دياب: سورية بحاجة إلى وزارة للاستثمار

تقف هيئة الاستثمار السورية في الفترة القريبة على عتبة مجموعة من التغيرات الضرورية في طريقة تعاطيها مع الاستثمار في سورية الأمر الذي دفع بإدارتها نحو إعداد قانون جديد للاستثمار في سورية من المتوقع صدوره قريباً.
وتشير المعلومات الصادرة عن الهيئة مؤخراً إلى أن قانون الاستثمار المرتقب يتضمن أبعاداً لم يتضمنها المرسوم السابق أبداً من ناحية عملية تسيير الاستثمار في سورية نحو الداخل أو الخارج، إضافة إلى أبعاد جديدة لم تكن ملحوظة في كل الخطط الاستثمارية السابقة بهدف جعل الهيئة الاستثمار هيئة فاعلة أكثر على الخريطة الاقتصادية لسورية.
كما يشكل تيسير عمل المستثمر في ظل القانون الجديد أحد أهم التغيرات في طريقة رعاية الاستثمار والمستثمرين إلى فترة زمنية محددة إلى أن ينضج المشروع ويصبح قادراً على متابعة مشواره بنفسه.
مدير هيئة الاستثمار أحمد دياب تحدث في حوار مع «الاقتصادية» حول أهم التغيرات التي حدثت في الهيئة خلال الأشهر القليلة الماضية وأبرز التوصيات والتوجيهات القادمة من وزارة الاقتصاد والتجارة.
وكشف دياب في حديثه عن حجم الاستثمارات في سورية بما فيها المشروعات المشمّلة منذ بداية العام الحالي إلى جانب نسبة المشاريع المتوقفة من إجمالي المشاريع المسجلة.
كما قدم مدير هيئة الاستثمار توضيحات عن العقوبات الاقتصادية المفروضة مؤخراً على سورية وواقع أثرها الحقيقي في الاستثمارات في سورية.
كمدير لهيئة الاستثمار السورية، ما الذي قدمتموه لعمل الهيئة منذ توليكم المنصب؟
قمنا خلال الأشهر الماضية بإعادة النظر في كل ما يتعلق بعمل الهيئة عبر أتمتة أعمالها بشكل كامل بالتعاون مع المصرف التجاري السوري صاحب التجربة المميزة في هذا المجال، وتم تطبيق تجربته المماثلة في هيئة الاستثمار، ويمكن اعتبار الأعمال الورقية في الهيئة شبه ملغاة إلا من إصدار بعض الكتب الورقية إلى الخارج أحياناً ولكن الكتب الداخلية أصبحت جميعها إلكترونية.
كما تمت إعادة النظر بالنظام الداخلي للهيئة، وخلال العام الحالي سيتم إنجاز نظام داخلي جديد لها، الأمر الذي يتبعه إحداث بعض المديريات الجديدة كمديرية التعاون الدولي ودائرة الرقابة الداخلية مهمتها الاطلاع والتأكد من الالتزام بالقوانين والأنظمة وستكون لها مجموعة من الإجراءات السباقة والاحتياطية لتقوم بتدارك المشاكل قبل حدوثها، إضافة إلى توسيع وتفعيل دور المديريات الموجودة كمديرية المتابعة.
هل تتضمن الرؤية الجديدة للهيئة خطة تسويقية للمشاريع بهدف وصولها إلى الباحثين عن فرص للاستثمار؟
على اعتبار أن التعريف أكثر بالهيئة يتطلب إعلاماً بالدرجة الأولى، فقد أعدنا النظر في الموقع الإلكتروني لهيئة الاستثمار السورية عبر تفعيله أكثر وإعادة رسم الخارطة الاستثمارية السورية التي نجدها على العنوان التالي لموقع الهيئة (www. investinsyria. org) وأؤكد أنه يسجل حالياً عدد كبير من الزيارات ونسعى لتطويره بحيث يكون أكثر ديناميكية وقرباً للمطلع والزائر.
وبالنسبة للخارطة الاستثمارية، فقد قمنا بإدخالها بشكل جديد ونحن في طور تحميل نحو 110 دراسات جدوى اقتصادية جديدة عليها لعدد من الفرص الاستثمارية لتضاف إلى نحو 234 فرصة استثمارية موجودة أصلاً، وسنقوم مستقبلاً بإضافة دراسات الجدوى الاقتصادية لكل منها بحيث يكون للمستثمر فكرة كاملة عن المشروع في حال رغب في التقدم له.
كما أننا سنقوم بتزويد الخريطة الاستثمارية بصور للمواقع الاستثمارية وبجميع المعلومات عنها لتعطي المستثمر بعد زيارته للموقع فرصة للاطلاع على البنى التحتية الموجودة والعاملين في المشروع وغيرها من الأمور المتعلقة...
