دمشق تطرح رؤاها حول "الشرقية"

دمشق تطرح رؤاها حول "الشرقية"

شام إف إم - محمود عبد اللطيف:

 

لم تحدث اجتماعات مكثفة بالصورة التي يروجها "حزب الاتحاد الديمقراطي" عبر  إحدى الصحف العربية المقروءة بشكل واسع في سورية، وما نقلته هذه الصحيفة عن وجود وفد روسي "رفيع المستوى" في القامشلي يشبه في صورته، الشائعة التي روجت لزيارة نائب الرئيس الروسي "غينادي غاتيلوف" و رئيس الأمن الوطني "علي مملوك" للمدينة لبحث ملفات متعددة مع القوى الكردية.

 

ما يحدث في القامشلي لم يعدو اجتماعات متفرقة مع عدد من الشخصيات العربية والكردية في مركز المصالحة في مطار القامشلي التابع لمركز حميميم، وكانت اجتماعات تبحث مع كل شخصية عن وجهة نظرها حول ملف الفدرلة في الشمال الشرقي من سورية، دون رسم صورة كاملة من قبل الجانب الروسي للطروحات التي قدمت لأن بعضها متناقض وفقا لما تقوله المصادر.

 

ومن بين المسائل التي تم طرحها في هذه الاجتماعات، كان المشاركة في المؤتمر الذي دعت إليه موسكو والذي تم تناقل اسمه بصيغة "مؤتمر الشعوب السورية"، واسمي من قبل بعض وسائل الإعلام ومن بينها صحيفة الأخبار اللبنانية "المؤتمر الروسي"، ومع التذكير بأن هذا الطرح جاء من الحكومة السورية منذ مؤتمر جنيف الأول، تؤكد مصادر متعددة في الشمال السوري، بأن الكرد يلهثون لتحصيل موافقة روسية على تمثيلهم من خلال هذا المؤتمر في  جلسات أستانا وجنيف، إلا أن ذلك يصطدم بالرفض التركي القائم على اعتبار الوحدات الكردية جناحا سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية دوليا، وهنا تستند دمشق إلى نقطة قانونية قوية إذا وجدت نفسها أمام خيار المواجهة العسكرية مع أي قوة كردية مسلحة ترفض الانصياع للقانون السوري مع ترك دمشق الباب مفتوحا للمصالحات مع اي جهة مسلحة ترغب بالخروج من معادلة الحرب.

 

وتشير مصادر سياسية متعددة أن حزب الاتحاد الديمقراطي بما يمثله من قوة مركزية في تحالف ميليشيات "قسد"، صدم بالطرح الدمشقي، ففي حين ظنت القوى المشكلة للتحالف المدعوم من واشنطن بشكل مباشر ان ملف الحقول النفطية في شمال شرق سورية سيكون واحدا من الاسباب التي قد تدفع موسكو لتحصيل تنازلات سياسية كبرى من دمشق فيما يخص الفدرلة، فقد طرحت دمشق عبر "الوسيط الروسي" خيارين على هذا التحالف أولهما طلبت من خلاله دمشق انسحاب القوى المسلحة التابعة لمجلس "سورية الديمقراطية" خارج مناطق مراكز محافظة الرقة الاساسية "الرقة - الطبقة - المنصورة" وتسليم الريف الشمالي و الشرقي لدير الزور على أن تكون عملية تسليم حقل "كونيكو" كبادرة حسن نية من هذا المجلس، وهذا الطرح في مقابل موافقة دمشق بمناقشة اقامة منطقة "إدارة ذاتية" محدودة السلطات، رافضة مصطلح "الحكم الذاتي”.

 

وفي هذا النقطة بالذات فإن رفض دمشق لمصطلح "الحكم الذاتي" يأتي من باب الحذر السوري من الوقوع بذات المطب العراقي الذي واجهته حكومة بغداد مع تنامي قوة حكومة إقليم شمال العراق  بفعل التدخلات الدولية، على أن تكون هنالك عملية "دسترة" لمخرجات النقاش حول الإدارة الذاتية من خلال وضع قانون جديد للإدارة المحلية مع التركيز على الحفاظ على المسمى السوري للقانون ويكون هذا التعديل شاملا لكافة المحافظات السورية، فمع توسيع صلاحيات منصب "المحافظ" يمكن أن يكون منصباً منتخباً بدلاً من نظام التعيين المتبع حاليا، مع الحفاظ أيضا على مركزية القرار بيد الحكومة في دمشق.

 

تعنت الكرد وحلفائهم لاستشعارهم بشيء من القوة يرجح أن طرح دمشق الثاني هو الأقرب للتطبيق، والذي هددت من خلاله دمشق بالمواجهة السياسية المستفيدة من القوة على الأرض، وبيان الخارجية السورية الذي صدر يوم أمس فيما يخص اعتبارها لمدينة الرقة كأرض محتلة، يوحي بأن دمشق تهدد بشكل مباشر بالمواجهة العسكرية، فقانونية مواجهة الاحتلال تمنح الحكومة السورية الحق بالتحرك العسكري لتحرير المحتل من أراضيها، وهذا يعني بالضرورة إن المناطق التي تنتشر فيها "قسد" بدعم أمريكي في ريف دير الزور ستعتبرها دمشق محتلة أيضا.