ذوو الاحتياجات الخاصة في حلب

 

ربما يكون الرقم الذي تورده مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل وهو 38998 معاقاً هو رقم إحصائي صحيح لمن منح بطاقة معاق ولكنه بالتأكيد لا يعبر عن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في حلب والذين يفوقون هذا الرقم بأضعاف‏‏, وخاصة إذا علمنا أن تعريف المعاق يشمل جميع المصابين بإعاقات حركية وبصرية وذهنية وسمعية ونطقية ونفسية والمصابين بالشلل الدماغي وسبب تباين الرقم الرسمي من الرقم الفعلي عوامل عدة يأتي في مقدمتها ضعف الوعي بأهمية رصد الإعاقات في المجتمع فلا يتحرك الأهل لتسجيل ابنهم المعاق أو قد يخجلون من إظهار إعاقته وخاصة في مجتمع يحمل المعاق وصمة إعاقته وكأنه هو من تسبب بها ويجب أن يحمل وزرها عوضاً عن تقديم المساعدة له واعتباره ضحية زواج الأقارب أو حادثة ما أو ببساطة هذا قدره.‏‏

في المقابل هناك مسؤولية تقع على المجتمع الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الشريحة بتوفير المؤسسات التي يجب أن تحتويهم وتساعدهم على الاندماج بالحياة العادية وفي هذا الجانب نلحظ تقصيراً واضحاً سواء على مستوى بسيط كوجود ممرات خاصة في الأبنية العامة أو المشافي أو أبنية التعليم أو عند الإشارات إلا ما ندر أو على مستوى متقدم كوجود مؤسسات ترعى هؤلاء وتستوعبهم.. صحيح هناك معاهد خاصة بالمعاقين ولكن هل هذه المعاهد كافية لهم وتتضمن الوسائل المساعدة والمناسبة ؟.‏‏

القانون 34 قدم مكاسب للمعاق ولكن أين التطبيق؟‏‏

السيد ربيع تامر مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بحلب أوضح أن القانون رقم 34 لعام 2004 وضع أطراً قانونية لتعريف المعاق وللخدمات التي تقدم له حيث عرف المعاق بأنه الشخص غير القادر على أن يؤمن ضرورات الحياة الفردية الاجتماعية العادية لنفسه بنفسه سواء كان ذلك بصورة كلية أم جزئية بسبب قصور خلقي أو مكتسب في قدراته الجسمية أو العقلية وعليه فقد صدر قرار من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حمل الرقم 992 لعام 2008 وضع تصنيفاً وطنياً جديداً للإعاقة شمل الإعاقة البصرية من لديه كف البصر أي أقل من 1/10 بعد تصحيح البصر أو أكثر من 1/10 مع ساحة بصرية أقل من 20 درجة بالإضافة إلى المتأذي بصرياً الذي لديه أقل من 3/10 إلى جانب الإعاقة السمعية وتشمل الصمم ونقص السمع الحسي العصبي أكثر من 80 ديسيبل والإعاقة النطقية وتشمل البكم بالإضافة إلى الإعاقة الحركية وتشمل الشلل وفقدان الأطراف والقصور الحركية وهناك صنف آخر نص عليه القرار وهو الإعاقة العقلية والنفسية وتشمل الإعاقة العقلية (التخلف العقلي) والإعاقات النفسية التي منها اضطرابات النماء النفسي (الحبسة المكتسبة المصحوبة بالصرع) والاضطرابات النمائية الشاملة مثل التوحد إلى جانب الخرف والعته, وهناك تصنيف ثالث للإعاقة المتعددة.‏‏

وينوه السيد تامر إلى أن التصنيف الجديد لم يلحظ بعض الإعاقات ضمن أقسامه مثل الإعاقة النطقية للمرضى المستأصلة حناجرهم أو الاعاقة الحركية كالحدب الشديد أو أمراض المفاصل والعظام الخلقية والأمراض والتناذرات العصبية كداء باركسون والأمراض والتناذرات العصبية الوراثية المسببة للعجز كداء رنج فريد رايخ أو داء الرقص لهنتغون والصرع المعند.‏‏

