كمأة

رحلة البحث عن الكمأة بديرالزور ملطخة بالدماء

ملفات

السبت,٠٤ آذار ٢٠٢٣

مالك الجاسم – ديرالزور – شام إف إم

لم تعد رحلة البحث عن الكمأة في بادية ديرالزور الجنوبية رحلة اعتيادية، بل باتت رحلة تحمل الكثير من المخاطر، ولا يكاد يمر يوم إلا ويكون هناك ضحايا من المدنيين نتيجة انتشار الألغام في مناطق انتشارها، والتي تتركز في غالب الأحيان على الجهة الجنوبية للمحافظة في مناطق "الشولا" و "كباجب" و "هريبشة"، وحسب المعلومات التي حصلنا عليها من الهيئة العامة لمشفى الأسد فإن عدد الضحايا منذ بداية العام وحتى الآن وصل إلى 24 حالة وفاة، و 62 إصابة مختلفة تراوحت بين الخفيفة والمتوسطة، وبعضها وصل إلى حد التعرض للبتر إن كان في القدم أو اليد، وهذه الحوادث جميعها سجلت على الجهة الجنوبية للمحافظة.

وخلال هذا العام شهدت أسواق محافظة ديرالزور موسم وفير لفطر الكمأة وهذا الفطر مرتبط ظهوره بالهطولات المطرية الغزيرة المترافقة بالبرق والرعد لذلك تسمى الكمأة بـ "بنت الرعد" ولها أنواع عدة ويختلف سعرها نتيجة النوع وحجم الثمرة.

أما مناطق انتشارها فهي تتركز كما ذكرنا على الجهة الجنوبية لمحافظة ديرالزور إضافة إلى مناطق البادية من جهة الحدود مع الأردن والعراق وبشكل دائم تكون أسعار الكمأة في ديرالزور أرخص من باقي المحافظات نتيجة ارتفاع أجور النقل وهذا العام تراوحت أسعارها بين 10 آلاف ليرة وحتى 100 ألف ليرة.

وحول الكمأة وقيمتها الغذائية فقد تحدث لـ "شام إف إم" الدكتور "فواز عبود الحاجي" من جامعة الفرات قسم البساتين:

"الكمأة " فطر ينمو برياً، وهو بسيط في تكوينه وتركيبه، ويتميز بمذاقه الطيب الذي لا يضاهيه أي نوع من النبات أو اللحوم، ضمن مجموعة الفطريات، وينمو برياً في البراري والصحارى، ويعتبر من الفطريات الشحمية فهي كروية الشكل تنمو تحت سطح الأرض، ولها أنواع منها: "الزبيدي" وهو أبيض اللون وقوامه طري، و نوع آخر يعرف بـ "كمأ الجبا"، ولونه أحمر إلى بني داكن، وقوامه أصلب من "الزبيدي"، وأشهر أنواع كمأة الصحراء هو: النوع الإفريقي الذي يعتبر من أفضل الأنواع، وكانوا يستوردونه من شمال إفريقيا وهو كمأ له غلاف أبيض ومذاق طيب.

 ويضيف "الحاجي" قائلاً: لوحظ منذ القديم وجود علاقة بين ظهور "الكمأة" ووجودها، حيث تشاهد تلك النباتات فكمأة الغابات يرتبط وجودها بأشجار معينة منها: البلوط والزان والبندق، وكمأة الصحراء يرتبط وجودها بأعشاب معينة منها: "الرقروق" أو "الأرقة".

 وعرفت الكمأة منذ القديم، وذكرت بكتب عديدة وارتبط ظهورها بأمطار الخريف، وبخاصة إذا صاحبتها عواصف رعدية وبرق. وتصبح من أفضل الأغذية في الربيع. وتنمو "الكمأة" بلا جذور، وتكون محاطة بالتربة من جميع الجهات، ولا يلاحظ حولها سوى خيوط دقيقة، وتنمو في أراض رملية جافة تنمو بها شجيرات، وتتميز بألوانها فمنها: الأسود والأحمر والأبيض. ولا يقتصر حب الكمأة على الإنسان، بل تجذب الكثير من الحيوانات والحشرات، فبعض الخنافس تطير متجهة إليها من بعد يزيد عن 500 متر، وبعض القوارض تسير نحوها من بعد عدة أمتار، واستخدمت هذه الخاصية في بعض الدول لتحديد أماكن تواجدها.

ويتابع "الحاجي" حديثه أما القيمة الغذائية للكمأة تحتوي على ماء مقداره 75 – 80 % من وزنها، وإن نوع الزبيدي أكثر ماء من نوع الجبا وأهم مكوناتها هي البروتين، حيث تحتوي على بروتين بنسبة 16 – 19 % من وزنها الجاف، والزبيدي أكثر بروتيناً من الجبا، وكلا النوعين غني بالأحماض الأساسية.

وكانت هناك محاولات لاستزراع الكمأة بعد أن عرفت بارتباطها الكلي مع ظهور بعض أنواع النباتات وتمكن الفرنسيون منذ عشرات السنين من زراعتها، إلا أن ذلك لا يتم بالزراعة العادية إذ يسبق ذلك عملية زراعة أشجار البلوط والبندق وغيرها، وبعد نجاح زراعة الشجر تنثر في التربة تقاوى الكمأة وهي أجزاء من كمأة سابقة ويمكن الحصول على محصول من الكمأ بعد فترة تتراوح بين ست سنوات وحتى عشر سنوات من تاريخ الزراعة، أما بالنسبة لكمأة الصحراء فلم يسبق لأحد أن قام بها فذلك يحتاج لدراسات طويلة.  

وفي محافظة ديرالزور يفضلها الكثيرون عن طريق السلق وبعضهم يفضلها مع البيض والرز واللحمة وهناك من يحتفظ بها عن طريق عملية تجفيفها أو ما يعرف في اللهجة العامية " الشقيق" وحديثاً يتم الاحتفاظ بها في الفريزر أو الثلاجة.

كمأة
فطر
ألغام
نباتات
دير الزور