هل تحتاج كوادر العاملين في الهيئة إلى تأهيل وتدريب لتواكب مفاهيم الاستثمار أم ما زالت تبقي على خبراتها السابقة منذ تأسيس الهيئة؟
تقام في يومي الإثنين والأربعاء من كل أسبوع محاضرات في أعمال الهيئة بهدف خلق موظف قادر على الإلمام بكل أعمال الهيئة علماً أن كوادر الهيئة شابة وحديثة التخرج في معظمها، ومادمنا نحتاج إلى شيء من التخصص فقد أقمنا لذلك دورات بحيث تصبح هذه العناصر الجديدة قادرة على الترويج لأعمال هيئة الاستثمار السورية والدعاية للفرص الاستثمارية فيها وتقديم الانطباع العام والحقيقي عن عمل الهيئة.
كما أحدثنا شعبة لدراسات الجدوى الاقتصادية تم تدريبها من وحدة متخصصة من القطاع الخاص تقوم بعملية المشاركة في دراسات الجدوى المقدمة للهيئة، إضافة إلى تعاوننا مع برنامج الأمم المتحدة «برنامج تحسين البيئة الاستثمارية» حيث قدموا لنا من خلاله دورات وسننظم الشهر المقبل دورات في عملية الترويج ويحضر بذلك من الكويت متخصصون في محاضرات وبرامج الترويج عبر دورات مكثفة لتدريب كوادر في الهيئة.
كما أن هناك تعاوناً مع بعض الجهات المحلية لتحقيق المزيد من التدريب، ونعتمد على الإصدارات والنشرات للتواصل مع اتحاد غرف التجارة والصناعة والتنسيق مع مجالس رجال الأعمال.
كيف تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة بدورها في توجيه عمل الهيئة؟
هناك توصيات وتوجيهات دائمة من وزارة الاقتصاد والتجارة بأن يكون لهيئة الاستثمار السورية دور في جميع مراحل تنفيذ المشاريع حتى الوصول إلى مرحلة الإنتاج إضافة إلى عملها بجهد على مرسوم استثمار جديد يغطي جميع الاستثمارات في سورية.
ونضم صوتنا في الهيئة إلى صوت وزارة الاقتصاد والتجارة بأن تكون هناك «وزارة استثمار» فسورية بحاجة إلى هذه الوزارة لتقوم بتوحيد كل جهود القطاعات العقارية والسياحية وتكون مظلة للاستثمار، وبهذا الإجراء ستكون قدرتنا على الترويج للاستثمار في سورية بشكل أفضل، ويمكن أن نقوم بتكليف بعض الجهات الخاصة أو العامة ترويج الاستثمار في سورية، وأشير إلى أن فكرة وزارة للاستثمار طرحت على الجهات الوصائية ولاقت قبولاً مبدئياً ورضى وقريباً يمكن أن نشاهد هذه الوزارة للاستثمار في سورية كما في معظم الدول العربية لأن الاستثمار هو قاطرة النمو في البلاد.
ما حجم الاستثمارات في سورية منذ بداية العام الحالي؟
تم منذ بداية العام الحالي تشميل 142 مشروعاً استثمارياً بتكلفة استثمارية تصل إلى 45 مليار ليرة سورية وتشمل تلك المشروعات استثمارات محلية وعربية وأجنبية ولدينا 15 مشروعاً استثمارياً أجنبياً مباشراً بتكلفة 18 مليار ليرة سورية أي إن نسبة 37 بالمئة من المشاريع هي مشاريع أجنبية تركية ومصرية وغيرها..، وكان لدينا حتى نهاية العام الماضي 397 مشروعاً بتكلفة 90 مليار ليرة سورية، وهذا العام وصلنا إلى الرقم المذكور 45 ملياراً وما يميز مشاريع هذا العام بأنها مشاريع جدية أي إن المشاريع التي شمّلت العام الجاري ستبدأ في مرحلة التنفيذ الفعلية.
وشهد الشهران الماضيان تزايداً في عدد المشاريع المشمّلة وهو ما يدفعنا للتفاؤل، ومن خلال العروض وما يردنا من المستثمرين سنصل مع نهاية العام الحالي إلى أرقام جيدة ومميزة رغم أن طموحاتنا أكبر من ذلك، وما نشاهده قليل مقارنة بالبيئة الاستثمارية التي تتمتع بها سورية.
هناك مأخذ على الهيئة باحتساب المشاريع المتوقفة مع إجمالي المشاريع المسجلة على أنها مشاريع عاملة، ما ردكم؟
إن ما تم تنفيذه منذ بداية العام الحالي هو 10 مشاريع، أما عدد المشاريع قيد التنفيذ والتي من المتوقع الانتهاء منها خلال العام الحالي أو مع بداية العام القادم فيصل إلى نحو 42 مشروعاً استثمارياً، وهناك على سبيل المثال ثلاثة مشاريع أجنبية شبه جاهزة في محافظة درعا وتتابع عملها حسب الجدول الزمني المحدد وقد يكتمل بعضها قبل نهاية العام الحالي.
