دمشق وقلعتها.. فيلم وثائقي يعيد كتابة التاريخ لأعرق مدن العالم

تطارد كاميرا المخرجة الفرنسية لاريسا كنيب على طول خمسين دقيقة من فيلمها الوثائقي دمشق وقلعتها تاريخ صرح من أهم الصروح الأثرية في العاصمة السورية مقتفية أحداثا وحروبا وممالك عربية كانت قلعة دمشق منطلقاً لها من خلال ما شكلته هذه الآبدة من رمزية مادية لحضارات متعاقبة.
وتروي كنيب في فيلمها الذي عرض السبت في صالة زرياب للثقافة والفنون بانوراما متنوعة عن الدور التاريخي لقلعة دمشق امتد منذ الفترة السلجوقية عام 807م لتكون فيما بعد مقر حكم الناصر صلاح الدين الأيوبي منطلقاً منها لتحرير بيت المقدس إذ يتناول العرض السينمائي هذا الحدث بالتوازي مع توثيقه لمراحل التنقيب والترميم التي تمت بالتعاون بين مديرية الآثار والمتاحف والفريق الفرنسي بإدارة الآثارية صوفي بيرتييه.
ويتضمن الفيلم مشاهد من رحلة بحث استمرت منذ عام 1999 داخل قلعة دمشق باعتبار هذا الصرح كان مسرحاً لأحداث تاريخية مهمة استطاع أن يكون مرجعاً لأبحاث عديدة في علم الآثار المعاصر عكس مدى تطور التقنيات العسكرية العربية في القرون الوسطى وقيمة هذه الاكتشافات التي تمثلها القلعة لإمبراطورية امتدت من المغرب العربي إلى اليمن بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلادي.
ويكتشف مشاهد الفيلم منذ افتتاحيته على أسواق المدينة القديمة رمزية قلعة دمشق كحاضرة من الحواضر العربية الإسلامية لطالما تمتعت بملحقات عمرانية كالمدارس والبيمارستانات التي انتشرت في الفترة الأيوبية وكانت موئلاً للعلماء والأطباء والدارسين في المشرق العربي حتى خبا وهج هذا الصرح مع الغزوات المغولية انتهاء بالسيطرة العثمانية عام 1516م.
وتمكنت المخرجة كنيب من الإطلالة عبر هذا الفيلم على حيوية مدينة دمشق كونها من أهم مدن الفتوحات الإسلامية من خلال كاميرا جوالة في دهاليز الأسواق الشعبية لنشرف على أعرق الصناعات اليدوية التقليدية للدمشقيين دامجة بين حكايتين على ضفتي هذا النوع من الأفلام حيث زاوجت بين وجوه الناس وبين جهد فريق الآثار السوري الفرنسي المشترك الذي امتد عمله عشرين عاماً من العمل المتواصل في ترميم المقرنصات واللوحات والزخارف والرسومات الجدارية واللقى الفخارية والزجاجية.
وينقل الفيلم بحيادية بصرية الأدوار العديدة لاكتشافات الفريق المتعددة في محيط القلعة تنوعت بين عمائر وقصور وجنائن وحمامات ومساجد إضافة إلى قاعة استقبال مرموقة كان يستخدمها صلاح الدين لاستقبال زواره من قادة وملوك وأمراء.
ويدعم الفيلم لغته التوثيقية بشهادات مختلفة لكل من عالمة الآثار بيرتييه والحرفي السوري توفيق الباشا حيث عملا جنباً إلى جنب في إعادة الحياة إلى الآلات العسكرية التي كانت موجودة في قلعة دمشق وذلك عبر ورشة امتدت حوالي ثمانية أشهر نجح عبرها تقنيون وآثاريون ومختصون في علم الآثار التجريبي في إحياء أحد البراهين الدامغة على عبقرية وتفوق العلوم الميكانيكية الحربية عند العرب في العصور الوسطى والتي تم اقتباسها فيما بعد من قبل الأوروبيين في علم المعارك وكان أبرزها المنجنيق والبرقيل.
يذكر أن هذا الفيلم من إنتاج مديرية الآثار والمتاحف بالتعاون مع وزارة الثقافة وهو من تصوير المخرجة كنيب مع ميرتو شفايجيرت وترجمة الدكتور جمال شحيد.
شام نيوز - سانا