض أعضاء الإدارة الأمريكية ومنهم بول وولفويتز نائب وزير الدفاع الأمريكي الذي سارع بربط أحداث الحادي عشر من أيلول بالعراق بعد وقت قليل من وقوع هذه الهجمات!
من يراقب السياسة الأميركية يعرف أنها ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة تورط الاستخبارات وأجهزة أمنها في عملية يُضحى فيها بأرواح مواطنين أمريكيين أبرياء مقابل تحقيق أهداف مدرجة على جدول أعمال سري وخاص للغاية.
ما أردت أن أقوله أن الشركات المرتبطة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية هي التي تقرر ما يجب على الرئيس أن يفعله وهو ما ذكره بطل الفيلم الأميركي الشهير ( قناص واشنطن )!
وبالعودة إلى سيناريو غزو العراق نتذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتظر لإتمام لجان التفتيش لمهامها، لا بل قررت مع بريطانيا ضرب العراق دون صدور قرار من مجلس الأمن أو موافقة دولية، ونجحت في إقناع بعض دول العالم والرأي العام العالمي بامتلاك العراق لهذه الأسلحة التي ثبت بعد الاحتلال عدم وجودها أو حتى عدم وجود البنية التحتية لصناعتها !
الصراع بين الرئيس الأميركي وجماعات الضغط ( الشركات واللوبي الصهيوني ) شاهدناه في المقاربة الأميركية تجاه ما يسمى عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية حيث برز الصراع واضحا بين جماعات الضغط والرئيس فعندما وضع أوباما تصوره لإمكانية التوصل إلى حل الدولتين في فلسطين المحتلة في الخطاب الذي ألقاه في أيار من العام الحالي مشيرا إلى أن " حدود 1967، مع عمليات تبادل لأراض متفق عليها " ينبغي أن تكون أساسا لأي اتفاق سلام إسرائيلي- فلسطيني , سارعت كل من إسرائيل ومؤيديها في واشنطن ليس إلى رفض الخطاب فقط , بل إلى تحدي الرئيس حيث ذهب نتنياهو إلى البيت الأبيض وهدد أوباما ومن ثم ذهب إلى الكونغرس وألقى خطابا في جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس ( الشيوخ والنواب ) حيث بالغ مرة أخرى في تحدي أوباما واستقبل بتصفيق حار متكرر - لأكثر من 29 مرة وقوفا - من قبل أعضاء كلا الحزبين ! وكان تأثير هذا "التأديب" من قبل الكونغرس للرئيس بدعم موقف زعيم بلد أجنبي صادماً بالنسبة لبقية العالم، حيث كشف عن الطبيعة المختلة للحياة السياسية الأميركية وعدم قدرة الولايات المتحدة على طرح ولو تحد متواضع أمام إسرائيل.
وهنا يتضح أن دعوة أوباما للرئيس الأسد بالتنحي لم تكن إلا بضغط من اللوبي الصهيوني لتتوافق مع تصريحات إسرائيلية سابقة صادرة عن كل من شمعون بيريز ووزير خارجيته أفيغدور ليبيرمان عن الوضع في سورية !