دعوة عاجلة لمؤتمر حول الدراما السورية دون مجاملات

 

تيسير أحمد- شام نيوز

 

خبر صغير لم تتداوله وسائل الإعلام، ولم تعبأ به كثيراً ولكنه كبير بمدلولاته، ومثير للفزع بمضمونه، إنه خبر إعادة كتابة مسلسل "دليلة والزيبق" على جزئين أي على موسمين رمضانيين قادمين، حيث ستتولى شركة عاج إنتاجه.

كان حرياً بمن فكر في إعادة إنتاج هذا المسلسل الجميل في وقته (1976) والذي ما زالت شارته في ذاكرة الكثيرين ممن تابعوه، أن يأخذ بعين الاعتبار الحقيقة المرة وهي أن مسلسل أسعد الوراق الذي اتخذ كمثال حي على نجاح هذه التجربة، لم ينجح، ولم يترك أي أثر لدى المشاهدين باستثناء حضور تيم حسن، وهو حتماً ليس كافياً لإنجاح مسلسل مهما كان هذا الحضور طاغياً.

 

أمل سكر ومنى واصف وملك سكر في أسعد الوراق عام 1975

 

لا نريد أن نقول إن التاجر المفلس يبحث في دفاتره العتيقة، ولكن ما يحدث حالياً في الدراما السورية يشبه كثيراً هذه المقولة، فالشركات المنتجة فضلت منذ سنوات قليلة عدم خوض تجارب جديدة وقررت الاستسلام لما يعتقد بأنه نجاح مضمون، أي فكرة الجزء الثاني أو الثالث من أي مسلسل يلقى قبولاً جماهيرياً ولو كان الأمر على حساب السوية الفنية والفكرية.. ويندرج في السياق نفسه إعادة إنتاج لوحات نجحت في السابق مثل ضيعة ضايعة، وأبو جانتي، أو  شخصيات لقيت قبولاً جماهيراً مثل شخصية النمس في باب الحارة الذي يجري الحديث حالياً عن قيام كاتب وشركة إنتاج بالتحضير لمسلسل خاص بالنمس، وكذلك شخصيتي أبو بدر وفوزية، وهذا بالضبط ما يعيد إلى الأذهان التجارب المتعثرة لمسلسلات اعتمدت على شخصيات نمطية ظهرت في مسلسلات صح النوم، مثل يوميات أبو عنتر، وياسين تورز، وغيرها.

 

مسلسل دليلة والزيبق عام 1976 

 

ولكي لا يساء فهمنا نقول إن الكثير من الأفلام والشخصيات القديمة أعيد إنتاجها في هوليود، وهذا لا يعبر عن إفلاس هوليود، ولكن كيف تمت إعادة هذه الأعمال، هل هي بطاقم ممثلين جدد مع الحفاظ على شكل العمل ومضمونه؟ أم أن الأعمال التي أعيد إنتاجها أعيد النظر في مقولتها الأساسية، ورؤيتها الفنية بحيث باتت عملاً جديداً لايمت إلى العمل القديم بصلة إلا بالاسم فقط، وخير دليل على ذلك جميع الأعمال التي تناولت شخصية روبين هود الشهيرة، وكذلك شخصية هاملت والإسكندر وملحمة الإلياذة.

 

الدراما السورية في أزمة، ولن يشفع لها تصريح صحفي لهذا النجم أو ذاك يؤكد على موقعها المتقدم في خارطة الدراما العربية، أو مديح من ناقد ما لأداء الممثلين السوريين المتميز.. فهذا الأمر مفروغ، منه إذ أن وجود ممثلين سوريين متميزين لا يعني أن وضع الدراما السورية لهذا الموسم وضع متميز، فأبرز أدوار النجوم السوريين ظهرت للأسف الشديد في أعمال غير سورية، ومن لا يصدق فليشاهد المسلسلات المصرية!!

لابد من وقفة مراجعة جدية بعيدة عن منطق المجاملات ومحاولة إرضاء الذات، تضع اليد على الجرح، وهذه المراجعة من الأفضل أن تكون بحجم مؤتمر ترعاه لجنة صناعة السينما والتلفزيون ووزارة الإعلام، يشارك فيه جميع المعنيين بهذه الصناعة الإستراتيجية من كتاب ومخرجين ونقاد وصحفيين وفنانين، ويخرج بنتائج وتوصيات من شأنها أن تشكل مداخل حلول للمشكلات  التي برزت بقوة في هذا الموسم، فهناك مخرجون رواد أمثال غسان جبري وهشام شربتجي، وممثلون ونقاد فنيون سوريون طرحوا وجهات نظرهم في الصحافة، وهي آراء جديرة بأن تناقش في مؤتمر متخصص.