وأؤكد أن هناك التزاماً وجدية، ولكن ليس كل ما يشمل من المشاريع يبدأ بعملية التنفيذ فهناك تقصير في بعض القطاعات، فقطاعات الصناعة مثلاً نجد فيها عدداً كبيراً من المشاريع المشملة مقارنةً مع المنفذة منها، وفي المشاريع الزراعية نجد أنه على الرغم من أن المنفذ منها قليل ولكن أيضاً المشمّل منها قليل كذلك، في حين نسبة التنفيذ في قطاعات النقل أكبر.
ما الأثر الحقيقي الذي يمكن أن يطول الاستثمارات في سورية جراء العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة مؤخراً على قطاعات وشخصيات سورية؟.
لا بد أن يكون هناك أثر لتلك العقوبات ولكنه طفيف لأن عدد المشاريع المشملة بالاستثمار الأجنبي منذ بداية الاستثمار في سورية حتى تاريخه لا يتجاوز قيمته ملياري دولار وهي قليلة بالنسبة لعدد المشاريع المنفذة التي تصل إلى 3550 مشروعاً تقريباً حتى نهاية 2010 بتكلفة استثمارية تصل إلى 450 مليار ليرة سورية، أي إن حجم الاستثمارات الأجنبية التي ستتأثر بالعقوبات لا تتجاوز نسبتها 22 بالمئة من كامل حجم الاستثمار وبالتالي لن يكون للعقوبات وانسحاب بعض المشاريع ذلك التأثير الكبير، ولكننا نطمح أن يكون حجم الاستثمارات الأجنبية أكبر، وبالنسبة للمشاريع القائمة التي حصلت على تشميل سابق ما زالت مستمرة، في حين المشاريع الأخرى كالقطرية كانت مجرد دعاية وحديث للاستهلاك وليست طروحات جدية أو فيها تشميل جدي حتى إن الحديث عن محطتين لتوليد الكهرباء كان مجرد حديث وهو ما أكده وزير الكهرباء مسبقاً.
ونحن نطمح إلى حجم أكبر للاستثمارات عبر للوصول إلى المستثمرين السوريين المغتربين.
هل يمكن أن يرى المستثمرون السوريون المغتربون ما قد يعتبرونه مغريات للاستثمار في سورية بعد صدور قانون جديد للاستثمار؟
إن قانون الاستثمار الجديد الذي سنطرحه قريباً فيه الكثير من المغريات، وفي جميع الأحوال سيجد المستثمرون فيه شيئاً مميزاً عن سواه، ونقول من الآن إن لدينا رغبة في الاستثمار في بعض القطاعات حسب توجهات الخطة الخمسية 11 وخصوصاً في المشاريع الزراعية والصناعية والصناعات التحويلية والطاقة ومصافي تكرير البترول الأمر الذي سيجعلنا نركز على هذه الأمور إضافة إلى أن التوزع الجغرافي يسهم في سعينا كي يستهدف الاستثمار بعض المناطق التي وجدنا فيها فائض عمالة دون فرص للعمل وذلك بهدف حل جزء من مشكلة البطالة في سورية ولذلك سنمنح بعض المزايا للمناطق التنموية تحت عنوان (خريطة استثمارية) ولذلك قسمت سورية إلى مناطق استثمارية جغرافية وسيكون هناك أولاً توجه جغرافي للمناطق النائية وتوزع نشاطي ثانياً حسب ملاءمة كل منطقة.
إن ما نهدف إليه حالياً في هيئة الاستثمار السورية توجيه الاستثمار لا أن يقوم بتوجيهنا ونطمح من خلال المزايا والمحفزات إلى توجيه الاستثمارات باتجاه القطاعات التي ترغب دولتنا بالتوجه إليها.
ما عدد المشاريع التي تم تسجيل انسحابها مؤخراً بما فيها المشاريع القطرية؟
أؤكد أنه لم يكن هناك أي تشميل لمشروع وانسحب، ولكن كان هناك حديث لم نستهلكه إلا في الإعلام كالأحاديث التي سمعناها من الجانب القطري الذين دخلوا في المضاربات العقارية وأثروا في العقارات للأسف. وللأسف أيضاً فإن بعض الاستثمارات الأجنبية أتت فقط لعملية التطوير العقاري ودخلت في عمليات شراء للأراضي تبعها عمليات مضاربة ما انعكس على المواطن البسيط فأصبح امتلاك عقار بالنسبة له كالحلم، إذا هذا النوع من الاستثمارات كان له الأثر السلبي أكثر مما هو إيجابي.
الاقتصادية