"رحلات" الخبز والبنزين..!

شام إف إم - هند الشيخ علي
يقود وائل سيارته إلى محطة وقود بالقرب من مكان عمله، قائلاً إن هناك أحاديث تدور في المكاتب وعلى الأرصفة وفي بعض أشكال التجمعات حول أزمة بنزين تلوح بالأفق، وسط غياب أي تصريح رسمي عن الأمر.
يضيف وائل الذي التقيناه داخل مركبته الصغيرة وهو يجفف حبات العرق عن جبينه بوشاح، إنه تعلم - منذ زمن - أن يكون مستعداً للأزمات سواء وقعت أم لا.. ويتابع ضاحكاً: "قد تكون هذه الإيجابية الوحيدة المصاحبة للأوقات الحرجة كهذه!"، راجياً أن يحصل على مخصصاته قبل نفاد الكمية وسط انتظار هو على صفيح ساخن حقاً مع ارتفاع درجات الحرارة حالياً بهذا الشكل!
وائل حدثنا -وهو على بعد أكثر من عشر مركبات من دوره المنتظر- عن رحلة الحصول على الخبز التي خاضها أمس، يقول عنها: "تشبه رحلة اليوم، ولكن وقوفاً على الأقدام.. رغم أنني لا أعرف إن كانت كلمة رحلة مناسبة حقاً، إذ يُعرف عن الرحلة أنها مكان تمضي فيه وقتاً طويلاً نسبياً، تكتشف فيه أشياء جديدة، تتعلم عن أخرى بشكل أكبر، تلتقي بآخرين من أجناس وأنماط مختلفة ربما، إنما تتسم بمعظمها أنها "رحلات حلوة"، ولهذا أحاول البحث عن مفردة تناسب ما خضته أمس من أجل خبزي بما أنه لم يكن "رحلة حلوة" بالمرة.. يتساءل: "هل يمكننا استخدام كلمة معركة؟".
يعرف من يسكن هذه البقعة من الأرض مشاهد الازدحام والصفوف الطويلة حق المعرفة، كيف أنها قد تمتد وتتوزع في جميع الاتجاهات حول نقطة واحدة منشودة -فيها المُنى وإليها تُمد الأيادي- ويبدو التعامل معها عمل بطولي بالمطلق في قائمة طويلة من الأعمال البطولية التي أضحت اليوم عادية وروتينية.. يحوله البعض إلى رحلة أو "سيران".. وقد تكون فعلاً كذلك، مع ندرة احتمالات "الرحلات الحلوة" منذ زمن!