رام الله : وسط البلد مغلق حتى العيد

منظر ليس معتاداً في رام الله والبيرة، حيث تم تجميع أكثر من 400 بسطة في مكان واحد هو موقف سيارات بيرزيت وأريحا في أول شارع الإرسال، منذ يوم السبت الماضي انتقلت سيارات الأجرة بالقرب من مقر المقاطعة، وحل مكانها مهرجان من البسطات فيه كل ما يمكن أن يتخيله المواطن، من ملابس، أحذية، مأكولات، وأدوات منزلية، قرطاسية وزي مدرسي، وأدوات كهربائية خفيفة، باختصار تجد هناك كل ما تحتاجه ولا تحتاجه.
الملفت للانتباه أن غالبية أصحاب البسطات في "مجمع البسطات المؤقت" جاؤوا من خارج محافظة رام الله طلباً للرزق، ولاغتنام حلول العيد، غالبيتهم حضروا منذ يوم الجمعة اليتيمة، وبدأوا بوضع بسطاتهم في الشوارع، لكن مسارعة عناصر الشرطة في منعهم من التواجد في الشوارع وعلى الارصفة وإجبارهم على التواجد في مكان واحد لم يرق لغالبيتهم، الذين اعتبروا أن الأمر يدخل في باب "قطع الأرزاق".
أصحاب البسطات القادمون من بيت لحم و الخليل وأريحا وأطراف القدس يبيتون قرب بسطاتهم، فهذه الأيام على حد تعبيرهم "أيام رزق" وممكن أن يعيشوا على أرباحها حتى موعد عيد الأضحى أي بعد نحو شهرين.
من اللافت أيضاً أن كثيراً من أصحاب البسطات ليسوا تجار تجزئة أو يعتاشون من البيع طوال العام، بل هناك موظفو حكومة وقطاع خاص، وطلبة جامعات، قرروا الاستفادة من هذه الايام والتفرغ عدة أيام للبيع على البسطة لأنه كما قال محمد نصار صاحب بسطة أدوات منزلية وهو موظف من بيت لحم "أكل العيش بدو ركض وتعب".
الرائد فريد لدادوة مدير العلاقات العامة في شرطة رام الله أكد على أهمية خطوة جمع البسطات في مكان واحد، لتنظيم المدينة، والحد من الازدحام، وقال لـ "الأيام": في العيد الفائت وصلت رام الله الى حد كان من الصعب على المواطنين المشي في الشوارع بعد أن احتل أصحاب البسطات جميع الأرصفة، لكن هذا الأمر لن يتكرر هذا العام.
ما تقوم به الشرطة لم يرق لأصحاب البسطات الذي اعتبر عدد منهم "المجمع المؤقت" منفى، وقال الطالب الجامعي حمزة مناصرة الذي يدير وشابين من أقربائه بسطة أحذية: "في العيد الماضي كنا نبيع قرب دوار المنارة والكل يرانا ويشتري، أما اليوم الناس يمرون هنا بالصدفة، ولا يعرفون أنه تم تجميع البسطات منذ بداية الأسبوع في هذا المكان البعيد عن وسط البلد".
أما ما يزعج البائع علاء الفحيلي من الخليل فهو: "الأجرة التي دفعها للقائم على مجمع السيارات والتي بلغت 200 شيكل، وعلق: "دفعت هذا المبلغ الكبير مقابل أربعة أيام، وإذا كان الخميس هو أول أيام عيد الفطر أكون قد خسرت يوم عمل كامل، هذا مبلغ كبير على بائع بسطة لكن لا أحد يهتم بنا".
أما إيهاب فرعون صاحب بسطة فريدة من نوعها "بسطة سياحية" حيث يقوم بوضع الرمل الملون داخل الزجاجات الفارغة بشكل جميل، فقال: "هذا اول عيد أعمل فيه برام الله، مكاني الأصلي هو عند مسجد العزير في العيزرية، لكن سمعت من أصدقائي أن الكثير من أهالي المحافظات يأتون الى رام الله ما يحسن الحركة التجارية فقررت الحضور".
بعض الشوارع الرئيسية في رام الله يتعذر على المواطنين الدخول إليها بسياراتهم الخاصة أو حتى سيارات الأجرة، حيث تقوم عناصر الشرطة بإغلاقها والسماح بدخولها على الأقدام فقط، منعا للاختناق المروري الذي تضاعف السيارات منه، على سبيل المثال شارع ركب، والشارع المؤدي الى دواري المنارة والساعة، يتم إغلاقها لساعات نهارا وليلا.
ويعلق لدادوة: "إغلاق الشوارع يتم بشكل جزئي وفي ساعات الذروة منعا للاختناقات المرورية، آلاف المواطنين يتسوقون ويتجولون في الشوارع ولا السيارات ستزيد الازدحام سوءا في شوارع رام الله الضيقة أصلا".
في حمى العيد ليس التسوق ما ينشط فقد، بل التسول أيضا، فهناك نشاط ملحوظ ومكثف للمتسولين والمتسولات، الكل يسابق الزمن في ابتزاز المواطنين عاطفيا ودينيا للحصول على أموالهم في نهاية الشهر الكريم.
وعلى النقيض من العام الماضي، حيث شنت الشرطة حملة لمكافحة التسول وأكدت فيها أن عقوبة من يعتقل من المتسولين قد تصل الى ثلاثة شهور، لم نسمع هذا العام عن أي حملة من الشرطة، بل إن من يتجول في شوارع المدينة بإمكانه أن يلتقط عشرات الصور لعناصر شرطة يمارسون عملهم في حفظ النظام قرب المتسولين، دون أن يضايق أي طرف الآخر.
عشرات المتسولات في رام الله اتخذن أماكن إستراتيجية، والامر السيئ إستغلالهن للأطفال حيث تحرص كل امرأة منهن على حمل طفل صغير على حضنها.
من يعرف المدينة جيدا يدرك أيضا أن وجوها جديدة وغير مألوفة للمتسولين والمتسولات وفدوا الى رام الله مع حمى العيد على أمل أن يكون لهم فيه نصيب.
شام نيوز - صحيفة الايام الفلسطينية -