هذا عن توصيف المعاق فما هي الخدمات التي تقدم للشخص إن صح وصفه بالمعاق؟‏‏

يقول مدير الشؤون الاجتماعية والعمل : إن القانون رقم 34 قد تضمن العديد من المكاسب للمعاقين إذ تم تشكيل مجلس مركزي ومجالس في المحافظات تتضمن في عضويتها عدداً من المعاقين وخبراء في شؤون الإعاقة وممثلين عن الجمعيات بهدف وضع برامج وخطط تهتم بشؤون المعاقين ودراسة الخدمات الصحية والنفسية والتربوية والاجتماعية والرياضية والمهنية الخاصة بالمعاقين كما نص القانون على تقديم خدمات وقائية مجاناً من خلال المؤسسات الصحية العامة وتخصيص مركز صحي للمعالجة الفيزيائية خاص بالمعاقين وتوفير التعليم الأساسي للمعاقين جسدياً في سن المدرسة سواء في مدارس التعليم النظامي أو في المعاهد وتخصيص عدد من المقاعد للمعاقين جسمياً في بعض كليات العلوم الإنسانية وان يستفيد صاحب المعمل في القطاع الخاص ممن يشغل معاقين زيادة عن النسبة المحددة للتشغيل من حسم على ضريبة الدخل وذلك بمقدار الحد الأدنى للأجر عن كل معاق وأن تراعي الوحدات الإدارية عند منح أي ترخيص بناء جديد حكومي أو خاص التقيد بالمعايير والشروط والمواصفات الفنية والهندسية والمعمارية الواجب توفرها لكي تلبي احتياجات المعاقين وحركتهم وأن يخصص في وسائل النقل العامة الجماعية مقاعد قريبة من الأبواب يلصق عليها الشعار الخاص بالمعاقين وأن تعفى من جميع الرسوم الجمركية مستوردات الأجهزة الخاصة بالاستخدام الشخصي للمعاق وأن تعفى معاملاته الشخصية من رسم الطابع كما يعفى من رسم دخول الأماكن العامة الأثرية والثقافية.‏‏

ويمنح المعاق ومرافقه بطاقة تخفيض بنسبة 50% في وسائل النقل العامة الجماعية البرية والبحرية والجوية وأن يتم صرف إعانات مالية للأسر الفقيرة التي تتولى رعاية المعاقين بالشلل الدماغي ويضيف السيد تامر أن هذه الإعانة هي إعانة شهرية حسب توفر الاعتماد وليست راتباً كما يظن الكثيرون وقد بلغت هذه الإعانة الشهرية في حلب حوالي 9 ملايين ليرة ولكن يضيف أن جزءاً من هذه المكاسب قد وجدت طريقها إلى التطبيق والآخر متعثر فبالنسبة لمعاهد الشلل الدماغي فالأرض جاهزة ولكن لم يرصد الاعتماد علماً أن المعهد قد طرح في مناقصة عام 2007 وفشلت المناقصة حينها وكذلك حال معهد المعاقين في منبج الذي أدرج ضمن خطة المديرية لعام 2011 ولم يرصد له الاعتماد وهو للعلم مشروع هام إذ يستقطب المعاقين في الريف الذين يجدون صعوبة في القدوم إلى حلب وهذا ضمن رؤية المديرية في خدمة المعاقين في الريف بمعاهد تدريسية علاجية.‏‏

إما المعاهد الموجودة حالياً فهي معهد المكفوفين ومعهد الصم والبكم ومعهد الأمل للمعوقين ذهنياً ومعهد الأمل للمعوقين حركياً ومعهد التأهيل المهني للمعوقين وكلها معاهد تعمل بالتشاركية مع الجمعيات الأهلية بالإضافة إلى بعض الجمعيات المهتمة بشؤون المعاقين ولديها مراكز تعليمية وتدريبية متخصصة بنوع من الإعاقات ولكن يبقى أعداد المعاقين أكبر من أن تستوعبهم هذه المعاهد وحالياً هناك مشروع لدمج المعاقين في المدارس العامة يمكن أن يساعد في عملية العناية وتعليم هذه الشريحة.‏‏

صعوبات وصعوبات‏‏

يرى مدير الشؤون الاجتماعية والعمل أن الاتساع الجغرافي لمحافظة حلب يحد من سهولة تقديم الخدمات للمعاقين فيها ويؤدي بالتالي إلى إهمالهم من قبل الأهل الذين قد يستصعبون الأمر وقد يخجلون من عرض مشكلة ابنهم أمام المعاهد المتخصصة مع التأكيد أن عملية دمج المعاق بمجتمعه هي مهمة إنسانية تجعل المعاق يشعر بأهميته في مجتمعه وتساعده على التخلص من الرواسب الذهنية التي قد يحملها عن نفسه وقال السيد تامر:‏‏

لقد تم تشكيل لجنة في كل محافظة من مديريات الشؤون والصحة بالإضافة إلى المحافظة لدراسة مدى ملاءمة الإعاقة لطبيعة العمل الذي يقدم عليه المعاق وبذلك يتم وضع المعاق في المكان المناسب.‏‏

نظرة إلى الواقع‏‏

لقد وضع القانون 34 أساساً نظرياً سليماً يحقق الكثير من المكاسب للمعاقين ولكن هل تمكن المعاقون من الاستفادة منها؟ إنها نظرة إلى الواقع تبين أنه بعيد عن الحالة المثالية فتوفير معاهد خاصة بالمعاقين يجد الكثير من الصعوبات وضعف التمويل وأغلب الأبنية المبنية العامة والخاصة لا تراعي شروط الترخيص فيما يتعلق بوجود مداخل خاصة للمعاقين.. أما وسائل النقل العام فلا القطاع العام يلتزم بها ولا الشركات الخاصة التي تستثمر الخطوط تلتزم بوضع مقاعد خاصة للمعاقين أو منحهم على أقل تقدير حسماً 50% بل الكثير منهم قد ألصق ورقة يبين فيها أن ذوي الاحتياجات الخاصة غير معفيين من أجرة الركوب فمتى ستجد هذه المكاسب طريقها إلى التطبيق؟.‏‏

  

 شام نيوز - الجماهير